روابي البناي
تصبيحة أعجبتني ضمن تغريدات المغردين في سرب تويتر تقول «صباح الخير أيها اليوم الجميل، هات ما عندك من هدايا ومسرات وأملأ يدي حتى تفيض».. صباحكم حب وسعادة ونشاط، وكل شيء حلو بإذن الله تعالى.
أعلم أنكم ستقولون «روابي مالنا خلق كفاية اللي فينا من حال الديرة اللي قاعد يتردى كل يوم بفعل توم وجيري (اقصد هنا المجلس والحكومة)»، لكني أقول لكم تفاءلوا أنتم في الكويت.. صحيح أن تأثير الصدمة ما زال قويا علينا حتى الآن من تأجيل استجواب سمو رئيس الوزراء لمدة سنة، وصحيح ان الصدمة الثانية التي قضت علينا هي «حلاو» الاستجوابات التي أمطرنا بها عناتر المجلس، وصحيح الصاعقة التي دهورت كياننا من وجود خلايا نائمة وتهديدات صريحة من الجمهورية الإيرانية، لكن يبقى الأمل موجودا بأن غدا سيكون أفضل من اليوم، وأن الكويت مازالت جميلة لأنكم أنتم أهلها، وأنا على يقين بأنكم لن ترضوا بأن يستمر الوضع على ما هو عليه وأنكم ستقفون وقفة صارمة في وجه هذه الإخفاقات والمهاترات التي جعلتنا «مكانك راوح».
أنتم الأمل يا أهل الكويت وأنتم الخير والبركة، أتمنى من كل قلبي أن نجلس ونفكر في هذا الكيان الذي نسيناه وتركناه وأهملناه، وجلعناه لعبة رخيصة في يد الذي يسوى والذي لا يسوى. دعونا نفكر في الكويت ونرى إلى أين أوصلناها؟ ومن أوصلنا لكي يقرر قوانين ويشرعها؟ دعونا نرى إلى أين وصلت جاراتها من تمدن وتطور وعمران بمختلف المجالات، ونرى أنفسنا؟
دعونا نرى الفتنة والطائفية الى أين أوصلتنا؟ فماذا يعني أن يسأل ابن السادسة ربيعا والديه عندما يعود من المدرسة: احنا شيعة ولا سنّة؟ وماذا يعني أن يقوم بعض المرتزقة بسب الصحابة بغية بث الفتن وتحريك الشارع؟ أين تماسكنا وحبنا بعضنا لبعض؟ لماذا بدأ الحبل المتين الذي عقده أجدادنا، وأقول هنا أجدادنا من دون تحديد سنّة وشيعة حضر أو بدو، لأنهم أخوة.
فأنت يا ضعيف النفس لن تستطيع شق جدار وحدة الشعب الكويتي الأصيل لأنه منذ نعومة أظفاره تربى على الوحدة ونبذ الطائفية.
صحيح أن هناك قلة قليلة ممن أصابهم خلل في مخهم وانجرفوا في مرتع الطائفية والقبلية، لكن تبقى هناك الأكثرية التي يجمعها حب الكويت فقط والوحدة الكويتية الخالصة من دون النظر إلى أي شيء ثان.
اليوم يا محفوظين السلامة سأتكلم معكم عن شاب كويتي طموح جدا جدا جدا، وأضع مليون خط تحت كلمة طموح، لأنه حتى كتابة هذه الأسطر لا يزال يحاول ويحاول بكل ما أتاه الله من قوة وجهد أن يغير من عادة مستأصلة بنا جميعا، وهي عادة الصرف و«قط الأنواط»، فهو يحاول من جهته أن يكون المواطن الكويتي مقتصدا وموفرا ومستثمرا وخاليا من الديون والبطاقات الائتمانية.. لكن هيهات، فمن المؤكد أنه يحلم حلما جميلا لا يريد أن يستيقظ منه.
هذا الشاب اسمه فيصل كركري، متخصص في مجال إدارة الأموال الشخصية، له عدة مؤلفات تخصصية في علم الادخار وإدارة الأموال.. تابعوا معي سالفة هذا الشاب وكيفية الحفاظ على الأنواط.
