وفي ما يلي نص اللقاء:
• الى اين وصلت المباحثات الثنائية حول ما يتعلق بالجرف القاري بين الكويت وإيران؟
– المباحثات الثنائية بدأت بين الكويت والجمهورية الإسلامية بكل شفافية وحكمة ونأمل من اللجنة العليا المشترك التي ستعقد في الكويت بالقريب العاجل بين وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد ونظيره الإيراني علي اكبر صالحي ان تدرج على جدول أعمالها، لا سيما ان هناك عزما بين البلدين لبحث ملف الجرف القاري ومناقشة آخر التصورات التي وضعتها اللجنة المشتركة لحسم الموضوع بشكل نهائي من منطلق إيمان حرص الجانبين على معالجة الملفات بشأن البلدين في أسرع وقت لأهمية العلاقة التي تربط بينهما.
• ما رأيك بشأن الفوبيا الخليجية من الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟ ولماذا العلاقة بين الجانبية في توتر دائم؟
– لا يوجد هناك ما يسمى الفوبيا الخليجية، وأظن ان هذا الأمر هو صنيعة من قبل القوى الكبرى التي تحاول أن تضخم ملفات الخلافات العالقة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودول مجلس التعاون، وظهور هذا المصطلح يعود الى دول لديها مصالح في المنطقة وتود ان توسعها، فتحاول إثارة المخاوف بين الجانبين للحصول على المزيد من المكاسب.
وأمر طبيعي ان يكون هناك خلافات في وجهات النظر بين الجانب الإيراني وجاراتها من الدول الخليجية، لكن هذا الأمر لا يستدعي أن يكون هناك أي خوف من إيران التي دائما ما تحرص على علاقتها بين أشقائها من دول الخليج.
والجمهورية الإيرانية الإسلامية تؤمن بمبدأ التعايش السلمي على مر التاريخ، فكل دول العالم لديها خلافات مع جيرانها وحل القضايا لا يمكن أن يأتي من خارج دائرة التفاهم والحوار بين أطراف القضية، ولم تبادر إيران في يوم ما الى الاعتداء على جيرانها ودائما ما نطمع الى تحقيق السلام مع أشقائنا وتقوية رابطة الإخاء بين جيراننا، وحتى في ما يتعلق بالنظام العراقي البائد حين شن حربا على بلادنا لم نفكر في يوم بالاعتداء على دولة العراق او أخرى، بالرغم من كبر حجم معاناة الشعب الإيراني أنذاك.
*شبكة التجسس
• هناك اتهامات توجه الى إيران بضلوعها بالوقف خلف أحداث البحرين وشبكة التجسس الإيرانية في الكويت واحتلالها للجزر الإماراتية؟
– ليسا لدينا أي تدخل في الشأن الداخلي للمملكة البحرين، فقد سادت الاضطرابات فيها منذ أشهر عديدة وليس هناك دليل واحد يثبت ضلوع إيران في ثورة الشعب البحريني، وهذا ما اثبتته لجنة بيسوني لتقصي الحقائق التي أمر بتشكيلها ملك البحرين حمد بن عيسى، وربما بسبب أن معظم الشعب البحريني من الطائفة الشيعية وكون إيران دولة شيعية يتوهم البعض ان إيران تدعم أبناء المذهب الشيعي من الشعب البحريني الشقيق.
وفي ما يتعلق بشبكة التجسس المزعومة في الكويت، فإيران تعتبر أي تدخل خارجي في شأن الدول أمرا محرما شرعا، وهذا ما لا يتسق مع مسار توجه الجمهورية الإيرانية وليس لإيران أي تدخل في الشأن الداخلي لدولة الكويت، فالعلاقات بين البلدين أكبر من ذلك، ونأمل معالجة هذا الأمر في القريب العاجل وإطلاق صراح هؤلاء المتهمين الأبرياء في أسرع وقت ممكن، وليس لإيران أطماع خارجية فنحن نحاول أن نكون دولة مستقلة تدافع عن سيادتها وأراضيها لا أكثر.
