روابي البناي
صبحكم الله بالخير والحب قرائي الأعزاء، أتمنى أن تكونوا قضيتم نهاية أسبوع جميلة وسعيدة، كما أتمنى أن تكون الولادة المنتظرة للحكومة الجديدة قد تيسرت وتسهلت بعون الله وانتم تتصفحون هذا العدد من «القبس»، وأن يكون نتاج هذه الولادة دماء جديدة تضخ في عروق حكومتنا، لأننا مقبلون على مرحلة تنمية وازدهار تحتاج إلى طاقات شابة نشطة، لكن برئيس واحد أنا شخصيا لا أقبل بغيره وهو ناصر المحمد الجابر الصباح.
اليوم استميحكم عذرا أن آخذ منحى مغايرا للمنحى الاجتماعي الاسبوعي، وذلك لوجود كلام «قاص» بقلبي أود أن أخرجه معكم.
وأنا أجمع أفكاري لكتابة هذه السطور خطر على بالي مقطع للمبدع الفنان عبد الحسين عبد الرضا في مسرحية «فرسان المناخ»، يناقش فيه وزير المالية حول اسماء الشركات الخاصة به ومنها شركة «بيض الخعفق» و«فرخ الخغنفق»، فصرخت: وجدتها.. وجدتها، فهذا أنسب عنوان مع تغيير البيض والفرخ.
دعونا اليوم نتحدث عن تصرفات بعض شبابنا الحلوين الطموحين ذوي الأفكار الوطنية، ممن جرى تنويمهم مغناطيسيا وغسل مخهم، فأصبحوا كما ذكرت يتحدثون بلسان هذا التجمع ويفكرون بعقل هذه الحزب ويرون بعين هذه الجمعية الإسلامية من دون النظر إلى مصلحة الوطن الذي هو أغلى وأثمن من كل شيء.
شباب «كافي» وشرب القهوة على الكراسي
«كافي» و«السور الخامس» و«نريد»، وغيرها من الأسماء التي لها أول وليس لها آخر، هي أسماء لتجمعات شبابية لشباب كويتي مثل الورد، مثقف، واع، يحب بلده، ويريد ان يراه في مصاف البلاد المتقدمة في كل المجالات. لكن على قولة المثل «الحلو ما يكملش»، فهؤلاء الشباب أجريت لهم عملية غسل مخ وتنويم مغناطيسي، أثرا بشكل سلبي في تصرفاتهم وتعاملهم.
عندما أرى او أسمع مطالب وتصريحات هؤلاء الشباب، أتذكر مقولة الفيلسوف والكاتب والسياسي الألماني كارل ماركس التي تقول إن «الدين أفيون الشعوب»، معللا ذلك بأن الدين لا يشجع الفكر الحر بل يجعل الناس كالمخدرين من دون طموح الى التقدم والتغيير.
فلو قسنا هذه المقولة على حياتنا السياسية وألقينا الضوء على وضع هؤلاء الشباب، او هذه الحركات والتجمعات، سوف نتيقن اننا شعب مخدر. فشباب «كافي» و«نريد» و«السور» (وغيرها من الأسماء التي على أفا من يشيل) جرى تخديرهم وتنويمهم من قبل بعض السياسيين، سواء ممن اتخذوا الدين ستارا لهم ولمصالحهم، أو ممن غيروا منهجهم أخيرا وتحولوا بقدرة قادر من أصحاب فكر ليبرالي بحت إلى أصدقاء حميمين متحابين مع الإسلاميين ومطلقي اللحى، وهذا ما تبرهن عليه تصريحاتهم ووجوههم التي تنير مهرجانات وندوات اصدقائهم الإسلاميين.
خراب ودمار
فهؤلاء الشباب المساكين يملأهم الحماس ويتملكهم حب الشهرة، وفي الوقت نفسه ليس لديهم الرغبة في مشاهدة حجم الخيبة الكبيرة التي اشتركنا بها جميعا بخراب ودمار الكويت، وذلك من خلال إعطاء أصواتنا لهؤلاء النواب الذين منذ أن تأسس مجلس الأمة إلى يومنا هذا، وهم يحجزون الكرسي الأخضر، كأنهم تربطهم به قصة حب وعشق فاقت حب عنتر العبسي لعبلة.
فلو استعرض هؤلاء الشباب الأسماء المكررة منذ عام 1975 إلى عام 2010، لعرفوا كم نائب تكرر نجاحه وكم هي نسبة التغيير، وأدركوا لماذا لم يحدث تطور وتقدم وتنمية بالكويت؟ ولماذا لم تنجح الحكومات بعملها؟
فالأسماء هي.. هي، والوجوه هي.. هي، والطرح هو.. هو، سواء كان هذا النائب شيعيا أو سنيا أو حضريا أو بدويا، «حاط اللحية أو فاصخها»، فجميعهم مكررون و«مكانك راوح»، كأن الكويت لا يوجد فيها رجال!
نعم نحترمهم ونحترم تاريخهم، لكن في اعتقادي أن الكويت تستحق الأفضل وتستحق رجالا لهم وزنهم الفكري والعلمي بالدرجة الأولى، ومن ثم خبرتهم، حتى لو كانت محدودة.
