كتبت روابي البناي:
اما آن الاوان لتعليق المشانق (مجازا طبعا) للمخربين والعابثين بأمن الوطن الذين أعماهم حب المال عن التقيد بأبسط القيم الوطنية والانسانية. يتاجرون باحلام البسطاء من اجل حفنة من الدنانير يمتصونها من انسان فقير كل مبتغاه هو رفع مستواه المعيشي. لقد باع البقرة او الجاموسة، وترك القرية بمن فيها من أهل وأبناء ليتبع سرابا صوره له تجار الرق الجدد، لا يلبث ان يختفي وتختفي معه الاحلام البسيطة.
انهم تجار الاقامة هنا في الكويت وعملاؤهم في بلد المنشأ، يبيعون الاحلام للفقراء ويعدونهم بالمن والسلوى، ويقبضون مقابل ذلك ثمن البقرة، ويقبض الفقراء الفاقة والتشرد والاحباط.. والنتيجة خراب وطن وعبث بامنه وتشهير بسمعته.
تجار الاقامة يا سادة اسوأ من تجار المخدرات الذين نطالب بنصب المشانق لهم، فمشتري المخدر يحصل على مبتغاه وينال النشوة التي توفرها له المادة المخدرة التي اشتراها بمحض ارادته مدركا لعواقبها، اما مشتري الاقامة، فقد غرر به واستغلت حاجته ودفع ثمن سمكة في البحر، ليكتشف بعد فوات الاوان ان لا وجود للسمك ولا البحر، بل صحراء قاحلة لا ينبت فيها زرع.
والغريب ان هؤلاء المجرمين تجار الرق الجدد يعيشون بيننا ويمارسون نصبهم نهارا جهارا من دون ان يمسسهم سوء. نرى اعلاناتهم في الصحف، ومكاتبهم منتشرة في كل مكان، وحين يقبض على مخالفي قانون الاقامة يودعون سجن الابعاد ثم يسفرون من دون ان يسألوا عن الذي اتى بهم الى هنا. إن الاولى بالسجن في هذه الحالة هو تاجر الاحلام الذي أتى بهذا الفقير ورماه في الشارع ليبحث عن حلم ضائع بنى على اساسه مستقبله ومستقبل ابنائه.
ما دعاني الى التطرق إلى هذا الموضوع الشائك ما رأيته وما سمعته من انتهاكات لآدمية هؤلاء الناس، والتي للأسف تعم الكويتيين كافة لأنه سوف يقال في نهاية المطاف ان الكويت تنتهك حقوق الإنسان ولن يقال ان بعض المرتزقة المتكوتين ينتهكون حقوق الإنسان… فابقوا معي في رحلة سرد بعض المشاهدات اللاإنسانية لهؤلاء المجرمين المرتزقة…
أولا : مكاتب الخدم وتجارة الجسد الرخيصة
في الوقت الذي تسعى فيه الكويت إلى التعامل مع ملف الاتجار بالبشر بصورة تنفي عنها التهمة التي وردت ضمن تقرير الخارجية الأميركية بتدوين اسم الكويت في القائمة السوداء فيما يخص استمرار الممارسات الخاطئة ضد العمالة الوافدة، فوجود اسم الكويت ضمن هذا التقرير يعتبر القشة التي قصمت ظهر البعير.. نجد في الوقت نفسه أن بعض مكاتب الخدم، التي للأسف نجدها مرخصة ومعترف بها، تمارس أدنى صور الاتجار بالبشر عن طريق تحريض هذه الخادمة او هذا السائق على ارتكاب الرذيلة والفاحشة للتكسب غير الشرعي من ورائهما.
طبعا هذا يتم بعدة طرق ملتوية نذكر منها، أن الراغب باستقطاب خادمة يذهب إلى هذا المكتب ويطلب الخادمة ويدفع الرسوم، وينتظر لمدة شهر وصولها. وفعلا في اليوم المحدد يتم إبلاغ الكفيل بوصولها، لكن يتعين عليه استلامها مساء اليوم التالي، وذلك لأنها مجهدة أو أن عليها ان تبقى في المكتب لكي تتلقى التوصيات اللازمة كطاعة “المعزبة” والمثول للأوامر، والنظافة، وسرعة البديهة، وغيرها من التوصيات كالتي توصي بها الأم ابنتها ليلة زفافها.
طبعا يسعد الكفيل بهذه الخدمة الخمسة نجوم من المكتب، ويترك الخادمة لهم لكي تتلقى التعليمات والتوصيات بالسمع والطاعة له ولعائلته. ولكن الهدف الفعلي من إبقائها في المكتب ليس لسماع التوصيات، لكن لتشغيلها ليلة كاملة سواء لصاحب المكتب او العاملين فيه وأصحابهم والاستفادة منها ماديا. وإذا حازت هذه الخادمة إعجاب صاحب المكتب وأصدقائه، يتم عمل فيلم سينمائي على الكفيل بحيث تسلم له في اليوم التالي، وتبقى عنده يوما واحدا فقط، تقوم بعده بعمل مشهد تمثيلي بأنها لاتريد البقاء عندهم وتريد العودة الى بلادها. فيعيدها الكفيل معززة مكرمة إلى صاحب المكتب الذي يعده باعادة نقوده اليه حال وجود كفيل ثان.