وفي ما يتعلق بشأن الجزر الإيرانية فإننا نطمح للاعتدال والسلام وبناء الثقة لاسيما مع جيراننا وان كرامة وسيادة الأراضي الإيرانية يجب احترامها، فنحن نؤيد التعاون لحفظ السلام في المنطقة ونحرص دائما على معالجة أي خلاف بالتحاور والتفاهم دون تدخلات خارجية التي لا تجلب سوى التوتر والشقاق في علاقات الدولة وجاراتها.
*مواقف متناقضة
* كيف لك ان تفسر لنا تناقض المواقف الإيرانية تجاه الربيع العربي، فمرة يدعم أحداث البحرين، ومرة يقف الى جانب النظام السوري ويدعمه؟
– ذكرنا مرارا ان على الحكومة السورية ان تراعي حقوق الشعب السوري وتحترمه، وتوفر له كل ما هو ضروري لتحقيق الإصلاحات السياسية المنشودة، ونطمح إلى تعزيز الاستقرار في سورية، لأننا نعتبرها من دول الصمود ضد الاحتلال الصهيوني.
ولا نريد من الآخرين التدخل في الشأن الداخلي السوري، خصوصا ان هدفهم من التدخل هو زعزعة أمن المنطقة لمصلحة الكيان الصهيوني، والأمر الآن واضح لنا، إذ ازداد تعقيدا في الساحة السورية نتيجة التدخل الأجنبي، في المقابل لو لم يكن هناك تدخل لاستقرت الأمور في سورية.
ونحن نؤكد مجدداً موقفنا الداعم لكل جهد من شأنه وقف اراقة الدماء وأعمال العنف لاستتباب الامن والسلام في ربوع الشام دون أي تدخل في الشؤون الداخلية لسورية أو الاعتداء على سيادتها، لأن الشعب السوري شعب حضاري وعريق ويدرك تماما أهمية وحساسية الأرض التي يعيش عليها.
أما موقفنا عن الشأن البحريني فإننا نرى ان هناك تفاوتا كبيرا بينه وبين الشأن السوري الذي نجد فيه تدخلا واضح المعالم، بينما الأمر ليس كذلك في البحرين، فهناك مطالب شعبية وخلافات بين الحكومة والشعب، ويجب حلها بين الطرفين، وعلى الحكومة البحرينية مراعاة حقوق شعبها.
• هل تسعى إيران الى تشكيل هلال شيعي مع العراق وسورية وحزب الله؟
– الأقاويل عن تأسيس وتشكيل هلال شيعي غير صحيحة، فهو لا يخدم بلداننا، فنحن نطمح إلى تعزيز العلاقات مع كل دول المنطقة لتكريس الأمن فيها حتى لا نحتاج الى تدخل خارجي وأجنبي، فعلاقتنا مع سورية والعراق والبحرين والكويت والامارات علاقة أشقاء، ويربطنا مصير واحد علينا ان نتحكم فيه، ودائما نسعى لردم الهوة بين الشيعة والسنة لإيماننا بأن الشيعي، الذي لا يؤمن بالسنة النبوية لا يكتمل دينه، وكذلك الحال مع السني الذي لا يؤمن بأحقية أهل البيت.
+العلاقة مع العراق
• لإيران خلافات مع أطراف سياسية عديدة داخل العراق، باستثناء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، كيف ترى ذلك؟
– إيران اليوم حريصة على ان تربطها علاقة جيدة مع الشعب العراقي، وعلى الطرفين استثمار الوقت لتعزيز أواصر الترابط بين الجانبين ودول المنطقة، فالبلدان قدما اكبر عدد من الضحايا خلال الحرب مع النظام العراقي السابق، ونؤمن بأن التقارب عندما يرتبط بالمصالح المشتركة يولد علاقة آمنة ورصينة.
