كتبت روابي البناي:
المومياء هي جسد أو جثة محفوظة، تكون حمايتها إما بطرق طبيعية أو صناعية بهدف المحافظة على شكلها العام. وأشهر من حرص على حفظ الأجساد هم اخواننا المصريون القدماء، لذلك نجد أن القاصي والداني يقصد زيارة أم الدنيا للاستمتاع بأكلة فول لذيذة، والتمشي على شاطىء نيل مصر الساحر، وزيارة الآثار والمعابد وأخونا العزيز أبو الهول والأهرامات… لكن اليوم سأفجر مفاجأة الموسم التي سوف تختطف السياحة من بساط أم الدنيا المصرية وتنقلها إلى الأراضي الكويتية. فالذي يرغب في مشاهدة المومياءات على الطبيعة، لا يحتاج إلى أن يحجز تذكرة ويسافر إلى مصر، فكل ما عليه فعله هو أن يتوجه بسيارته إلى أشهر وأحلى مجمع في الكويت (الأفينيوز)، وأن يجلس في أحد المقاهي المنوعة والشهيرة ليشاهد المومياءات الكويتية وهي تقدم عرضها الساحر أمام الملأ.. لا أحب أن أطيل عليك عزيزي القارئ وسأتركك مع تفاصيل عرض المومياءات العجيب…
أولا: عرض المومياءات الساحر
في عصر يوم الجمعة كنت على موعد مع مجموعة من الصديقات لتناول وجبه الغداء، وذلك احتفاء بصديقتي الأميركية التي تزور الكويت لأول مرة، فوقع اختيارنا على مجمع الأفينيوز كوجهة لنا لتناول الغداء والتسوق، خاصة أن موسم التنزيلات بدأ بسبب المهرجان الوطني (التحفة) هلا فبراير. وصلنا إلى المجمع في تمام الساعة الرابعة عصرا، وكان المكان مكتظا عن بكرة أبيه، وكأن بيوت الكويت خلت تماما من سكانها، الأمر الذي استلزم الانتظار لمدة ساعة لكي يتم توفير طاولة لنا في مطعمنا المختار.
بعد جلوسنا وأخذ النادل لطلبات الصديقات العزيزات، اللاتي لم يتركن شيئا إلا طلبنه (مال عمك ما يهمك) لكوني أنا التي ستدفع، جلسنا نتبادل الأحاديث المختلفة، منها الاقتصادية وانهيار البورصة والفلوس التي وضعناها فيها وراحت علينا، وحتى الأراضي التي هبينا بشرائها في عمان والأردن، والتي أعمانا الطمع ولم نبعها عندما ربحنا فيها كم ألف. وطبعا كل هذه السوالف لم تكن لأننا نريد أن نسولف، لكن حتى يضيع الوقت بسرعة بانتظار وصول الأكل لأننا كنا نتضور جوعا. وفعلا مع السوالف ضاع الوقت ووصل الأكل. وما كدنا نقول بسم الله الرحمن الرحيم، ومع أول لقمة شهقت صديقتي الأميركية وقالت بصوت عال: oh my god what is this?
للأمانة خفت لأنني لم أعرف ما الذي رأته البنت وجعلها تصرخ من قمة رأسها، لكن عندما التفت إلى يميني رأيت شيئا جعلني أغص، وطبعا صديقاتي لم يستطعن مساعدتي بأن يعطينني غلاس ماء أو يضربن على ظهري، لأنهن كن في الحالة نفسها التي أعاني منها.. غصة عميقة ومفاجأة سببها خمس مومياءات دخلن فجأة من الباب الخارجي للمجمع الذي يقع بجانب المطعم الذي كنا نجلس فيه بأمان الله قبل وصول هؤلاء الحيزبونات.