وهنا يبدأ بتشغيلها في الخفاء في صالات البلياردو وكافيهات النجمة الواحدة لأن وجودها في هذا المكان يدر نقودا أكثر عليها وعلى صاحب المكتب. لكن هل فكر صاحب المكتب بالأمراض التي ستمللأ جسده وسينقلها إلى زوجته؟ وهل فكر بالدمار الاجتماعي الذي سيحدث من جراء وجود مثل هذه الخادمة التي تقدم خدماتها الرخيصة كافة للشباب المراهقين داخل صالات البلياردو وكافيهات الإنترنت؟ أم أن تكديس الأموال أعمى عينيه عن أي شيء آخر؟؟
ثانيا: تجار الإقامات وعبودية الألفية الجديدة
للأسف، وأقولها بكل حسرة وحرقة، إن تجارة الاقامات تعتبر من أهم مصادر جني آلاف الدنانير لبعض الكويتيين من الجنسين، وأضعافها للمقيمين المحسوبين على بعض المتنفذين الكويتيين وأصحاب الواسطات القوية (يعني صاحبهم يرفس الباب ويدخل على أكبر واحد ولا يهمه)، لهذا تجد هذا المقيم “متفرعن” ولا يهمه أحد ولا يخاف من أحد لأنه ضامن الظهر القوي الذي يسنده. فهم يشكلون عصابة متشابكة كخيوط العنكبوت، لهم في كل جهة رسمية في الدولة أناس يعملون على تخليص اوراقهم الرسمية وغير الرسمية، وطبعا كل هذا بثمنه، وعلى قول المثل “ما يخدم بخيل”.
والشيء المحزن في هذا الأمر أن يكون التكسب على حساب أناس فقراء لا يملكون قوت يومهم في بلدهم. فقد وصل الجشع والطمع وحب المال بهذا المرتزق تاجر الاقامة إلى أن يساوم هذا الفقير على كسب قوته وتحسين دخله، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نجد هذا التاجر المجرم، كما أحب أن اناديه، يضرب بأمن وأمان البلد عرض الحائط.
فهو عندما يستقدم هذه العمالة السائبة مقابل حفنة من الدنانير يزيد بها رصيده البنكي، ويتركها تهيم في الشوارع من دون وجهة محددة أو هدف أو مأوى، يكون ساهم بشكل كبير في انتشار الجريمة في المجتمع. فها نحن اليوم ما إن نفتح صحيفة الصباح حتى نجد ثلاثة إلى أربعة أخبار جرائم مرتكبة في مناطق متفرقة بالبلاد، والسبب وراءها العمالة الوافدة.
وطبعا هذا الوافد الفقير لم يجد وسيلة لسد جوعه أو لشراء دواء لأمه المريضة ببلده، سوى السرقة، سواء سرقة المنازل أو الاتصالات غير المشروعة أو مناهيل الشوارع، ومن يدري ربما يأتي يوم نجدهم فيه يسرقوننا.
ومما يفقع المرارة أننا نجد هذا التاجر المجرم يقوم بالمزايدة على مكوث هذا الفقير في الكويت فتجده يأخذ منه على سبيل المثال 500 دينار نظير استقدامه ومبلغا ثانيا نظير تحويل إقامته، وعندما تمر سنة كاملة عليه تجده يضاعف المبلغ. وطبعا تختلف التسعيرة باختلاف الجنسية، فهناك جنسيات صعب دخولها البلاد لأن عليها تدقيقا وتشديدا من وزارة الداخلية، خاصة أمن الدولة، لكن عند تجار الاقامات لا يوجد شيء صعب، لذلك تجد التسعيرة غالية، وهذا الوافد مستعد لأن يدفع أي مبلغ لمجرد دخوله الكويت.
والسؤال المحير هو: ألم يسأل هذا المواطن الجشع الطماع نفسه لماذا يستذبح هذا الوافد لدخول الكويت؟ ألا تستحق منك الكويت وقفة مع نفسك لكي تعيد حساباتك وتقول: هل يدفع هذه المبالغ الطائلة لمجرد العمل او أن هناك أشياء ثانية ينوي ارتكابها في بلدي؟ ولكن عند رؤية الأنواط تعمى العيون؟
فأنا كمواطنة احب هذا البلد الجميل، لدي عدة أمنيات أدعو الله سبحانه وتعالى أن يحققها. أتمنى كما يتمنى الكثير من الكويتيين، وليس المتكوتين، من الاخوان أصحاب المعالي والسيادة وزراء الشؤون الاجتماعية والعمل والداخلية أن يضربوا بيد من حديد، وأن يطبقوا تعليمات سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، فهو قالها بكل صراحة ووضوح: ” لا يردكم أحد عن تطبيق القانون لا الشيخ ولا التاجر ابدأوا بهم واقطعوا اليد التي تعبث بالكويت”.
كما أتمنى أن أرى أسماء تجار الاقامات، رجالا ونساء وما أكثرهم وما أفظعهم، منشورة في الجرائد ليكونوا عبرة لغيرهم، وليتأكد الجميع أن القانون في الكويت فوق كل شيء ولا أحد يعلو عليه.
وأتمنى أيضا من اعضاء مجلس الأمة الموقر الذين اتخذوا من أسلوب الردح والعويل وسيلة لهم لكسب تعاطف الشارع الكويتي، واتخذوا من إطاحة القروض وتجنيس البدون قضايا لهم، أتمنى أن يردحوا تحت قبة عبدالله السالم بكل ما أتاهم الله من قوة وأن يصروا على فضح تجار الإقامات ومحاسبتهم.
آخر الكلام
فبالله عليك عزيزي القارئ قل لي أما آن الاوان لنصب المشانق؟