كما نرى ان العلاقة لابد ان تعود بالنفع على كلا الطرفين، فنحن لا نبحث في العراق عن مصالح مادية بل نعمل على تكريس السلام والقوة المستدامة، لان مثل هذا الأمر يدفع الشعبين الى تحقيق المزيد من الأهداف التجارية والاقتصادية التي تعود بالنفع على الشعبين، وهو الامر الذي نطمح له مع كل دول المنطقة، ومعالجة مشاكلنا بالحوار والتفاهم لتحقيق المصالح التي يطمح لها شعوبنا.
• الى أين وصلت الجهود في البحث عن المواطن الكويتي المفقود حسين الفضالة؟
– بصفتي سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية تابعت موضوع المواطن الكويتي المفقود، ولم نجد له أي أثر في إيران، فما المغزى من وراء الاحتفاظ بمواطن مظلوم في ايران؟ وأي عقل ومنطق يقبل هذه الفرضية؟
كما سبق لإيران ان سلمت كويتيين اعتقلا في ايران رغم انتهاكهما القانون الايراني، وذهبت شخصيا الى طهران للإفراج عنهما، والحكومة في ايران حريصة على معالجة مثل هذه الأمور بحكمة، ايمانا منها بأهمية العلاقة التي تربط البلدين، وتعمل جاهدة على حل كل القضايا العالقة.
*الملف النووي
• الى اين وصلت المباحثات بشأن الملف النووي الإيراني ودول (5+1)؟
– جولة المباحثات الاخيرة التي جرت في اسطنبول بين الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي في الجمهورية الاسلامية الايرانية سعيد جليلي ودول (5+1) بشأن الملف النووي الإيراني كانت بناءة وجرت في أجواء مشجعة ومرضية، حيث حقق المفاوضون تقدماً ملموساً لردم الهوة التي تفصل بين الجانبين، ونحن متفائلون بإيجاد أرضية للحوار الجاد والبناء تؤدي الى انجاح العملية التفاوضية بمشاركة الجانب الايراني والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن علاوة على المانيا.
ونعقد الآمال على مباحثات بغداد المقبلة في 23 مايو، لتكون فرصة للجانب الآخر لإثبات جديته واستعداده لحسم الملف عمليا وميدانيا واتخاذ مبادرات ملموسة، بعد أن برهنت طهران على حسن نواياها وتمسكها بحقوقها الثابتة واصرارها على عدم التراجع قيد انملة عن حقوقها المشروعة مهما تفاقمت الضغوط.
إن ثقة طهران بعزم وإرادة الطرف المقابل على معالجة الملف ليست كافية، إذ إن التجارب الماضية كمبادرة مقايضة الوقود النووي وبيان طهران مع تركيا والبرازيل لم تثبت حسن نية المفاوض الغربي، فضلاً عن مساع محمومة لبعض التيارات المشبوهة التي تحاول تشويه المناخ الإيجابي السائد حالياً على أجواء المباحثات، والذي نأمل من مجموعة 5+1 أن تحول دون عمل هذه الأبواق المسمومة التي تسعى إلى وضع العصي في عجلة المباحثات وعرقلتها، وسوف نخوض المباحثات المرتقبة التي يستضيفها العراق بكل تفاؤل لتعزيز الثقة والاتفاق على القضايا الجوهرية، وأهمها مواصلة المباحثات دون شروط مسبقة، وإذعان القوى الدولية الست بحقوق الشعب الإيراني المشروعة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وإلغاء الحظر المرفوض على بلادنا والعقوبات الاقتصادية وإنهاء القضايا الملفقة حول الملف النووي، لاسيما أن أطر المباحثات قد تعينت في اجتماع إسطنبول.
