كتبت : هيام الجاسم
نعم نحن لا نعرف للحياة مذاقا حلوا من دون الإحساس بالحب المتبادل بيننا وبين من اختارهم قلبنا لأننا نحيا بحبهم ونستمتع بلذائذ طيب العيش معهم ، نعم لا يمكن أن نحيا حياة سوية بها ازدهار صحتنا النفسية إلا عندما يقبلنا الآخرون بما نحن عليه من حسن معشر وسوئه ، في المقابل نحن نؤمن بأنّ من تصحّر قلبه فالناس منه نافرون ، ومن جفّت منابع عطائه الشعوري فقد افتقد من يبادلونه الحب ، عزيزي القارئ كلنا نحتاج إلى أن نشعر بأن من حولنا يحبوننا ونحن نحبهم مهما اختلفت مشاربنا، ومهما اختلفت وجهاتنا، ومهما اختلفت طباعنا ، فعلى الرغم من كل تلك الأهمية المتدفقة لشعور الحب المتبادل فيما بيننا إلا أنني والله ليضيق صدري عندما تختلط مسارات الحب في القلوب عند الفتية والفتيات فيصرفون شعور الحب في غير مصارفه ويهدرون شبابهم في حيلة محرمة شرعا انطلت عليهم، وكذبة ذاقوا لذتها وطاب لهم أن يصدقوها .
كذبة عيد الحب !! صيّروا الكذبة عيدا وركض الشباب نحوها ركضا وجريا ! يا ترى لماذا ؟! لأننا مجتمع متصحر قفر في حيوية شاعريته ، صحيح ذلك ، ولأن الشبابيين غير المتزنين أخلاقيا عندهم هوس الحب الممزوج بالجنس ! قد لفّ لفّه عليهم ! وأشغل بالهم بل وشاغلهم وما استطاعوا الانفكاك منه ، عطش قلوبهم يفرّغونه في سويعات يوم مهدور وقته وجهده بين الورد وعشيقات المكالمات والملاحقات .
أخوف ما أخاف على ندم يلاحقهم يوما ما لأنهم ارتكبوا في لحظات محرمة شابت رؤوسهم لها ، ستروها وما يدرون أيسترها رب العباد أم لا !!
عزيزي القارئ أرجوك ..وعيك يهمنّي جدا جدا ، كلمة منك وأخرى مني نتعاون بها على كشف غطاء الغفلة عن شبابنا ، لا تتورع ولا تتوانى عن أن تستوقف شابا في طريقك انطلت عليه حيلة عيد الحب ، قف وكلّمه وناصحه إن لم يستجب لك اليوم فغدا وبعد غد ، لا تقل: «آنا مالي شغل فيه ! ما أبي مشاكل! عند أهل يوجهونه!!» أبدا أبدا ، تذكر قصة القوم الذين استهموا في السفينة وكادت تغرق بهم لولا أن أخذوا على يد بعضهم بعضا وناصحوا بعضهم بعضا ، حدّث نفسك بالعزم على دعم الشباب وترويضهم لحمل أحمال البلاد الثقال، أترضى للصف الثاني ممن سيتولى زمام البلاد بعدنا أن تتسطح عقولهم وقلوبهم ، كيف هو شأن البلاد وهي تحت وطأة ومسؤولية رجال ونساء عاشوا شبابهم في بيع أوهام الفقاعات والترهات ، لا نريد أن ندس رؤوسنا في التراب خجلا من أجيال لا تعرف إلى أين المسير وكيف تسير وبأي أدوات وآليات تحرك عجلة التنمية في البلاد وبين العباد ؟!! كيف الحال مستقبلا إن كانت رجالاتنا هم من شاكلة مترفي اليوم ممن يتراكضون لورد أحمر صدّقوا عبثا أنها تشبع عطشهم وجوعهم لحب ما عاشوا حقيقته وما كان تصديقهم إلا لخواء في عقولهم وضياع لهوياتهم ؟ وصدق الصحابي الجليل أنس بن مالك حين قال ( لا يأتي زمان إلا والذي بعده أشر منه )!!
شعرت وكأن هذه الكلمات تلامسني . ربما لأنني اؤمن بهذا النوع من الحب ولا اصدق غيره . لا اكذب اذا اخبرت انني سأشعر بالسعادة عندما يعطيني من احب وردة تعبر ماديا عن حبه لي . اعرف ان الحب ليش شيئا ماديا ولكنه بحاجة لبعض الدعم الملموس . الذي يؤكد للنفس بعض المشاعر . صديقتي فهمت ما رميتي اليه في مقالتكي هذه ولكنني اريد ان اؤكد لكي ان الحب هو من يصنع العيد وليس العيد هو من يصنع الحب . من يحب لا يحتاج لهذا العيد حتى يعبر عن حبه . ولكن هذا العيد جاء دعما اقتصاديا لاصحاب محلات الورد ليس اكثر وصدقه الشباب الذين يحبون التسلية لا الحب . الحب لم يكن يوما وردة حمراء او مكالمة في اخر الليل لم يكن رسالة ولم يكن علامة . الحب شعور يحمل صاحبه الى عنان السماء ليتمنى من الله ان يبقى حبيبه بصحة وعافية وراحة وسعادة غامرتين . الحب يجعل منك انسانا ينشر الحب حوله يجعلك تتمنى السعادة لمن احببت حتى ولم تكن انت . لان الحب لا يعني ان تتملك من احببت . ولكن ان تبعث بحبك الى من اختار قلبك.