جريدة الجريدة : 2/4/2009
كتب : محيي عامر
أرجع رئيس التجمع الإسلامي السلفي النائب السابق مرشح الدائرة الثانية خالد السلطان حالة عدم الاستقرار السياسي وحالة التأزيم بين السلطتين الى صراع الأسرة الحاكمة التي حمّلها الشق الأكبر من المسؤولية، اضافة الى عدم قدرة الحكومة على مواجهة التهديدات النيابية، مطالبا بإعادة آلية اختيار رئيس الوزراء والوزراء بحيث يُعطى المجلسُ الحقَّ في طرح الثقة بالتشكيلة الحكومية قبل اعتمادها، كما أبدى رفض التجمع السلفي دمج ولاية العهد برئاسة الوزراء. من جهة أخرى، أكد السلطان في حواره مع «الجريدة» أن التجمع السلفي لن يصوت مع قانون الاستقرار الاقتصادي بشكله الحالي، وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:
• بداية كيف تقيم أداء المجلس السابق؟
ـ بالنسبة لأداء الأغلبية كان مميزاً، وكان هناك أغلبية حريصة على استقرار الحياة النيابية والبعد عن التأزيم، وبالتالي الدفع في اتجاه تحقيق انجازات ترضي مصالح الشعب الكويتي، وللأسف كان هناك قلة تسببت في تأزيم الوضع السياسي وعدم استقرار الحياة النيابية في الكويت، ويجب ألا يؤخذ المجلس بأداء الأقلية، وما كنا نحتاجه هو قدرة الحكومة على مواجهة الأحداث داخل المجلس والحفاظ على الاستقرار بحيث أن يخرج الى حيز الانجاز دور الأغلبية، ولأول مرة في تاريخ المجلس يحدث تعاون وتنسيق بين قاعدة عريضة من النواب من مختلف التوجهات، اذ كان هناك توافق بينهم لما يخدم المصلحة العامة، ويبقى لنا أن نعرف أن المجلس المنحل استقام تسعة أشهر فقط، منها أربعة اجازة وشهران عطلت فيهما الحياة النيابية بسبب تقديم الاستجواب الأول لرئيس الوزراء، ثم فترة الاستجواب الثاني لرئيس الوزراء، فيصبح عمر المجلس محصوراً في ثلاثة اشهر أو أقل، ومع ذلك حققنا العديد من الانجازات.
• من تحمّل المسؤولية المجلس ام الحكومة؟
ـ المسؤولية مشتركة بين السلطتين، وتتحمل الحكومة الجزء الأكبر، ونحتاج حاليا حكومة قوية تستطيع المواجهة وقلب ثقافة التهديد وعلو الصوت التي تستطيع الأقلية من خلالها تسيير الأغلبية من خلال ممارسة الضغط والتهديد على الحكومة.
• لماذا لم تتعامل الحكومة مع الاستجوابات وفق الأطر الدستورية طالما كان معها الأغلبية؟
ـ نحمل صراع أبناء الأسرة الشق الكبير من حالة عدم الاستقرار، ونحمل مجلس الأمة ببعض نوابه جزءا آخر، فهذه قضية مشتركة، وتتحمل الحكومة مسؤولية عدم مواجهة التهديدات.
• ذكرت أن صراع الأسرة كان أحد أسباب عدم الاستقرار، فهل تتفق مع الرأي الذي يقول ان كثرة الاستجوابات المقدمة لسمو الشيخ ناصر المحمد سببها أبناء عمومته؟
ـ أعتقد أن هذه المقولة فيها كثير من الصحة، والاستقرار السياسي من شروطه ولوازمه حسم صراع أبناء الأسرة.
• هل هناك أطراف خارجية تسيطر على عدد من النواب؟
ـ لا أريد الدخول في تفاصيل هذا الموضوع لكن الجزء الأساسي من جوانب التأزيم والاستجوابات سببه صراع الأسرة، ولو حسم هذا الصراع لاختفي التأزيم من المجلس.
استهداف «السلفي»
• كيف تقيّم أداء التجمع السلفي في المجلس السابق، وهل أنت راض عن أدائه؟
ـ كان اداؤه متميزاً، وسعى نحو الحفاظ على الاستقرار والبعد عن التأزيم والعمل على الانجاز، وفتح أبوابه للتعاون مع الكتل والأفراد للاتجاه نحو مصلحة البلد، وتقدم بمجموعة من المشاريع تخدم التنمية والتطوير، وهذا ما سنتحدث عنه في فترة لاحقة، اضافة الى مواقفع العديدة، والتي لم يُفهم بعضها الفهم السليم ولم يصل الى القاعدة الشعبية بسبب تشويه بعض وسائل الاعلام لمواقف التجمع السلفي في قضايا محددة، من بينها قانون الاستقرار الاقتصادي، وقروض المواطنين، فما اثير كان هدفه استهداف التجمع.
