روابي البناي
صبحكم الله بالخير أحبائي، اليوم اسمحوا لي أن أخصص مقدمتي لعنصر مهم ومهم جدا في حياتنا اليومية، وبمعنى آخر الركيزة الأساسية لنجاح أي أسرة، فاليوم أحب أن اخص الأمهات بمقدمتي وأبعث لهن تحية حب وتقدير واحترام بمناسبة احتفالنا غدا بعيد الأم، او بعيد الأسرة حتى لا أعطي فرصة للسلبيين أن يتصيدوا مادة جديدة لاستجواب سمو رئيس الوزراء، بأنه كيف سمح لجريدة تصدر في الكويت بأن تتفوه وتعلن عن وجود عيد غير العيدين، وهذا فيه فساد فكري للقراء، وغيرها من الخرابيط والبرابيط التي لا أول لها ولا آخر.
فتحية حب واحترام وإجلال مصحوبة بقبلة أطبعها على جبين كل أم ضحت من أجل سعادة أبنائها وتماسك أسرتها، وتحملت «الظيم والظلايم» سواء من زوج الغفلة أو من الحمولة وحطت بقلبها وصبرت، وكما يقولون بالكويتي «اصفطت عمرها» حتى تربي عيالها أحسن تربية ليكونوا عناصر فعالة بالمجتمع.
فكل عام وأمهات العالم بألف خير، ويا رب لا تفارق البسمة والسعادة وجوههن، وعسى ربي يطول بعمركن ويخليكن لنا ذخرا ان شاء الله، وألف رحمة تتغمد أرواح الأمهات اللاتي فارقن دنيانا الفانية الى مثواهن بجوار العلي القدير.
واستميحكم عذرا بهذه المناسبة أن أبعث رسالة حب واحترام لحبيبة قلبي ونور عيني (أمي لطيفة)، وأقول لها مشكورة يالغالية على وقتك وصبرك، وعلى كل شيء فعلته لنا، ولو أعطيك عمري كله لما وفيتك حقك.. أحبك.
سالفتنا اليوم سلمكم الله تتطرق إلى ظاهرة خطرة باتت تهدد المجتمع الكويتي وتزعزع كيانه، ولا أبالغ ان قلت ان خطرها أضحى أشد تهديدا من خطر «العداني على المعدس» لمرضى السكر.
فالظاهرة التي تفشت في أركان مجتمعنا هي ظاهرة الطلاق، ونسبة زيادتها مرعبة حسب إحصائيات إدارة التوثيقات بوزارة العدل، فقد ارتفعت بشكل ملحوظ منذ عام 1996 وحتى 2010 بنسبة تفوق الـ %50 وهو مؤشر مخيف جدا، الأمر الذي يدعونا جميعا للوقوف والنظر لأسباب هذه الظاهرة وكيف انقلب الحال رأسا على عقب.
فالحال قبل عشر سنوات كان مختلفا جدا عما هو عليه الآن، ففي السابق كانت البنت تخاف حتى أن تشتكي لو كان زوجها «أردى زمانه»، وتقول في قرارة نفسها «أتحمل وأسكت حتى لا يتهور ويطلقني بعدين أرجع بيت أهلي والناس يقولون عني مطلقة». أما الآن فالوضع مختلف تماما، فلو قالت له صباح الخير ورد عليها صباح النور من دون كلمة حبيبتي تقول له «طلقني مابيك».
عدم تحمل المسؤولية
كما ذكرت، يدعونا هذا الأمر للوقوف والتحليل، وأنا عن نفسي أكتئب عندما أسمع أن فلانة تطلقت وفلان طلق، وتزيد ضيقة الخلق في حال كانا حديثي الزواج، أو إذا كان فيه «يهال» صغار. فما هي يا ترى الأسباب القهرية التي أدت إلى ارتفاع مؤشر الطلاق في الكويت؟
بعد البحث والتمحيص بمساعدة بعض الأخوة المحامين وبعض الأخوات في إدارة التوثيقات وبعض المطلقات أنفسهن، توصلت إلى نتيجة واحدة جرى الإجماع عليها، وهي أن أهم أسباب الطلاق بالكويت تنحصر في اللامبالاة، وحب الذات، وعدم الرغبة بتحمل المسؤولية، وعدم وجود الخبرة في تحمل شؤون الحياة بشكل عام وشؤون الزواج بشكل خاص، خاصة لدى فئة الشباب ممن تتقارب فئاتهم العمرية.
وهذا يوصلنا إلى نتيجة مهمة، وهي ان فكرة الزواج المبكر فاشلة بجميع المقاييس، وتؤدي في النهاية الى وجود مطلقة ومطلق بالبيت. وإلى جانب الزواج المبكر هناك قائمة عريضة طويلة لأسباب الطلاق في الكويت أقسمها إلى أسباب رئيسية واجتماعية واقتصادية.
