روابي البناي
صباح الخير لكم جميعا، وكل عام وانتم بألف خير، وتقبل الله طاعة الحجاج، وإن شاء الله يكتب لي ولكل من يتشرف بزيارة بيت الرحمن الحج السنة القادمة. اليوم يا محفوظين السلامة بسولف معكم عن كارثة تهدد مجتمعنا، وبالأحرى هددت وخلصت، ألا وهي مشكلة المخدرات في الكويت، التي أصبحت في متناول يد الصغير قبل الكبير وفي كل مكان. فالمدارس والجامعات والمعاهد والدوائر الحكومية مملوءة بمن يتعاطاها ويروج لها، والأمرّ والأدهى في ذلك أن لا حياة لمن تنادي، فلا أحد حتى هذه اللحظة استطاع أن يوقف انتشار هذه الآفة وأن يحمي شباب وبنات الكويت منها.
أتمنى لو لمرة واحدة أن نتخلى عن شعار «النعام» الذي نسلكه، ونرفع رأسنا ونقول بأعلى صوت: نعم نحن مجتمع لدينا مشكلة مخدرات.. نعم نحن مجتمع لدينا بنات يتعاطين المخدرات.. نعم نحن مجتمع لدينا شباب يموتون كل يوم جراء الجرعات الزائدة. لا بد أن نصرخ هذه الصرخة حتى نتمكن من وضع حل لهذه الآفة.
ما دعاني لكتابة هذا الموضوع ما رأيته من معاناة مأساوية لمواطنة مع أحد أبنائها في صراعه مع الإدمان، وكيف تراه كل يوم يموت تدريجيا ولا تستطيع أن تحرك ساكنا، كونها لا تملك مالا لعلاجه في مصحة سنعه خارج البلاد، ولا واسطة تمكنها من ابقائه في المستشفى حتى يمن الله عليه بالشفاء ويعود لصوابه، ولا لديها أي علاقة بالسلطات العليا التي تمشي كلمتها على الأولي والتالي. فهذه المواطنة متزوجة من فئة «غير محددي الجنسية»، وهي المعيل الوحيد لأسرة تتكون من 6 أشخاص، وكأي أم كانت تأمل أن ترى فلذات كبدها في أحسن المراكز وحاصلين على أعلى الشهادات، لكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه. فأحد هؤلاء الأبناء ابتلاه الله «بربع إبليس» ممن يرفعون شعار «الرجولة بالزقاره»، فبدأ مشوار الرجولة، كما يراها من وجهة نظره، بالتدخين منذ العاشرة ربيعا، وبعدها تطورت رجولته لشرب الكحول وتناول حبوب الهلوسة، الى بلوغه مرحلة الفحولة بتعاطيه المخدرات بكل أنواعها، والتي كانت تتوافر له بكل يسر وسهولة، علما أن هذا الولد لا يعمل ودخل اسرته المادي أقل من المحدود، ولكن طريق الشيطان لا يعرف دخلا محدودا ولا فوق المعتاد، فهذا الطريق له ألف باب وباب.
مسطول بدعم حكومي
استفحل الأمر بهذا الولد ووصل إلى مرحلة الإدمان التي لا يصحو منها، فنهاره انقلب الى ليل وليله إلى نهار، وأصبح كل ما يقوم به هو النوم، ومن ثم التعاطي وبعدها النوم. وفي حال بدأ المخزون ينفذ منه يخرج لمدة ساعة وبعدها يرجع للمنزل وهو في قمة نشوته وسعادته التي تبقيه بالمنزل لمدة 4 أيام يعاود بعدها الكرة.
لم يرق الحال لهذه الأم التي قررت أن تواجه هذه المشكلة وأن تساعد ولدها لكي يخرج من هذا المأزق، فقررت بكل شجاعة أن تبلغ عنه لكي يتم إيداعه مركز علاج الإدمان التابع لبيت التمويل الكويتي.