• هناك من النواب من يتبنى قضايا شعبية بهدف دغدغة مشاعر المواطنين وكسب الأصوات الانتخابية مثل موضوع اسقاط القروض… ما تعليقك؟
ـ منهج التجمع السلفي والسلفيين هو الصدق في جميع معاملاتهم مع المواطنين، وبالتالي ابتعدوا عن أسلوب تسجيل مواقف لا جدوى لها هدفها فقط هو كسب الأصوات الانتخابية، وفي جميع المواقف والقضايا كان التجمع السلفي سباقاً في النظر الى مصالح الشعب الكويتي وقضاياه بواقعية، فلا يجوز أن نأخذ موقفا متشددا وصراعات من دون نتيجة، فلا بد أن نكون واقعيين والدفع بالمشاريع التي تخدم المواطن لا التي تهدف الى دغدغة المشاعر.
• ما موقف التجمع من قانون الاستقرار الاقتصادي الذي صدر بمرسوم ضرورة، هل ستصوتون معه أم ضده؟
ـ موقفنا كان واضحاً من قانون الاستقرار الاقتصادي بأنه جاء قاصرا ويخدم فقط شريحة البنوك، وليس حلا للأزمة الاقتصادية، ومن هذا الباب ومن بعض الجوانب الشرعية التي انتهى اليها مشروع الاستقرار لنا موقف منه، ومن الصعب التصويت لصالحه.
• يعني هل ستصوتون ضده؟
ـ أتوقع أننا سنصوت ضده، لعدة أسباب أولاً أن القانون لا يؤدي الى المهمة المطلوبة، فيركز فقط على البنوك، فضلاً عن وجود جوانب غير شرعية، اضافة الى وجود كلفة سياسية عالية دون مردود اقتصادي ناجع، فهناك قصور كبير، اذا إن القانون يعجز عن ايصال السيولة لقنوات وشرايين الاقتصاد، وعجز عن تقديم حزمة لتنشيط عجلة الاقتصاد، وعن النظر بعض الشيء لجانب مكونات الاقتصاد، خصوصاً المواطن، فتنشيط الاقتصاد يكون من خلال اعطاء بعض المزايا للمواطن، فالاجراءات بحاجة الى جلوس ومناقشة قد يكون أحدها تخفيف العبء على المواطنين في ما يتعلق بقضية القروض.
• وما رأيكم بتعديلات كتلة العمل الشعبي على القانون؟
ـ أخذنا بما يوفي مخاوف ويعالج مخاوف التكتل الشعبي في قضية قانون الاستقرار الاقتصادي (اتحدث كلجنة مالية واقتصادية) بحيث أنه لا يلغي القانون وبنفس الوقت يضع الضوابط المطلوبة، وأضفنا في اللجنة المالية مواد تلزم الحكومة بتقديم تقرير فصلي عن كل حالة يتم اصدار ضمان مالي لها لكل شركة ولكل فرد مبيناً المركز المالي والحالة المالية والملاءة المالية وقدرة الشركة على الوفاء بالضمانات التي قدمتها، وهذا يوفر رقابة لاحقة حتى لا يتم الشك في طريقة تنفيذ القانون، وهذه في الواقع تجزي عن ما تقدمت به كتلة العمل الشعبي بشأن اصدار قانون لكل ضمان، الذي ينفي الحاجة الى اصدار قانون من هذا الشكل، وهذا موقفنا داخل اللجنة المالية، اما موقف التجمع السلفي فهو ثابت من هذا الموضوع.
خطاب رئيس السن
• ما برنامج التجمع الاسلامي السلفي في هذه الانتخابات؟
ـ الى الآن لم نحدد، لكن حينما يفتح باب الترشيح ونحدد المرشحين سيكون هناك طرح كامل للقضايا التي سيتبناها التجمع والتي لن تختلف عن القضايا التي تم طرحها في الانتخابات الماضية، واذا نضع عنواناً للتجمع في الحملة الانتخابية، فاعتقد خطاب رئيس السن في افتتاح المجلس السابق يعطي مؤشرا للتوجه الذي يمكن أخذه في «رسالة الى ناخب» ويضاف اليه التطورات في المرحلة الأخيرة.
• كم مرشحاً للتجمع الاسلامي السلفي في هذه الانتخابات؟
ـ الى الآن لم نحدد لكن سنكون في الدوائر الخمس، وسنرشح سلفيين مستقلين في بعض الدوائر الخارجية، وهذا يرجع الى دراسة الأوضاع هناك من قبل التجمعات داخل هذه المناطق.
