كتبت روابي البناي:
تحدثت من قبل عن طغيان المادة وحب المظاهر على حياة البعض بشكل عام، لكني سوف أتحدث اليوم عن طغيان المادة والمظاهر على حياة البنات على وجه الخصوص، والتي أصبحت للأسف كالإدمان في مراحله المتقدمة، يصعب الفكاك منه. فتجد هذه الفتاة تنام وتصحو على ثلاثة أساسيات وضعتها نصب عينيها هي: ماذا سألبس؟ وكيف سأسافر في الصيف؟ وأي طقم الماس سأشتري لحضور زفاف صديقتي؟
هذه الأساسيات تكون طبيعية جدا لو كانت هذه الفتاة مقتدرة ماديا، ولا توجد لديها أي مشاكل في تحقيق هذه الرغبات، لكن لو كانت هذه الفتاة من فئة الرصيد البنكي الذي لا يتعدى عشرة دنانير منذ الأسبوع الأول من الشهر.. كيف ستلبي متطلباتها اليومية والحياتية التي تتعدى طموحها ومستواها المعيشي والاجتماعي؟ وكيف ستجاري بنت فلان الفلاني وتحافظ على صداقتها وهي أساسا بنت نعمة وخير، ولا تحتاج الى أن تضع راتبها الشهري بأكمله رهن البنك وشركة الأقساط وغيرها؟
ماذا ستفعل هذه الفتاة التي تحلم بأن تتزوج واحدا من أكبر عوائل الكويت لكي تعيش ملكة زمانها وتنعم بفلوسه وفلوس والده؟ ولكي تحظى بحفلة زفاف يتحدث عنها المجتمع الكويتي لمدة شهر من كثرة المطربين الذين أحييوا حفلها وشبكتها التي صنعت خصيصا لها في إيطاليا بتوقيع أكبر مصممي المجوهرات في العالم؟
كل شيء له ثمن، وغالبا ما يكون الثمن غاليا جدا، لكن عند هذه الفئة من البنات لا يهم الثمن الذي سيدفع في سبيل تحقيق رغباتهن وحبهن لهذه المظاهر الكذابة.. وأدعوك عزيزي القارئ لكي تبقى معي في رحلة الكشف عن أحدث الطرق التي تنتهجها بعض الفتيات «المرتزقة» في إيقاع فريستهن السهلة من الرجال.
أولا: طرارة من العيار الثقيل
تعتبر الإشارة الضوئية المحاذية لنادي اليخوت نقطة تمركز بعض الفتيات «المرتزقة» اللاتي جعلن من أنفسهن سلعة رخيصة للذي يدفع أكثر. أما لماذا هذه الإشارة مهمة، فلأنهن يصطدن عندها ضحاياهن الذين يخرجون من النادي، على اعتبار أن من يخرج من نادي اليخوت رجل «خمس نجوم» لأنه يملك مرسى يخت هناك، وهذا يعني انه صيد ثمين لهن ويدفع ويستطيع أن يلبي طلباتهن كافة التي تجعلهن يجارين صديقاتهن «بنات الجخ».
قال لي صديق أثق به وبمصداقيته أنه في مساء الثلاثاء المنصرم كان خارجا من نادي اليخوت وتوقف عند الإشارة الضوئية. فتوقفت إلى جانبه سيارة بورش آخر موديل تقودها فتاة جميلة واضح عليها النعمة من طريقة «رزتها» في السيارة، وساعتها الألماس التي تبرق من بعد مترين، ويجلس بجانبها طفل صغير، وفي المقعد الخلفي «متقلقصة» خدامة.
بدأت هذه الفتاة تخطف النظرات على صاحبنا وهي تحادث صغيرها الذي يجلس بجانبها، ثم تبادلا بعض الابتسامات عند الإشارة الضوئية، التي على أثرها توحدت وجهة السير بين «راعية البورش» وصاحبنا الذي كان خارجا من نادي اليخوت، ولم يكن بأحلى هيئته، ولم يكن يقود سيارته الكشخة، ولكن توجهت السهام اليه لكونه خارجا من نادي اليخوت.
وبعد عدة نظرات خاطفة وابتسامات خجلى بين صاحبنا و«أم البورش الكشخة» توقفا جانبا لكي تبدأ رحلة التعارف، ودار هذا الحوار الذي أنا على يقين بأنه سوف يسبب لك عزيزي القارئ صدمة كبيرة كالتي سببها لي عندما نقله لي هذا الصديق الذي قال:
بدأت بإلقاء التحية عليها، فردت علي بأحسن منها. وسألتها: هذا ولدج؟
أم البورش: ايه ولدي! (الصراحة ونعم الأم، الجنة ستكون في متناول يديها، ولدها بجانبها وهي متوقفة تاخذ رقم).