لك أن تتصور عزيزي القارئ خمس بنات يلبسن أبيض في أبيض، روؤسهن ملفوفة بطريقه لفة الموتى، وقد أدخلن الحجاب داخل القميص الأبيض الذي يرتدينه ورفعن القوله فوق كأنهن مفتشو مباحث. وطبعا الحجاب مثل ما قلت أبيض ومتروس عن بكرة أبيه بالكريستال الأبيض الذي يبرق، ووجه كل منهن مغمس بكيس طحين (شكله ابوهم توه مستلم التموين)، وعيونهن مرسومة بطريقة فرعونية بحيث يكون خط الكحل من أول العين حتى شحمة الأذن (يعني ستايل كليوباترا) ، وفي آخر شحمة الأذن وضعن ترجيه واحدة (شكلهن من معجبات شاكيرا). أما شفاههن فكبرنها كأنهن زوزو شكيب في زمانها وترسنها بلون أحمر دموي (الظاهر الأخوات من سلالة دراكولا).
للأمانة إن طفلا لا يتعدى عمره ثلاث سنوات كان يجلس على طاولة بجانبنا، صرخ وقام يبكي عندما مرت أمامه تلك المومياءات وأخذ يشير بيديه إليهن. الصراحة لا ألومه، فنحن خفنا من منظرهن المرعب المضحك في الوقت نفسه.
أود أن أعرف لماذا يفعلن ذلك في أعمارهن؟ من الذي ضحك عليهن وقال لهن ان هذا الشيء صح وزين لهن؟؟ أين عقولهن وهن يلففن رؤوسهن عشرين لفة (جنه راس دليمي) ، ويرسمن عيونهن (جنهم بوحقب).. وكل هذا لماذا؟ حتى يصبحن «ستايل»؟
طبعا صديقتي الأميركية قالت لي بالحرف الواحد: Rawabi is there a show for mummies that will start now??
طبعا «أنربط» لساني، ولم أعرف ماذا أقول لصديقتي المسكينة التي خرجت معي لترى معالم الكويت، وهي لا تعلم أن حجاب المومياء يعد أحد معالم الكويت الشهيرة، إلى جانب أخيه المحترم حجاب بوتفخة.
ثانيا: ردح أشباه المحجبات
بعد أن انتهينا من تناول وجبه الغداء اللذيذة كان يتعيَّن علينا أن نمشي حتى «نقص» على أنفسنا بأننا سوف نحرق ما أكلناه، لأن هناك حلو ينتظرنا في المقهى الثاني، وهذا الشيء الذي يعجبني في الأفينيوز، فأصحابه وفقوا كل التوفيق، والله يعطيهم ألف عافية، لأن المساحة كبيرة في المجمع وتساعد على المشي، وفي الوقت نفسه هناك عدة اختيارات من المقاهي للجلوس فيها بعد المشي والتسوق والاستمتاع بشرب قهوة او تناول كيكة لذيذة..
وكما ذكرت لك عزيزي القارئ كان الجو العام للمجمع مزدحما جدا لعدة أسباب منها أنه يوم إجازة، وموسم تنزيلات، ولا يوجد مكان حلو وجديد وكل شيء فيه غير الأفينيوز، ولهذا كنت أمشي وأسلم إلى درجة أنني قلت لصديقاتي: خلاص تعبت وأنا أسلم خل نطلع.
وبينما نحن نمشي استوقفنا صراخ صادر من وسط الردهة الرئيسية للمجمع. دنونا من مصدر الصوت العالي لاستكشاف الأمر علنا نستطيع أن نساعد، فوجدنا بنتين من فئة حجاب بوتانكي (الأعلى من بوتفخة)، ترتديان تنورة قصيرة (ميني جوب) وتحتها جوارب شفافة تظهر أكثر مما تستر، وكعب طوله مترين (عفارين حيل)، وطبعا صبغتا وجهيهما مثل لوحة رسام مبتدئ فاشل بكل ألوان الماكياج في الدنيا، هذا غير العدسات، فواحدة تضع عدسات خضراء (يعني زبيدة ثروت) والثانية عدسات زرقاء، وطبعا لون الوجه ابيض كأنه «يص»، لكن عندما ترى أيديهما تجدها «جلحه ملحه»، الظاهر انهما نسيتا كريم الأساس أو ربما خلصت العلبة على الوجه.