• كيف قرأتم الخطاب الأميري؟
ـ أعتقد أنه كان مؤثراً ومدلوله كان كبيراً، ويجب أن تتم قراءته بتمعن من قبل المرشحين ومن سينجح من أعضاء المجلس القادم، وفي تقديري الذي في الصورة هو مستقبل الحياة النيابية في الكويت، فالشعب متذمر لما آلت اليه الأوضاع، ومثل هذا التذمر قد يساهم في احتمالات غير سارة في مستقبل الحياة النيابية، واحمل المرشحين وأعضاء المجلس القادم مسؤولية الحفاظ على مستقبل الحياة النيابية في الكويت.
• ما رأيك في سمو الشيخ ناصر المحمد وهل تؤيد عودته الى رئاسة مجلس الوزراء؟
ـ أعتقد أن سمو الأمير حسم هذه القضية، والشيخ ناصر المحمد أدى مهامه وأدى ما عليه، ونترقب المرحلة القادمة وما سينتج عنها.
• يعني هل تؤيد عودته؟
ـ قلت أن الموضوع مرحلة وقام بدوره في المرحلة السابقة، وما عرفته أن الموضوع حسم في تغيير موقع رئيس الوزراء، وهذا قرار سمو الأمير، وبالتالي ننظر الى المستقبل ولا ننظر الى الوراء، ونقول أنه شخص ادى دوره في مرحلة وكان متعاونا في الحقيقة مع المجلس، ونتمنى له التوفيق.
التجمع و«الدمج»
•هل أنتم كتجمع مع دمج ولاية العهد برئاسة الوزراء؟
ـ لا نؤيد العودة الى ربط رئاسة الوزراء مع ولاية العهد، وندعو الى أن تظل مستقلة، ويكون تكليف رئاسة الوزراء لشخص قادر أن يتعامل مع المرحلة القادمة ومواجهة التحديات، وما قد يؤدي الى تأزيم داخل المجلس.
• أعربت اكثر من مرة في المجلس السابق عن تفاؤلك، وأن لا حل للمجلس أو استقالة الحكومة، وانتهى الأمر بالحل والاستقالة، فعلى اي أساس بنيت تفاؤلك؟
ـ كنت متفائلاً بدور المجلس في التعامل مع هذا التأزيم، لكن الحكومة لم تستفد من هذه الأغلبية التي كانت تسعى للحفاظ على الاستقرار السياسي.
• وماذا عن المرحلة المقبلة؟
ـ في الأفق توجد غيوم سوداء، وهذه رسالتي الى المرشحين وأعضاء المجلس القادم، فعليهم مسؤولية الحفاظ على الحياة النيابية في الكويت، والوضع وصل الى درجة استياء القاعدة الشعبية في الكويت، الذي كما سبق وأن ذكرت قد يدفع هذا الاستياء الى حلول غير مرضية في النهاية.
«روشتة» علاج حالة الاحتقان
لخص السلطان «روشتة» علاج لحالة الاحتقان السياسي بين السلطتين في أولاً يجب ان يكون من خلال حسم صراعات الأسرة، وثانيا تغيير أسلوب التكليف الوزراي سواء رئاسة أو أعضاء، بحيث يكون لمجلس الأمة دور في طرح ثقة مسبقة لاعتماد موقع رئيس الوزراء أو الوزراء، وثالثاً من خلال تكوين حكومة قادرة على تحقيق انجازات تنهي حالة تذمر الشعب الكويتي من تأخر الحكومة في معالجة قضايا عالقة، والدواء الأخير لعلاج حالة عدم الاستقرار هو الوعي الشعبي في اختياره للنواب.
قانون الاستقرار ولحم الخنزير
في رده على سؤال عن الحملة الشرسة التي تعرض لها شخصياً، واتهامه بالاستفادة من قانون الاستقرار الاقتصادي، وماذا عن قصة الخمور ولحم الخنزير؟ أجاب السلطان بقوله: «لنبدأ بقانون الاستقرار، فهناك من ادعى بأنه ثبت قطعياً بأن خالد سلطان استفاد من قانون الاستقرار الاقتصادي، أولاً ليكون ثبت قطعيا استفادتي فيجب ان يكون في البداية أقر القانون، وعرف موقفي من التصويت على القانون، واستفادت إحدى الشركات منه، لكن القانون لم يقر، وخالد سلطان لم يعرف تصويته، ولا توجد شركة استفادت منه، لأن قانون الاستقرار لا يتعامل مع شركات، وليس هناك ما يقدم للشركات، ولا شركات القطاع الانتاجي، فجميع الضمانات التي تصدر لصالح البنوك للحفاظ على النظام المالي فقط، ففحوى هذا القانون في أبوابه الثلاثة ضمانات تقدم للبنوك للحفاظ على سلامة البنوك وليس لأي شركة. أما ما دار في القضايا الأخرى فأعتقد أن ردنا كان واضحاً فيها، ونأسف أن يتخذ البعض مثل هذا الأسلوب في الاساءة والتشويه بادعاءات غير صحيحة، وتلبيس الكلام بطريقة توحي بارتكاب أشياء محرمة، والله المستعان على ما حصل».