هل فيصل جعص؟
كما ذكرت لكم، فيصل كركري من خيرة شباب الكويت، لكنني أبصم بالعشرة أنه كويتي «بالسودة» فقط، واقصد هنا أنه كويتي بالجنسية فقط، لأنه من خلال معرفتي به أدركت أنه مثال مختلف عن شباب الكويت الذين نعايشهم بحياتنا اليومية، ومنهم أبي واخي وزوجي وزميلي في العمل. ففيصل لا تستهويه الرائحة الزكية لقهوة «ستارباكس» ولا الروب المثلج المتروس عن بكرة أبيه بالفاكهة من «بنك بيري»، لأن القهوة هذه تكلفه دينارا ونصف الدينار في اليوم، واختراق طوابير «بنك بيري» لأخذ هذا الروب المثلج يكلفه دينارين، في حين أنه يستطيع أن يجعل هذا الدينار والنصف الدينار خمسة دنانير واكثر في استثمار صغير.
في البداية انتابني شعور بأن فيصل يعاني من شدة «الجعوصية»، وقلت في قرارة نفسي: «الله يعين مرته، مسكينه شلون متحمله هالبخيل اللي يطالع الناس على الدينار ونص»، لكن بعد أن حضرت محاضرة له يشرح فيها كيف نستطيع بسهولة ومن دون عناء أن «ندوبل» فلوسنا، وكيف نعوّ.د أنفسنا على شرب القهوة الستاربوكسية مرة في الأسبوع وليس في اليوم مرتين، أدركت أنه ليس «جعصا»، لكنه مدبر ويحاول أن يعمم نعمة التدبير على الغير. لكنه لن ينجح بسهولة لأنه يواجه جيشا جرارا من الشعب الكويتي الذي يحب الصرف (وأولهم أنا) ويحب الطلعات والروحات الأمر الذي يحتاج طبعا «لمرد النوط بكل رهاة».
فيصل وفنادق الأربع نجوم
مع اقتراب موسم السفر والهروب الكبير من الحر والشمس الكويتية، على غرار الهروب الكبير الذي حصل للحكومة السابقة إثر تقديم الاستجواب الصرعاوي الغانمي لبونابرت الكويت، بدأ بن كركري بتقديم بعض النصائح والإرشادات لإخوانه الكويتيين، التي ستساعدهم من وجهة نظره على توفير اكبر قدر من البيزات.
يقول بن كركري: لا عيب بالسكن في فنادق الأربع نجوم أثناء سفرتكم الصيفية؟ وأنا أقول له «يا فيصل ترا أمك داعيتلك، لأن حتى هذه اللحظة ماحاشك طشار الكويتيين، فأنت من صجك الكويتي بسفرة الصيف، خاصة اذا كان مسافر العاصمة البريطانية أو كان وماربيا، تبيه يقعد في فندق أربع نجوم؟
الصراحة، واسمح لي اقول لك انه ما عندك سالفة، لأنك بكلامك هذا ارتكبت جريمة شنعاء نكراء يعاقب عليها القانون؟ فكيف تريد الكويتي بجلالة قدره وهيلمانه أن يسكن في فندق أربع نجوم؟
عيل شلون راح يسوي شو show ويصير حديث الصيف ومسجات الواتس اب والبي بي اللي تتطرش من لندن وباريس حق الكويت؟ شلون يطبق دوره في فيلم الشحاطة اللي قعد طول السنة يكتب السيناريو الخاص فيه علشان يرسم على البنات اللي راح يتواجدون بالمصيف واللي أهم أكثر منه شحاطه؟
قواعد أساسية
انت ما تدري ان سفرة الصيف عند الكويتي شيء مقدس ومن أساسيات الحياة ولها قواعد لا يمكن أن تنتهك. فالكويتي إذا ما شخط الفيزا او جدد قرضه أو راح التسهيلات وغيرها ليأخذ قرضا مساندا على قولة اخوانه المصريين «يشبرأ فيه نفسه» ما يصير كويتي.