اللافت للنظر أن البنتين كانتا تضعان شعرا طالعا من تحت الحجاب، يعني تلبسان حجاب بوتانكي مع اضافة شعر في آخر طرف الحجاب (يعني شعرنا طويل). والظاهر أن أحد الشباب المراهقين (من فئة خرعني وانفش شعري) الذين يوقفون شعورهم وكأن حايشتهم كهرباء، والذين يلبسون تي شيرتا ضيقا، يعني غصب شوفوا العضلات لأن الحبيب مات وهو «يلط» بالحبوب والابر التي ستتفخ عضلاته حق الويك أند والقز في المجمعات حتى يلفت النظر.
الظاهر أن احدهم تفوه بكلمة لم ترق لصاحبتنا أم حجاب بوشعر التي كانت في قمة النعومة والرقة قبل أن تلتقط اذناها كلمة المراهق، فتحولت من «باربي جلحة» إلى دلالة في سوق الجمعة، وقامت بإلقاء وصلة ردح مزودة بأنواع الشتائم الهابطة، ولم يردها الناس الموجودون عن هذا الصراخ والشتم (قالوا تستحي قال لا.. قالوا عيل افعل على ما تشتهي).
فأنت يا صاحبة العينين الزرقاوين والشعر الأشقر الذي يطل من تحت الحجاب، إذا لم تكوني ترغبين بسماع أي تعليق، لماذا تجعلين نفسك عرضة للقيل والقال؟ وتصبحين نكتة فكاهية مضحكة للغاية لكل من يراك؟ فأنت مادامت لديك الشجاعة، وأقدمت على هذه الخطوة الجريئة، وقمت بلبس مثل هذا النوع من اللبس العجيب الغريب عليك بالصبر والثبات، والله معك جزاك الله خيرا. وعليك أن لا تلتفتي إلى الوشاة المغرضين الذين يجعلونك أضحوكة لأنك حديث الموسم بلبسك وماكياجك الدموي العرقوزي.
ثالثا: التبحلق في الكافيهات
حتى لا يتهمني البعض بالعنصرية وأنني متحاملة على المحجبات، أقول إن هذا النوع من رواد الكافيهات لا يقتصر على المحجبات بل يتضمن أيضا غير المحجبات، اللواتي يقصدن الكافيه في وقت معين ويستذبحن للحصول على طاولة بذاتها، ويجلسن لساعات يرتشفن القهوة، ليس لأنها لذيذة ويخفن أن تنتهي بل حتى «يخوزرن» عدل ويبحلقن باللي رايح واللي ياي وهذا منو وهذي شلابسه.