ومع قرار هذه الأم علاج ابنها بدأ مشوار «البهدلة» وأضع ستين خطا تحت كلمة بهدلة، لأن هذه المواطنة تبهدلت بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. فهي لكي تنقذ ابنها من الإدمان وتحاول أن تخلق منه انسانا صالحا، لابد أن تعرض وجهها لكل من هبّ ودبّ، وتعرض اسمها واسم ولدها للفضائح وعدم الخصوصية، لأن من يرد الإبلاغ عن وجود مدمن او متعاط فلابد له أن يذهب الى مجمع المحاكم أو قصر العدل، ويأخذ موعدا لتحديد جلسة مع القاضي. وبعد تحديد الجلسة يجري تحويل القضية إلى المباحث التي تطلب من صاحب الشكوى الانتظار بطابور البلاغات الطويل. ولابد أن يتزامن البلاغ مع وجود المدمن في حالة تلبس حتى يتم القبض عليه، ومن ثم إيداعه بالمباحث الجنائية لكي يكال له الضرب والرفس والشتائم، وبعدها يودّع في مركز الإدمان لمدة 28 يوما فقط، يتحتم بعدها على المبلغ أن يقوم بعمل طلب ثان للمدمن، وتدور الدوامة بالطريق نفسه.
فبالله عليكم 28 يوما كفيلة بإصلاح وإرجاع مدمن تمكنت المسكرات والمخدرات من أكل جسده وعقله؟
البصوه والفيل!
البصوه لمن لا يعرفه طائر صغير الحجم ضعيف البنية يعني «هبابه يشيل نفسه»، والفيل هو ذاك الحيوان ضخم البنية ذو الخرطوم الطويل، الذي «يشفط الأولي والتالي». لا أدري لماذا تذكرتهما عندما كانت هذه الأم مسترسلة بالحديث حول مأساتها مع ابنها والمخدرات، وبالأخص في الجزئية التي ذكرتها حول وجود رجال المباحث في منزلها، وهم يتعازمون على ابنها بالذهاب معهم.
تقول هذه الأم: اتصلت برجل المباحث الذي حدده لي القاضي وأبلغته أن ابني موجود في البيت، وهو في حالة تعاط تامة، ورجوته الإسراع بالوصول حتى لا يصيبه مكروه. وبعد أكثر من ساعتين وصل اثنان من رجال المباحث يرتديان اللباس الوطني، وعمر كل واحد منهما لا يتعدى الواحد والعشرين ربيعا، ضعيفا البنية لدرجة الشفقة.
فطارت بوهتي.. كيف لهما ان يمسكا بولدي قوي البنية الذي يحتاج إلى ثلاثة من صعايدة خيطان علشان يشيلونه..
وتستطرد الأم قائلة: تصوري أخت روابي هذان الشابان حاولا الإمساك بولدي و«الزقاره بحلجهم»، وبعد أن فقدا الأمل بالإمساك به لأنه فلت من بين أيدهما ودخل الغرفة وسكّر عليه، بدءا يحادثانه من خلف الباب، ويسألانه إن كان يريد الذهاب معهما ام لا، فأجابهما لا، فقالا: خلاص على راحتك. ثم التفتا لي وقالا: «الله يهداج يا حجية ليش اتصلتي اهو ما وده يروح، خربتي علينا قعدة القهوه والشيشه مع الربع». وخرجا من المنزل من دون ان يأخذا ولدي معهما.
لجنة بشائر الخير «ما تبشر بالخير»
تقول المواطنة المنكوبة بولدها انها توجهت أيضا الى المسؤولين في لجنة «بشائر الخير» التي ترتكز اعمالها على مساعدة المدمنين التائبين والراغبين في التوبة والعلاج، وشرحت لهم معاناتها مع ابنها، ووعدوها خيرا بأن يقوموا بمساعدتها، لكن «اقبض من دبش»، فلم يحركوا ساكنا حتى هذه اللحظة، فهم لاهون باجتماعاتهم الخارجية ولهثهم وراء جمع التبرعات تحت ستار اللجنة. أليس الأجدر برئيس اللجنة ونائبه ان يساعدا المواطنين الذين «الله بلاهم بهذا السم الهاري»، عوضا عن السفر للمغرب وغيرها وتقديم تجربة الكويت في علاج المدمنين من خلال نظرياتهم الإيمانية في تأهيل المدمنين؟ ام ان مدمني المغرب أهم من مدمني الكويت؟
لا تعليق
• تؤكد الأم ان ابنها، من اجل الحصول على الجرعة المخدرة، يقوم ببيع المخدرات وترويجها، ثم يأخذ حصته منها.