*عقوبات دولية
• ماذا عن القلق الذي يساور الدول الغربية من إنتاج الأسلحة النووية في إيران؟ وما موقف إيران من العقوبات الدولية؟
– طالما برهنت إيران خلال السنوات الماضية على سلمية نشاطاتها، وحرصها على مطابقة كل المنشآت النووية لمعايير التقييس وضوابط الجودة العالمية وتأكيدها فتوى الإمام الخامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية، التي تنص على حرمة تصنيع الأسلحة النووية وتجرم استخدامها، وتشير إلى أن أي استخدام للسلاح النووي يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان، ويمثل جريمة ضد الإنسانية، كما استنكر الرئيس محمود أحمدي نجاد الصمت الدولي إزاء الترسانة النووية الصهيونية، مشيراً إلى أن الدول التي تمتلك السلاح النووي اليوم هي التي تمارس الضغوط على الوكالة الدولية ضد الدول التي لا تمتلكها، وان إيران تسعى إلى جعل العالم خالياً من الأسلحة الذرية.
إن فتوى الإمام الخامنئي يمكن أن تفتح باباً لإنهاء الحساسية غير المبررة لدى القوى العالمية الكبرى إزاء النشاطات السلمية والعلمية الإيرانية.
وفي ما يخص العقوبات مع كل ما أوجدته من عراقيل لكنها ضاعفت من عزم وإرادة أبناء الشعب الإيراني لتحقيق الاكتفاء الذاتي ونيل الاستقلال الحقيقي، فإننا نعتبر أي عقوبات جديدة هي خطوة سلبية وخاطئة، وأن أي إلغاء لهذه العقوبات غير القانونية
وغير المنطقية خطوة حكيمة وعقلانية لتعويض الهفوات السابقة. ولاشك أن أي قرار يتخذه قادة الدول المعنية سيترك بصماته على مسيرة المفاوضات المقبلة.
*العلاقة مع مصر
• إلى أين وصلت مسيرة العلاقات الإيرانية – المصرية لاسيما بعد ثورة 25 يناير؟
– أنا متفائل بإدارة البلدين الصديقين، لأن استئناف العلاقات بين البلدين سيعطي مصر قوة دفع جديدة على المستويين السياسي والاقتصادي، إذ إن إيران تعتبر البوابة الرئيسية لدول آسيا الوسطى، وباستطاعة مصر الوصول إلى 450 مليون إنسان يعيشون في هذه البقعة عبر طهران، كما ان القاهرة هي مفتاح إفريقيا وهمزة الوصل بين قارتي آسيا وأوروبا، ومن الطبيعي أن هناك أجندات تخشى تواصل هاتين الدولتين المهمتين وتقلق على مصالحها من التعاون الاقتصادي الإيراني- المصري.
إن تطوير العلاقات بين بلدينا لن يخدم الشعبين الصديقين فحسب، بل سيعزز السلام والأمن في كل المنطقة ويوفر الأجواء للتنمية البشرية والاقتصادية.
*أسبوع ثقافي كويتي في طهران قريباً
شكر السفير الإيراني روح الله قهرماني الدعوة من قبل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالتعاون مع المستشارية الثقافية بالسفارة، في إطار الاتفاقية الثقافية والفنية الموقعة بين البلدين لاستضافة الكويت فعاليات الأسبوع الثقافي الإيراني، والذي يفتتح مساء يوم الأحد المقبل على مسرح الدسمة، بحضور رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية د. محمد باقر خرمشاد، والأمين العام للمجلس الوطني علي اليوحة.
بين السفير أنه من المتوقع أن يشهد إقامة أسبوع ثقافي كويتي في طهران قريباً يعكس للمتلقي الإيراني التطورات التي تشهدها الكويت في الساحة الثقافية والإعلامية، وألا تقتصر هذه النشاطات على أسبوع واحد كل عام، فالعلاقات بين بلدينا أوسع من ذلك وفي تطور مستمر، والقواسم المشتركة بين شعبينا المسلمين لا تعد ولا تحصى