جريدة القبس : 7/4/2009
كتب : يوسف عثمان المجلهم
لا يظهر الفساد فجأة بل يمر بمراحل، فهو يبدأ ببذرة ليصبح شجرة، ثم تتكاثر أشجار الفساد في كل مؤسسة حكومية خصوصا، وتتشابك أغصانها فيعيش الناس تحت ظلال أشجار الفساد.. يتنفسونه كل صباح ويشعر بمرارته الشرفاء في كل ساعة، فما مراحل الفساد؟ وفي أي مرحلة من مراحله تعيش الكويت؟
1 ــ مرحلة الالتصاق القانوني: يبدأ المفسد عمله في احدى المؤسسات الحكومية، ويعمل جاهداً حتى يتبوأ مركزا حساسا ويبدأ المفسد بعرض وطنيته واخلاصه على مسؤوليه، أو مستغلا طائفته أو قبيلته أو عائلته للوصول إلى عضوية مجلس إدارة الجمعيات التعاونية أو المهنية أو الرياضية أو حتى العضوية في مجلس الأمة.. هذه المرحلة تولد في كل المجتمعات الحديثة والقديمة.
2 ــ مرحلة النمو: في هذه المرحلة يبدأ بالتسلق على أكتاف الشرفاء، ويتلاعب بالأوراق ويظهر الاخلاص ويشوه صورة الشرفاء، أو يستغل بعض البسطاء من طائفته أو قبيلته أو جماعته حتى يصل المفسد إلى أماكن القرار.. وصل بعض المفسدين في الكويت إلى أماكن القرار في هذه المرحلة.
3 ــ البطانة: في هذه المرحلة تكون للمفسد حاشيته وبطانة السوء التي تعينه على الافساد، وما أكثر المتطوعين لهذا العمل والذين يعيشون على الفتات! وقد تعدى المفسدون هذه المرحلة قبل الغزو العراقي للكويت، وعلى الرغم من قلتهم في ذلك الوقت، لكنهم استطاعوا تسيير بعض الانشطة في الكويت، خصوصا عندما حُل مجلس الأمة في عام 1986 (تسير المراحل الثلاث في الخفاء).
4 ــ مرحلة الظهور: وهي مرحلة مهمة بالنسبة لهم، وهي تقمص صورة الشرفاء. فاستغلوا قانون المطبوع والمرئي، فكانت لهم صحف تدافع عنهم، وبعض القنوات الفضائية التي تجمل صورهم، وقد اجادوا في اقامة الندوات الوطنية، واقناع بعض البسطاء بأنهم وحدهم يستطيعون انقاذ البلد. ألم نسمع بعض المسؤولين وبعض نواب مجلس الأمة يتغنون بحب الوطن، وهم يحملون جنسية لبلد آخر، أو يكون ولاؤهم لايران وغيرها لا للكويت؟!.. ألم نر ان من يسرق البلد في الصباح نشاهده في الليل على احدى القنوات الفضائية يدافع عن المال العام، وهي برامج في ظاهرها وطنية وفي حقيقتها معول هدم للنسيج الاجتماعي الكويتي؟! تعيش الكويت هذه المرحلة في هذه الأيام.
5 ــ قتل الشرفاء: وهي مرحلة خطيرة نعيشها منذ خمس سنوات.. عندما تجرأ المفسدون على الشرفاء وتم تشويه اعمالهم الناصعة البياض، مستغلين في ذلك صحفهم وقنواتهم لتلويث سمعة الشريف في نظر بعض البسطاء.. ألم يحارب د.عادل الصبيح، د.معصومة المبارك، د.يوسف الابراهيم، د.محمد الجارالله، اللواء محمد السبيعي، اللواء محمد البدر، وأخيراً وليس بآخر الفاضل أحمد باقر والفاضلة نورية الصبيح والمهندس محمد العليم؟! ألم تشوه سمعة كل هؤلاء، لأنهم فكروا لحظة ما في الوقوف ضد المفسدين، واستطاعت وسائلهم الإعلامية الفاسدة ان تبعد معظم الشرفاء من أماكن القرار؟! وهذه من أخطر المراحل التي تمر بها الكويت، وعلينا مواجهتها بالوسائل القانونية والمتاحة حتى لا يتساقط الشرفاء واحداً تلو الآخر، وحتى لا نصل إلى المرحلة الأخيرة من مراحل الفساد، لذلك لا بد من إعادة الشرفاء إلى سُدة القرار، وهم غير مجهولين. فالشعب والحكومة يعرفونهم جيدا، ألم تفرح الكويت عندما صوت مجلس الأمة بالاجماع للعم عبدالعزيز العدساني لرئاسة ديوان المحاسبة، ومثله كثيرون الذين يستطيعون انقاذ الوطن والمواطن؟!.. لذلك، كلنا ثقة بحكمة حضرة صاحب السمو الأمير ــ حفظه الله ورعاه ــ في ان يعيد هؤلاء الشرفاء إلى سدة القرار.. وكلنا ثقة بالشعب الكويتي، والانتخابات على الأبواب في ان يختار الشرفاء لعضوية مجلس الأمة.. ان المرحلة المقبلة مرحلة مصيرية، فإما دحر المفسدين واما منحهم وسام الانتصار.
6 ــ المرحلة الأخيرة هي مرحلة قهر الرجال، حيث يتعدى المفسد سرقة المال العام إلى اغتصاب الأموال الخاصة، وحتى الأعراض.. وتنمو هذه المرحلة في ظل الأحكام الدكتاتورية وغياب الحريات.. وستبدأ هذه المرحلة في الكويت اذا حُل مجلس الأمة حلا غير دستوري.