فالكويتي خاصة بالصيف يجب ان يسافر درجة اولى وطبعا ليس على متن العجوز المريضة (الكويتية) لأنها موضة قديمة تحتاج عمليات نيو لوك كثيرة بعدين يفكر فيها، ويجب ان يسكن في فندق خمس او ست نجوم، سيكون منبع القز الصيفي ومقر تجمع الأسرة الخليجية حتى ينشهر وينعرف، والناس كلها تعرف ان فلان او فلانه موجودين بلندن او بنيس، ويجب أن يتعرف على واحد قطري ولا سعودي من اللي شاحنين سياراتهم الفيراري ولا البنتلي واللمبرجيني، علشان لما السناره تغمز يكون هذا الكويتي مضبط عمره.
وانت يافيصل تقول موعيب تسكنون بفندق أربع نجوم الله يهداك ان شاء الله».
فيصل والمطاعم
ومن العادات التي ينادي بها المدبر فيصل كركري أنه ليس عيبا عندما يكون الرجل مع زوجته في مطعم ويأتي النادل بالفاتورة ان تدفع هي الحساب، صج مو كل مره بس لا بد ان «تنق» وتدفع فاتورة الأكل اللي تنطعت فيه.
طبعا أرجع وأقول: يا فيصل انت تتكلم «عشرة بالشهر»، لأن الكويتي شهم ولا يرضى على نفسه ان زوجته توكله، لكن يرضى على نفسه أن يأخذ معاشها، او يحط على ظهرها قرض، أو يشتري سيارة ويخليها تكفله، او يستولي على بطاقتها الائتمانية.
هل تعلم لماذا يرضى بهذا الشيء؟ لأنه سيكون بالخش والدس بينه وبينها، ولكن في المطعم عيب أمام الناس ان يكون «مرتز» وزوجته تفتح جنطتها وتدفع الفاتوره، يخاف ان يراه احد من ربع الديوانية أو الدوام ويقول «أفا فلان مرته تصرف عليه»، لا يعلمون أن فلان هذا لولا هذه المرأة الجالسة أمامه لكان ضاع.
ما الحل يا فيصل؟
كنت ضمن حضور المحاضرة الأخيرة لفيصل كركري التي خصصها لتقديم نصيحة لأخوانه موظفي القطاع النفطي حول كيفية صرفهم لمشاركة النجاح التي جرى منحهم اياها، لكن اقولها بكل صراحة وان شاء الله لا تزعل مني يا فيصل لم اخرج من المحاضرة بنتيجة فعلية، لأنك لم تعط حلولا او قنوات، فكل ما تفضلت به اننا نستطيع ان نستثمر في بنك واسهم، لكن لم تقل ما الاستثمار الأنسب وأين؟
قد تكون آثرت ان تتكلم بسطحية حتى لا يقال ان فيصل يريد أن يسوي دعاية ويأخذ الفلوس ليوظفها ويعطيكم ارباحا، وهذا اختيار اهنئك عليه.
لكن اسمح لي ان اسدي لك بنصيحة، فأنت تقول «قلصوا من طلعات المطاعم والقهاوي، وقلصوا من المجمعات والمشتروات، وقلصوا من سفرات الويك اند…». أنزين ترى الروح تبي الأرواح، وكما تعلم لا يوجد في الكويت غير المطاعم والمجمعات، وهذان لا بد من الصرف فيهما.والأجدر بك أن تسدي نصائحك للحكومة، وبالأخص للوزير التنموي، لإدراج أهدافك وخططك الناجحة بكيفية إدارة الأموال وحفظها حتى لا تخرج من الأراضي الكويتية بأن يستعجلوا بتنفيذ خطة التنمية التي صارت مثل «بيض الصعو»، وأن يضعوا في الاعتبار وجود أماكن ترفيهية، منتزهات، متاحف بأسعار رمزية تساعد المواطن على الادخار والاستمتاع في الوقت نفسه.
هنا نستطيع أن نقول لك الله يخليك لنا يابن كركري، «مو تقول لنا لا تروحون مطاعم ولا تسكنون بخمس نجوم الله يهداك».
آخر الكلام
على المنحة الأميرية والمكافآت السنوية كركري «مايهدا موليه»، يريدنا أن نقتصد ونستثمر وأن نسمعه ونوفر ونحن على الصرف ما نصبر.. يا كركري لك رسالة: ترى عقلك فيه تدبير وعلمك كبير.. لكن في ديرتنا للأسف لا ينفع ولا يصير.