• تم اخذ هذا الولد لإدارة المباحث الجنائية، وتم ضربه ورفسه ليس لتأديبه بل لمعرفة التاجر الذي يقوم بتزويده بالمخدرات. وبعد فقدهم للأمل بمعرفة التاجر أودع الولد الطب النفسي الذي مكث به عشرين يوما، ساءت حالته فيها ووصل إلى مرحلة يرثى لها من الإدمان، كون أن الممرضين يقومون ببيع المخدرات والحبوب للمرضى.
• تقول الأم: هرب ابني ومجموعة من المدمنين بالطب النفسي من المستشفى بعد ان ضربوا حارس الأمن، ولم يحرك أحد من الداخلية او المستشفى ساكنا بهذا الأمر، بل انا التي بلغت عن الحادث، وجاءني الرد الذي صعقني بأن اتحفظ على ابني في البيت لانه لا توجد سعة سريرية في المستشفى.
• تؤكد الأم أن المخدرات وحبوب الهلوسة التي يتعاطاها ابنها واصدقاؤه، تصل عن طريق سيدة تكتفي بتعاطي الحشيش فقط، وأن الرأس المدبر ايراني الجنسية، لا يقدر ان يقول له احد «ادن على وراك».
• يتم توزيع الحبوب المخدرة والجرعة المطلوبة من المخدر لطلاب المدارس او رواد النوادي عن طريق قطعة قصدير ملفوفة توضع في أماكن لا تخطر على البال في المدرسة والنادي.
مطلوب تدخل سريع
بعد ان نقلت مقتطفات من معضلة هذه المواطنة التي ضاقت بها السبل بعلاج وشفاء ابنها، أطلب من المسؤولين التدخل السريع لنجدة وانقاذ شبابنا وبناتنا من هذه الآفة التي دمرتهم. هناك مشكلة وهناك تقصير وهناك محاباة، وأتمنى من معالي وزير الداخلية الشجاع الشيخ احمد الحمود الصباح أن تكون له وقفة بطولية كما عهدناه بتشكيل فرق على اعلى مستوى لمساعدة شباب وبنات الكويت الراغبين في الفكاك من هذه الآفة، تتعامل معهم بكل سرية ويكون افرادها مؤهلين على أعلى مستوى. ولا يمنع الأمر من الاستعانة برجال الداخلية المتقاعدين الذين افنوا عمرهم بخدمة الكويت وأهلها، فهم اكفاء وأهل لهذه المهمة، علاوة على المدرسين المتقاعدين لأن «مايحك ظهيرك إلا ظفيرك».
كما أتوسل إلى معالي وزير الصحة الدكتور هلال الساير، بان تطال يده الإصلاحية مستشفى الطب النفسي، وان يقوم بكبسات مفاجئة لكي يرى بعينيه الدمار الذي يتعرض له نزلاء هذا المستشفى من قبل بعض العاملين فيه.
كما أتمنى ايضا الإستعانه بالمتقاعدين الكويتيين للعمل في هذا المستشفى لحماية المرضى والراغبين في الفكاك من الإدمان.
آخر الكلام
سوف اتشرف بالانضمام لصفوف حضور المؤتمر الطلابي السنوي لطلبة دولة الكويت فرع المملكة المتحدة وإيرلندا الذي سيقام يوم الجمعة الخامس والعشرين من نوفمبر في المملكة المتحدة تحت رعاية كريمة من سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح وبحضور عدد كبير من الشخصيات.. لذا سوف اغيب عنكم لمدة اسبوع، استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.