جريدة القبس : 30/3/2009
كتب : خليفة مساعد الخرافي
إن بلداً مثل الكويت يرفل شعبها في بحبوحة من العيش والرفاهية، كما يتمتع هذا الشعب المحظوظ بحرية الصحافة، وحرية الفكر، وحرية السفر والتنقل، والتنعم بنعمتي الامن والديموقراطية داعين الله ان يديمهما علينا، فالكويت بحمد من الله وفضله بلد متماسك، والدولة مسؤولة عن شعبها مسؤولية تامة من المهد الى اللحد، حتى المعاش التقاعدي الدسم يحسدنا عليه الكثير من الدول الاخرى نظرا لكبر حجمه، وهذا جميعه بسبب ايرادات البترول الكبيرة والاحتياطي النفطي الضخم الذي حبانا الله به، اضافة الى كرم وعطاء القيادة وعطفها على شعبها. وعلى الرغم من توافر كل هذا فان الجميع يشكو، اما من سوء الادارة واما من الروتين السيئ، وتفشي الفساد، او من عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، او بسبب استغلال السلطة من قبل بعض المتنفذين من نواب ومسؤولين وقياديين بالدولة، وكذلك اهمال السلطة للقطاع الخاص المتميز اهمالا شديدا، وعدم دعمه او تشجيعه، اضافة الى زحمة مرور خانقة. كما ادى تضارب المصالح الى توقف العديد من المشاريع الكبرى والحيوية في الكويت، بل ان مخرجات التعليم اصبحت فاشلة وافرزت لنا بطالة مقنعة كبيرة جدا.
واما معوقات التنمية فهي كثيرة ولا حصر لها بسبب عدم قدرة الحكومة او مجلس الامة على اقرار مشاريع التنمية، كما ان التزمت الشديد من قبل البعض ادى الى جعل الكويت بلدا طاردا للسياحة، ففي الاجازات والعطلات ترى اكثر من نصف مليون مواطن ووافد يخرجون من الكويت لقضاء الاجازة خارجها، وهذا بسبب فئة محدودة تتحكم في مصير البلد بحسب اهوائها وترغب في تقييد المجتمع وكبت السعادة والفرح عنه وتحارب اللهو البريء.
فأين الحل ونحن نرى ان الشكوى والتذمر قد عمّا الجميع؟
اذكر انني قابلت يوما قياديا تنفيذيا متبوئا مركزا حكوميا كبيرا جدا، وما زال في وظيفته، وحين قابلته في مكتبه الفخم الوثير كان يشكو من سوء اوضاع البلد، فاستغربت كثيرا وسألته بدهشة بالغة: اذا كنت أنت المسؤول الكبير جدا ولديك سلطة كبيرة وصلاحيات عديدة وانت من انت، ومع هذا نراك لست راضيا عما يحدث وتشكو من احوال البلد السيئة، فمن سيصلح البلد إذن؟ أليس هذا من صنع أيديكم؟
ان الشكوى اذا صدرت من كبار قياديي الدولة فهذا دليل على ضعف الحكومة وعدم حزمها، فنرى كبار المسؤولين يرغبون بفتح البلد، الا ان هؤلاء الذين يرغبون باغلاق البلد هم اقوى من الحكومة، كما انه لا الحكومة قادرة على انجاز القوانين والمشاريع من خلال قيادييها، الذين هم للأسف الشديد يشكون من سوء الاوضاع وليس لديهم القدرة على التنفيذ، ولا نواب مجلس الامة قادرون على مساعدتها، بل هم من «يدودهونها» فالواجب عليهم ان يدعموا الحكومة لتنفيذ المشاريع المتوقفة، لا ان تكون الحكومة ووزراؤها وبعض نواب الشعب تحت سلطة بعض هؤلاء الذين يودون عمل ستار حديدي حول الكويت، لمنع الفرح والسعادة اللذين يطالب بهما غالبية الشعب الكويتي، فالاجواء مملوءة بما هو ضد السعادة والفرح، فلمن توجه الشكوى إذن، اذا كان من هو معني بالاصلاح هو نفسه يشكو الحال وغير قادر على الاصلاح؟ واننا ندعو الله ان يزيل عنا هذه الغمة وسلطة عداء الفرح.
***
• لكون عنوان زاويتنا 2/8/90 نتذكر ابان فترة الغزو الصدامي الغاشم ان الشكوى والتذمر والتشاؤم كانت اشد تأثيرا في معنوياتنا من امور عديدة اخرى.
***
• عانى الشعب كثيرا من شكواه من هوان الحكومة وضعفها وعدم قدرتها على انجاز مشاريع التنمية والقوانين المعنية بتحريك البلد اقتصاديا وخدماتيا، كما يشكو الشعب من الاداء المتردي جدا من قبل بعض النواب وتركيزهم على صغائر الامور وكأنهم يبحثون عن الازمات والمشاكل.