فمن وجهة نظري يفترض بمن يريد دخول هذا المجال أن يكون لديه وعي كامل بكل المجريات الخارجية والداخلية من دون التأثر بالطائفة أو العائلة أو القبيلة.
المصلحة فوق الجميع
فأنت أيها الشاب يا من طاح حيلك وانت تحمل لافتة «ارحل»، وعطنت من الحر وانت جالس في ساحة «القرادة»، قصدي الإرادة، لتنفذ أوامر الذين يحركونك لأجل مصالحهم، ألم تسأل نفسك ولو لوهلة واحدة لماذا هؤلاء موجودون حتى الآن؟ لماذا يقوم هؤلاء النواب المعششون بضرب هذه الشعارات والقيم التي ينادونكم برفعها عندما لا تخدم مصالحهم ومصالح طائفتهم أو قبيلتهم وعوائلهم عن طريق تمرير الواسطات وإرساء الصفقات؟
نحن لسنا ضد إيصال مطالبكم التي ترونها إصلاحية، لكن هل هذه هي الطريقة الصح؟ هل اللجوء الى الشارع هو لغة الحوار بيننا وبين ولاة امرنا؟
هؤلاء «الشياب» الذين يحركونكم، والذين أيقنوا أن زوالهم دنا عرفوا من أين تؤكل الكتف، لأنهم لمسوا اندفاعكم وتأثركم بأفلام الأبيض والأسود، خاصة أفلام حرب 76 وغيرها، «فحبوا يسوون أكشن»، وعوضا عن تهدئتكم أشعلوا النار ونادوا للخروج الى الشارع تحت مسمى الديموقراطية.
صورة للفضائيات فقط
وفعلا كان لهم ما أرادوا فخرج لنا شباب «كافي» الذين أتت الرياح بما لا تشتهي سفنهم. فالراصد لكمية الإعلانات والرسائل والتهديدات التي سبقت إطلاق اعتصامهم سيقول ان ساحة «القرادة» سوف تشهد ميدان تحرير مصري ثان، لكن عدد المشاركين في هذا الاعتصام لم يتعدَّ عشرين شخصا، ثلاثة ارباعهم صحافيون ومصورون جرت دعوتهم لكي يشهدوا فعاليات الاعتصام. وأتوقع أن هذه خير رسالة يبعثها أهل الكويت لكم ولمن يحرككم.
فأتمنى منك أيها الكويتي يا من تحب الكويت وتخاف على الكويت وأمنيتك أن تراها جميلة كما كانت، أن تفكر بعقلك وترى بعينك وتمشي بإرادتك. فهؤلاء لو كان قلبهم فعلا عليكم ويطبقون ما يملونه عليكم لكانوا مكثوا معكم بالحر والغبار، ولا يمرون فقط مرور الكرام في الوقت الذي تكون فيه عدسات مصوري الصحافة والقنوات الفضائية موجودة، وبعد أن يصرح كم تصريح (مثل وجهه) يشرب القهوة ويمشي.
أين أنتم من الدستور؟
التجمع الثاني او الحركة الثانية اسمها «إلا الدستور»، وتنادي بتطبيق بنود الدستور واحترامه وعدم المساس به، وهذا شيء جميل ويوضع على الرأس. لكن ما يدعو الى العجب هو انهم وغيرهم من على شاكلتهم ينادون بشيء ويفعلون شيئا ثانيا.
فهم ينادون باحترام مواد الدستور وفي الوقت نفسه يقومون بعمل اعتبره من وجهة نظري المتواضعة مخزيا، لأن به تعديا صريحا وسافرا على بنود الدستور، وذلك بتدخلهم في صلاحيات صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله تعالى باختيار رئيس الحكومة الكويتية، وذلك بقيامهم بجمع تواقيع تنادي بعدم تنصيب ناصر المحمد الجابر الصباح رئيسا للحكومة الجديدة، بل وصلت خدماتهم الجليلة إلى فتح موقع الكتروني خاص لمن لا يرغب بالخروج من بيته، فكل ما عليه فعله هو دخول هذا الموقع وتسجيل اسمه ورقمه المدني، وتسجيل اعتراضه ورفضه لتنصيب ناصر المحمد.
.. وأين الأخلاق والاحترام؟
أهذه هي أخلاق الكويتي؟ أهذا هو احترام مواد الدستور؟ اهذه هي كلمة شكرا لرجل خدم الكويت واهلها لسنوات؟
انا لا أقول ان ناصر المحمد «ملاك»، ولا أقول أنه لا يخطئ لأنه بشر ومعرض للخطأ، كما انا وانت معرضون له، لكن هل يستحق رجل قدير من عائلة نحترمها وارتضيناها أن تحكمنا، أن نقوم بأعمال صبيانية كالتي تقومون بها؟
ان كانت لديكم ملاحظات على ناصر المحمد، من حقكم أن تطالبوا بفتح قنوات حوار معه وأن تجلسوا معه وتشهدوا الشارع الكويتي على مطالبكم وملاحظاتكم التي هي اولا واخرا في مصلحة الكويت وليس بالنزول إلى الشارع.
صدقوني أن الذين «يترسون» مخكم ويحركونكم ويطالبونكم بجمع تواقيع واعتصامات، هم أنفسهم الذين يرتمون في حضن ناصر المحمد وغيره وقت المصلحة والمناقصات.. اصحوا.