روابي البناي
اول شيء صبحكم الله بالخير والنور والكرامة وكل شيء حلو بالدنيا، والحمد لله على السلامة اقولها لكل الطيور المهاجرة التي تركت عشها الكويتي الى شتى بقاع العالم فترة القيظ هربا من العافور والرطوبة والشمس «الحنانية» التي لو تجلس تحتها خمس دقائق تسيح.
وأقول الله يعطيكم العافية، مع «شربكة» قوية جدا جدا، (أقوى من شربكة القبقب وهو متحمس عند تسجيل هدف ذهبي للقادسية في الشباك العرباوية) لكل الصامدين على الأراضي الكويتية في اللاهوب الصيفي الذي لا أقول غير الله يأجركم على تحملكم الحر والغبار والرطوبة التي خلت أجسامنا «تتلزق» أكثر من «تلزق الفازلين». الصراحة ولهت عليكم وايد واشتقت لسوالفي الأسبوعية معكم أكثر.
وبمناسبة قدوم الشهر الفضيل أبارك لأطيب وأحلى شعب بالدنيا، وأطلب من ربي أن يعيده عليكم وعلى كل من يعز عليكم بالخير والصحة والسعادة، زايدين مو ناقصين لا فاقدين ولا مفقودين، وان يتمم علينا نعمة الأمن والأمان وأن يهدى شيوخنا وفداويتهم ونوابنا ومشاخيطهم فيكفون عن ممارسة دورهم البطولي في المسلسل الكارتوني السخيف «توم وجيري» النسخة الكويتية، الذي سئمنا مشاهدته في الأشهر المنصرمة، ولاعت جبودنا منه لأننا كلما نظرنا إلى الحال المزرية التي وصل إليها شيوخنا ونوابنا وحكومتنا نتحسر على انفسنا وعلى عيالنا وعلى ديرتنا التي لا تستاهل ان يحدث فيها هذا الشيء، وأتمنى من كل قلبي أن يكون هذا الشهر شهر خير ورحمة وسكينة على الجميع، وأن تجري فيه مراجعة الحسابات، وأن يتفق الجميع على أن يكون الرابح هي الكويت.
في فترة توقفي عن الكتابة شفت العجب العجاب من «نماين» البشر التي تزخر بها بلادي الكويت، وشفت أيضا الأعجب والأغرب من القوانين الدايخة والمؤسسات التي تدار على البركة، لكن آثرت اليوم ان تكون بدايتنا خفيفة لأني أدرك انكم اليوم ما لكم خلق «غثا»، خاصة انكم على استعداد للغوص بالمجابيس والقوازي والمحاشي والبلاليط واللقيمات وصب القفشة وما لذ وطاب من اصناف المأكولات التي ستزخر بها الجمعات اليوم.
طبعا اليوم العموم جدوله مزدحم بالعزايم، فالبيوت عامرة والدوامات متروسة عن بكرة ابيها بما لذ وطاب من اصناف المأكولات التي يسيل لها اللعاب، والجميع عنده يوم مفتوح من الريجيم لأنه اليوم «قريش».
طقوس قديمة
وقريش لمن لا يعرف معناه من العادات والتقاليد القديمة عند أهل الكويت، ويكون في اليوم الأخير من شهر شعبان من كل عام، اذ كانوا يحتفلون بهذا اليوم مودعين شهر شعبان ومستقبلين شهر رمضان باجتماع أبناء الأسرة والفريج في أحد البيوت، ويكون هذا التجمع عادة عند كبير الأسرة أو بيت الأم العودة أو احدى سيدات الحي من كبار السن.
تجتمع النساء وكل سيدة تحضر معها الأكل، وتبدأ فترات التجمع من بعد الساعة العاشرة صباحا، ويطلق على هذه الفترة الضحى، وتبقى النساء حتى بعد فترة الغداء وبعد الأكل تنصرف النسوة الى بيوتهن.
هذه كانت طقوس القريش قديما، لكن الوضع اختلف تماما في الوقت الحالي. فالقريش اليوم يكون إما في احد المطاعم أو في الدوامات، ونادرا ما يكون في البيت العود باجتماع جميع افراد الأسرة، لكن عن نفسي اقول الحمد والشكر لله لأنه حتى هذه اللحظة هناك من يحيي هذه العادة في ظل الانشغال اليومي لأفراد الأسرة الكويتية. وبما أن اليوم العموم راح «يتقريش» اسمحوا لي أن أسطر بعض الأمنيات التي أتمنى أن لا يكون لها وجود في تجمعاتكم اليوم:
نحو قريش خال من…
• التقلقص بالصالة الصغيرة وترك الشراح والبراحة اللي بالصالات الكبيرة. وهذا الكلام اوجهه لأمهاتنا وجداتنا الله يطول بعمرهن اللواتي للحين عندهن أن صالة البيت الكبيرة لا يجلس فيها غير الضيوف ولا تفتح إلا للمناسبات والناس الغرب. فأتمنى أن يجري الكشف عن «القنفات» المغطاة بالشراشف من سنة الطفحة، ويجري استغلالها علشان انحلل فلوسها.