الصديق: الله يخليه لج ان شاء الله
أم البورش: مشكور، بس ما قلتللي انت من وين طالع؟ (جنها ما تدري).
الصديق: والله طالع من نادي اليخوت.
أم البورش: ايه ما شاء الله، إنزين علشان ما أعطلك وانا أتأخر، خلاص عطني رقم تلفونك وانا ان شاء الله اكلمك (انا أعلم بأن الرجل هو الذي يتحايل على المرأة بأن تأخذ رقم تلفونه، لكن هذه الأيام انعكست الآية).
الصديق: خلاص هذا رقمي سجليه عندك.
أم البورش: الحين راح اتصل فيك وسجل رقمي عندك.
الصديق: اوكي.
أم البورش: انزين بقولك لو سمحت..
الصديق: تفضلي قولي
ام البورش: عندك فلوس؟ محتاجة مبلغ الحين ضروري، وان شاء الله لما اكلمك راح ارجعه لك.
تلعثم الصديق وانربط لسانه من هول الصدمة، فهو لم يكن يتوقع أن هذه الفتاة «البورشية» الكشخة، أم الساعة التي تبرق اللي متسمته وولدها يمها والخدامة متقلقصه ورا تطر فلوس؟
فقال لها: والله انا تدرين طالع من النادي وما معاي كاش.
فقالت له: عادي تبي الحقك للبنك علشان تسحب وتعطيني؟ (لزقة عنزروت)
الصديق: لا ما اقدر انزل البنك وانا بلبسي هذا، لازم أروح البيت أغير ملابسي.
أم البورش: خلاص انا راح اودي ولدي البيت، وراح اتصل فيك بعد ساعة تكون انت بدلت وضبطت امورك وسحبت لي فلوس.. اوكي؟
الصديق: ان شاء الله
طبعا هذا الصديق «طاقه عقر بقر» حتى اليوم من الذي رآه وسمعه من الفتاة «البورشية»، فكيف يمكن لهذه البنت الكشخة التي تسوق سيارة قيمتها فوق الثلاثين ألف دينار أن توقف واحدا لا تعرفه في الشارع وتطلب منه فلوسا؟ كيف وصلت إلى هذا المستوى من دناءة النفس؟ ولماذا؟ هل هي فعلا محتاجة الى الفلوس؟ وإن كانت محتاجه لماذا لا تبيع السيارة التي تركبها حتى تسد حاجتها بدل ما تطر من الرجال في الشوارع؟ هذا إن كانت هذه السيارة ملكها وليست ملك مكتب التأجير الذي جعلها توقع على كمبيالة توديها في ستين ألف داهية إن تأخرت بترجيع السيارة عن موعدها المحدد.
ثانيا: خطة الأرض أرض السادوحية
«محدش ياخدها بالساهل» هذه العبارة هي الشعار الذي ترفعه بعض الفتيات اللاتي أخذن على عاتقهن اصطياد رجل ثري، وليس أي ثراء فلا بد أن يكون ثراء محترما، وذلك لسد احتياجاتهن ومتطلباتهن التي لا تنتهي. ولكن في سبيل إيقاع هذا الرجل بشباكها لابد من أن تكون هناك استراتيجيات وخطط تتبعها هذه الفتاة ومنها أن تكون قد نفخت وجهها بالبوتكس، ونحتت جسدها بمشرط الدكتور في لبنان (هذا إن كانت حالتها مقتدرة بعض الشيء) وفي إيران (إن كانت حالتها على قد حالها)، واستأجرت أو اشترت سيارة كشخة يستحوذ قسطها الشهري على راتبها كله، ولديها لبس يتماشى مع أحدث خطوط الموضة العالمية، وتجيد بعض اللغات (لزوم البرستيج)، فإن كانت هذه الفتاة لديها كل هذه المقومات فإنها سوف تسعد بوقوع أحد «الخرفان» بشباكها وهي تضحك.
طبعا عندما تقوم هذه الفتاة برسم خطة لإيقاع رجل من هذه النوعية، وأقصد هنا ممن تترواح أعمارهم بين 35 و50 سنة لأنها لا تحب «اليهالوه»، وتكون عملت بحثا معتبرا على رصيده البنكي وأسهمه في البورصة، وتأكدت أن سيارته «بنتلي» ليست ايجارا كحالتها، تباشر بتطبيق الخطة، وبالتردد على الأماكن التي يرتادها هذا الرجل، وعادة ما تكون ناديا صحيا عشر نجوم لا يدخله إلا نخبة المجتمع الكويتي.