طبعا هناك أنواع من هذه الفئة، فهناك بنات يعتبرن كنزا ثمينا لكونهن بنك معلومات فوري. فما أن يطوف شاب يبدو مميزا، سواء بلبسه أو ساعته، أو وسيما، ويجلس هو وأصحابه، تجد لدى هذه الفتاة، بعد أقل من خمس دقائق، كافة المعلومات الوافية والشاملة عنه، حتى رقم التي شيرت الذي يرتديه وسعره ومن أين اشتراه؟؟
هذا بالنسبة إلى البنات، أما الشباب فهم أنواع، منهم «المغترين» الذين اتوقع انهم قاعدين من الصبح حتى يصلوا الأفينوز الظهر وتكون «السبعه» مضبوطة وواصلة الخشم. وطبعا هذا الأخ «بوسبعه» يذهب كل خمس دقائق إلى الحمام (يعزكم الله) فقط حتى يضبط المسائل، هذا غير النظارة الشمسية السوداء التي تغطي نصف وجهه (طبعا لا تسألوني لماذا النظارة السوداء داخل المجمع الساعة 6 المغرب)، والقلم الذي يلمع على الصدر والمسباح (بوطقه) الذي يفره يمينا وشمالا. وهذه الفئة بمجرد أن تدخل بنت، سواء بمفردها، أو مع عائلتها أو زوجها (ما عليهم المهم بنت)، يفصلونها تفصيلا، من دون أي احترام للرجل الذي يرافقها، ثم يقولون من أين تأتي المشاكل؟
يعني أنت يا بو سبعه يا محترم ترضى لو أن زوجتك، اللي مخليها بالبيت مع كوكش اليهال اللي قاطهم وقاعد كاشخ بالكافيه تخوز في بنات خلق الله، أحد يطالعها أو يخوزرها؟
أتمنى من كل قلبي أن تختفي مثل هذه الظواهر الغريبة والدخيلة على مجتمعنا الكويتي، ومنها حجاب بوتانكي الذي كما ذكرت سابقا طغى على حجاب بوتفخه لأنه الأعلى، إلى درجة أن المحجبات من هذه الفئة لا يستطعن أن يرين بعضهن البعض وهن جالسات لأنه ستكون هناك إصابات بليغة في الرؤوس. وعندي اقتراح لهذه الفئة: في حالة عدم مقدرتكن على التخلص من هذا الداء أنصحكن بوضع ماء سبيل على رؤوسكن، منها يكون ستايلا جديدا ومنها فيه أجر ومنفعه للناس.
وأتمنى أن تكون هناك فزعة شعبية تتبناها احدى الجمعيات الاسلامية للقضاء على الحجاب الموميائي وحجاب بوتانكي، وذلك حفاظا على الصورة العامة للمحجبات لأنني على يقين بأن اخواتنا المحجبات بريئات من هذه الأشكال الدخيلة. واللاتي يعتبرن أشباه محجبات قمن بوضع هذا الساتر لعدة أسباب منها أن شعورهن مجعدة ويعانين من عقدة، أو لإرضاء أهلهن وهذا هو الغلط .. هذا بالنسبة لأشباه المحجبات، أما بالنسبة إلى اخواننا وأخواتنا مندوبي ومندوبات برج المراقبة التابع للطيران المدني الذين ليس عندهم شغلة ولا مشغلة غير المخوزر والتبحلق بالأوادم (كأنهم كتاويل)، وعيونهم يا رايحة يمين أو شمال (جنهم بلاعين البيزة) فأقترح على معالي وزير الداخلية بأن يتبناهم ويستفيد من عيونهم «المشنصة» ويضعهم على الحدود الكويتية لرصد أي عدوان أو زحف أو دخول غير شرعي إلى الأراضي الكويتية.
آخر الكلام
أولا: أحب أن أبعث برسالة قصيرة لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح، وأقول له إن شاء الله يا بوصباح بعد عمر طويل مثواك الجنة على طول لا حساب ولاعقاب، لأنك صابر على الأشكال التي ابتلاك فيها الله، والتي طلع لها صوت، وقامت تتكلم وتطالب باستقالتك، ونسيت ماضيها الأسود (اللي مثل ويوهم) وتقلقسهم حتى يمشون مصالحهم وشغلهم.
ثانيا: انتشرت إشاعة قوية بين الكويتيين، وطبعا لا يمكن أن يكونوا كويتيين إذا ما لم يضيفوا إلى الحكي قليلا من البهارات، مفادها أن الحكومة سوف تتوجه إلى تخفيض رواتب موظفي الدولة بكافة وزاراتها، وأن هناك وزارات تم تطبيق هذا القرار فعلا فيها.. فأقول لمن يروج مثل هذه الإشاعات المغرضة، حرام عليكم، الكويت لا تستاهل منكم هذا، واقول للذين خافوا وقعدوا يحاتون من أن تنزل معاشاتهم فتختل ميزانياتهم: لا تخافوا العود موجود، وبوناصر ما يرضى على الكويتيين..