• الأيفون والبلاك بيري والأيباد لكي أتأكد أن العموم لا يعاني من داء الرقبة «المدنقة» التي سئمنا منظرها في الجمعيات والمطاعم والمجمعات، ونضمن ان العموم سيشارك بالحديث والضحك والسوالف، وليس كل واحد ماخذ «كتر» ويسولف ويضحك مع اللي عنده باللسته وكاشت باللي قاعد يمه.
• الحش والنميمة والغيبة و«القراظ» بالناس، يعني ماله داعي تنجاب سيرة شيخوه وسبجوه ولطفوه، وماله داعي تنذكر مساوئ حمود وعبود وعليوي. فلنستقبل الشهر الفضيل بقلب ابيض مليء بالحب والتسامح، حتى وان كانت شيخوه ولطفوه «امقطعين ينبكم» دعوهما ربكم اولى فيهما.
• الفشخرة الزايدة، بمعنى ما له داعي تكون عزيمة القريش في أفخم المطاعم والفنادق وتنترس الطاولة عن بكرة ابيها بأكل ما راح ينوكل وتخلين زوجك المسكين «ينق» ما تبقى من الراتب وفوقهم اللي بالفيزا، بس علشان ينقال قريش أم حمد ولا ام سعد ما عليه، صدقيني مردهم يأكلون ويترسون بطونهم وماراح يعجبهم، فخلي اللي بقى من أنواط معاش زوجك عند جوايد ابرك.
• الأكل غير التقليدي بمعنى أتمنى أن تكون موائد القريش مقتصرة فقط على الأكلات الشعبية الخاصة بالتراث الكويتي حتى نعيش فعلا هذه اللحظة ونستشعر سعادة هذا اليوم، فأتمنى أن يكون الباجيلا والنخي والهريس والجريش وخبز التاوه المسمسم والبلاليط والألبة والدولمة والميدم هي أسياد المائدة.
• أتمنى ان يكون القريش اليوم خاليا من الشورت القصير اللي يطلع العصاقيل (الجلحة الملحة)، والتيجان السود اللي ترفع الشعر للخلف والتراجي اللي بالأذون والحواجب اللي هابين فيها بعض الشباب هالأيام حسبالهم «يايبين اليهده» بالموضة والستايل، وأن يحل مكانها الدشداشة والمكسر والغترة والعقال وايد أبرك وأسنع وأستر.
أما البنات فماله داعي الشروال المرقع اللي انتي وفريجكم كله تدشون فيه و«البدي» المشقوق ناحية الكتف اللي تتقلقصين فيه علشان تورين الموجودين انك امسويه تان، واتمنى ان تكون الدراعة هي الأكثر انتشارا اليوم.
• أتمنى ان تختفي المونيليزات من جمعات القريش اليوم بمعنى ماله داعي «التشناين» يروحون بيت الحمولة وبوزهم شبرين لأنهم ما لهم خلق، وكان ودههم يروحون عند امهاتهم أو يطلعون مع صديقاتهم يتقريشون بره، فتجدهم طول الجمعة حاطين ريل على ريل والنفس اللهم يا كافي لا كلمة ولا نص. فأتمنى أن تكون الكشرة شاقة وجوهكم من اول ما تدشون فريج بيت حمولتكم دلالة على سعادتكم.
• أتمنى أن تختفي المناقشات السياسية والاقتصادية من جمعات القريش اليوم لأنها سترفع ضغطكم وتقلب مزاجكم، خاصة ان تطرقتم بالسوالف على حال البلد وخطط التنمية التي لا دري متى الله يفك عوقها وتشوف النور، فعوضا عن ذكر مسلم البراك وربعه تذكروا شعبان عبد الرحيم وربعه ترا وايد ابرك واشرح.
• أتمنى أن لا يكون لفلاشات تلفوناتكم أي أثر في تصوير الصحون والأطباق، ومن ثم عرضها بحسابكم بتويتر أو فيس بوك لأن كلش ماله داعي تصورون صحن الهريس وتقولون «هريس TIME» أو تصورون السفرة وتقولون «قريش TIME» ارحمونا عسى الله يرحمكم دنيا وآخرة من هذه السخافات.
آخر الكلام
هذه بعض أمنياتي المتواضعة لما أحب أن أراه في جمعات القريش اليوم، التي أدعو الله سبحانه وتعالى أن تكون فرصة للتسامح والحب بين المتخاصمين للبدء بصفحة جديدة، عسى ربي يتقبل مني ومنكم ويسعدكم ويدوم عليكم جمعاتكم ووناستكم، ويعود عليكم الشهر الفضيل أعواما وأعواما زايدين مو ناقصين أمين يارب العالمين.