وبما أنها ليست عضوا في هذا النادي لأنه فوق مستواها تجدها «تتحبل» لهذا الرجل في مواقف السيارات، وتوقف سيارتها بجانب سيارته، وتنتظر لحظة خروجه من النادي وهو بكامل أناقته الرياضية، وتبدأ بتطبيق الخطة التي رسمتها وهي:
ما ان تلمح هذا «الخروف» خارجا من النادي حتى تجدها تنزل من السيارة وهي بكامل أناقتها وكشختها وريحتها الفواحة، وتحاول أن تمثل بأنها تبحث عن شيء ضائع في السيارة. ثم تفتح الباب المجاور لسيارة هذا «الخروف»، وهي طبعا تتعمد أن تطيل الوقوف عند الباب المجاور لسيارته، فيبدأ هو بالاستئذان لكي يركب السيارة، وتبدأ هي بالدلع والغنج المصطنع، وتعتذر لأنها عطلته، وتحاول بدء حوار معه مع شوية نظرات مزيفة، ومن هنا تغمز السنارة وتبدأ رحلة جر «قرون هذا الخروف»، فيكون تبادل الأرقام.
وبعدها بمدة قصيرة جدا تجدها تبدأ اسطوانة الطرارة الكشخة، فتقول له ان سيارتها الجاكوار في الوكالة وتحتاج إلى الفي دينار حتى تطلع من الوكالة، أو تقول ان عيد ميلادها بعد يومين وبخاطرها عقد الماس من «الفارس»، أو أن البنك ذبحوها بالاتصالات ويهددون بتحويلها إلى الشؤون القانونية لأنها تأخرت بسداد مبلغ بطاقة الائتمان visa.
وفي هذه الحالة إما أن تكسر خاطر هذا «الخروف» أو أن تجلس في الشاليه أو الاستراحة الخاصة به تقدم خدماتها له وتأخذ المقابل، فهذا الخروف لا يدري أنه الضحية رقم مائة لهذه النصابة التي في سبيل الوصول الى جيبه لا يهمها وجودها معه بالشاليه وبيعها لنفسها وشرفها وشرف أهلها الذين وضعوا ثقتهم بها.
ويا ريت الأمر ينتهي ويتوقف عند علاقتها بهذا الرجل، لكنها بعد أن تسحب ما في جيبه تلف على «الخرفان» أصحابه، التي تصر عليه أن يعرفهم عليها. فهي توهمه بأنها تحبه وتغار عليه ويجب أن تعرف كل تحركاته ومع من يجلس ويخرج، وهو بكل غباء وسذاجة يعطيها أسماء أصدقائه وارقام تلفوناتهم، وفي بعض الأحيان يعزمهم وهي موجودة. وهنا تبدأ مرحلة رمي شباكها وتسبيل عينها على خروف ثان يكون «أمتن» ورصيده يهز أكثر من الذي سبقه. يأخذ هو الذي يريده منها وتأخذ هي الذي تريده من فلوسه ونفوذه ومعارفه لتمشية معاملاتها.
كل هذا وأكثر تقوم به بعض «بنات إبليس» المرتزقة ضعاف النفوس في سبيل ركوب سيارة كشخة، او لبس ساعة ماركة، أو حمل حقيبة من مجمع الصالحية، فتجدهن يرمين أنفسهن وينزلن من قدرهن في سبيل هذه الكماليات.
لذلك أقول لكل الرجال، وليس «الخرفان»، احذروا فخطط بعض البنات «نفاذة» وتغلب في كثير من الأحيان خطط أسامة بن لادن الجهادية، وخطط أحمد نجاد بتحدي الإدارة الأميركية.. والله يعينكم لأن كيدهن عظيم…
آخر الكلام
كل الشكر والتقدير إلى أستاذي الفاضل علي البغلي على مكالمته وتشجيعه لي وكلماته التي أثلجت صدري واعتبرها وساما كبيرا من انسان كبير. فشكرا جزيلا وإن شاء الله اكون عند ح سن ظنك وظن كل من تعجبه كتاباتي.
وكل الشكر والتقدير والاحترام لكل قرائي الذين أعطوني من وقتهم الثمين، وكتبوا لي تعليقا على مقالي الأخير سواء بالتأييد أو المعارضة، وهذا ما أعتبره نجاحا لي لأن هناك تفاعلا مع الموضوع قد حصل. وأحب أن أؤكد أنني أحترم كل ما يرد من آراء وتوجهات، سواء معارضة أو مؤيدة لما أكتبه، لأنني أؤمن بشيء واحد هو أن الاختلاف بالرأي لا يفسد للود قضية.
وأخيرا أحب أن أبارك لأهلي أهل الكويت نزول الأمطار والبردي والجو اللندني العجيب الذي شهدته البلاد الأسبوع المنصرم، وأنا احلل هذا بشيء واحد هو غياب المطبلين و«المهاوشجية» أعضاء مجلس الأمة، فما ان جرى حل المجلس حتى هلت بشائر الخير على الكويت، وعشنا فترة هدوء وسكينة نتمنى من الله أن يديمها علينا.