جريدة الوطن 3/3/09
كتب : حمد السنان
المهري
نظر جالينوس الى رجل عليه ثياب فاخرة يتكلم بكلام فيلحن في كلامه – أي يخطئ في النحو – فقال له: إما أن تتكلم بكلام يشبه لباسك أو تلبس لباساً يشبه كلامك.. انتهى.
يطل علينا بين الحين والحين سماحة السيد محمد المهري بتصريح يتصدر فيه الصفحة الأولى في الصحف، فيأمر وينهى، ويصف ويصنف، ويطلب ويطالب، وكان آخر ما وصف به وطالب هو حل مجلس الأمة وأن حدس والسلفيين متحجرون تكفيريون، حسب آخر تصريح له الذي نشر في عدة صحف الثلاثاء الماضي.
هذا كلام كبير وخطير، ولو عاش جالينوس بيننا اليوم لقال لسماحته: إما أن تكون في مقام يناسب كلامك، أو أن تتكلم فيما يناسب مقامك.
شخصيا لا أعلم المكانة التي يحتلها هذا الرجل، وإن كنا نسمع عن «غلاته» عند الحكومة، ولا نعلم لهذه «الغلاة» سبباً إلا جهل الحكومة بقراءة التاريخ، ولكنني على يقين من أن خطورة هذه التصريحات لا تناسب هذه الغلاة، والى أن يصدق يقيني أو يزول فإنني سأتكلم..
سماحة السيد لا أريد أن أتكلم فيما قدمه الإسلاميون لهذا البلد، فقد تكلمت في بعضه في مقالي الأسبق فيما يكفي بعضه لتقر به الأعين، ولاشك أن الحكومة التي تتقرب اليها سماحتك بحل المجلس على علم بحقيقة الإسلاميين بالقدر الذي لا يخفى عليها حقيقتك، وربما زادك قرباً منها هذا التقرب اليها، ولكنه مع أسفك الشديد لا يباعد بينها وبين الإسلاميين كما تطمح، فالحكومة تعرف يقيناً أن الإسلامين قد أثبتوا وطنيتهم بقتال من أراد قتل البلاد وأمير البلاد، وسماحتك اعتبرت من أراد اغتيال أمير البلاد وطنياً، فمن أحق بالوطنية؟!
لو سألتني عن رأيي في المجلس، لقلت وجوده خير من عدمه، ولكن ذلك لا يعني السكوت عمن يطالب بحله وبالأخص لمن يريد الوصول الى أهداف لا يستطيع الوصول إليها بوجود المجلس، قيل بعضها فيه وأكثرها لم يحن الوقت بعد للتصريح به، وسيحين بعدم وجوده.
هذا ما يتعلق بمطالبة سماحته بحل المجلس.
وأما وصف سماحته السلفيين وحدس بأنهم متحجرون، فلا أعلم ما يعني بالمتحجرين لأناس شرفت الكويت بأعمالهم الخيرية والاقتصادية، وأما وصفك إياهم بالتكفيريين فلئن صدقت بدعواك فأنت أصدق بالتكفير منهم، وأنت أعلم بما تعلم وما أعلم وما أعني، وكذلك الحكومة التي تتقرب اليها بالتحريش بينها وبين الإسلاميين تعلم بما أعلم وما أعني.
سيصف سماحة «الوطني» هذا الكلام بالطائفية، شأنه شأن غيره، فهو يتكلم بالطائفية لأنه وطني، وعندما يتكلم غيره بالوطنية يصفه بأنه طائفي، ولا عجب.. هكذا هي الشعوبية، وبما أنها شعوبية، فنحن لا نسمح له بأن يعلمنا الوطنية.
ليس غريبا على الحكومة ألا نعلم منها سببا لما نعلم، ومازلنا نعيش «اللانعلم» هذه منذ ما يقرب من ثلاثين عاما، ومازالت حوادث تأبين «البطل» ماثلة أمامنا غضة تتحدى مشاعرنا، ولايزال «الأبطال» الذين هددوا وزير الداخلية بالاستجواب ابطالا، ومازالت حكومتنا تنافس القرد الصيني في أوضاعه وكذلك مازلنا لا نعلم لهذه المنافسة سبباً.
أقول:
الإغراق في السكوت إغراء للجاهل بالتطاول والتعدي، ولعلني أتصرف قليلاً فيما قاله نصر بن سيار فأقول:
أرى خلل الرماد وميض نار
ويوشك أن يكون لها ضرام
وأن النار بالعودين تذكى
وأن الحرب مبدؤها كلام
فإن لم يطفها عقلاء قوم
يكون وقودها جثث وهام
أقول من التعجب ليت شعري
أأيقاظ حكومتنا أم نيام؟!
ومادامت حكومتنا تؤثر النوم، فلابد من مخاطبة عقلاء القوم من الإخوة الشيعة فأقول:
سماحة السيد المهري يرتدي ملابس أهل الدين ويتكلم كأنه الناطق باسم الشيعة والمعبر عن رأيهم، إذن فلابد من صوت يعلو فوق صوت مسعر الفتنة، من عائلات الشيعة العريقة، شيعة السور من اصحاب «المحمدي» ومن قلاليف المهلب، والداو، وفتح الخير، ومن شيعة الغزو ممن مات أبوه أو ابنه أو أخوه في الغزو البعثي للكويت، حينما صهرتنا بوتقة المصيبة، حيث كنا كويتيين فقط ليس سنيا أو شيعيا ضد بعثي، بل كويتي يبكي على الكويت، ويخاف على الكويت، ويدافع عن الكويت وولائه للكويت.
فيا أهل العقول أسكتوا صوته قبل أن تحدث الفتنة، أسأل الله أن يجنبنا اياها.