أولا:
الأسباب الرئيسية
تقول لي إحدى الباحثات بإدارة التوثيقات بوزارة العدل ان أهم ثلاثة أسباب جرى تسجيلها لحالات الطلاق في السنتين المنصرمتين هي:
• السبب الأول: عجز الرجل الكويتي والبرود الجنسي للمرأة الكويتية، وبمعنى آخر عدم التجانس الجنسي الكامل بين الزوجين، وهذا أمر خطر. وللأسف لم يجرؤ أحد على التطرق له ومعرفة أسبابه وبحثه علميا واجتماعيا وتربويا للوصول إلى حل له.
فهناك الكثير من الزوجات اللواتي يطلبن الطلاق بسبب عدم مقدرة الزوج على اعطائهن حقهن الشرعي، أو بسبب استخدامه لأساليب شاذة. والأمر ذاته بالنسبة للزوج الذي يشكو من برود زوجته وعدم استجابتها له وإشباعها لرغباته الجنسية التي هي حق شرعي له.
• أما السبب الثاني الذي يتصدر سجلات الأحوال الشخصية في وزارة العدل فهو الخيانة (من كلا الطرفين) التي تعللها الزوجة بإهمال زوجها وانشغاله المستمر عنها، ويعللها الزوج بعدم مراعاة الزوجة له، وعدم تهيئة الجو المناسب له والذي يجده عند غيرها، وكلها من وجهة نظري أسباب تافهة.
• السبب الثالث هو عناد الزوجين، فالمرأة الكويتية قوية الشخصية والرجل الكويتي حاد بطبعه، وهنا يبدأ التصادم بين انفتاح المرأة وفهمها للحرية بشكل خاطئ وهذا الرجل، الأمر الذي يؤدي في النهاية الى «بوكسات وطراقات، وتورم خد وتزرق عين»، ثم طلاق وتشتت.
وتكون الطامة الكبرى في حال وجود أطفال بينهما، فالعناد يصل اعلى مراحله بين الطرفين والضحية هم الأطفال الذين يضيعون بين حانا ومانا.
ثانيا:
الأسباب الاجتماعية
• التدخل اللامبرر من أهل الطرفين، خاصة تدخل الأمهات (الله يهداهم) وتكبير رأس البنت على زوجها، أو حشو مخ الزوج على زوجته، كأن الاهل يجدون ضالتهم في إتعاس أبنائهم وهم لا يشعرون.
هذا علاوة على تدخل بعض الأخوات، خاصة إذا كن غير متزوجات، في حياة أختهن المتزوجة أو أخيهن، فتجد الواحدة منهن ما ان تشاهد محيا أختها المتزوجة حتى يبدأ مسلسل التحريض العسكري على الزوج، والشيء نفسه بالنسبة للزوج الذي يرجع من بيت أهله وصدره مملوء عن بكرة أبيه بالحقد الدفين على هذه الزوجة.
• الإهمال من كلا الطرفين والاعتماد الكلي على الخادمة، إلى درجة أن الخادمة هي التي تغطي أحد الأزواج عندما ينام لأن ست الحسن والجمال «مو فاضية».
للأسف لا تحسن بعض العوائل تربية أبنائها وبناتها، ولا تهيئهم للحياة الزوجية، الأمر الذي نتج عنه وجود بنات مستعدات للزواج شفهيا فقط، وليس عندهن ادنى استعداد لتحضير وجبة عشاء أو رعاية طفل صغير، لأن الواحدة منهن تربت على العز والاتكالية وعدم تحمل المسؤولية، فتجد ان أول طلب تطلبه عند الزواج هو الخادمة، وعند ثبوت حملها بأول طفل تطلب المربية، وعند ثاني طفل تريد مساعدة للمربية.
كذلك نتج عندنا رجل يحب السفرات والقعدة اللي مالها داعي بالقهاوي والدواوين والتسمت بالكافيهات وموخز خلق الله.
• اختلاف المستوى الاجتماعي والتعليمي، وهذا يدعونا الى لوم الأهل او الطرفين منذ البداية لكيفية إتمام هذا الزواج، فمن وجهة نظري ان توافق المستويات الاجتماعية والتعليمية بين الزوجين أمر في غاية الأهمية.
• زواج الأقارب الذي عاد بقوة في الفترة الأخيرة تماشيا مع مقولة «اللي تعرفه احسن من اللي ماتعرفوش»، و«دهنا في مكبتنا»، بحيث يعقد هذا الزواج كصفقة يضمن بها الأهل عدم خروج الارث خارج نطاق الأسرة.
ثالثا:
الأسباب المادية
• التقليد الأعمى والمظاهر من أسباب الطلاق بالكويت، فالزوجة تبحلق بما تملكه غيرها، سواء اختها او صديقتها، وعندما ترجع إلى البيت تتسلط على هذا المسكين وتقول له «يا إما تشتريلي ساعة مثل اللي عند فلانة ولا طلقني».
أو ترجع من بيت اهلها بوزها شبرين، وعندما يسألها زوجها: «شفيج يا بنت الحلال؟»، تجيبه: «اختي راح تسافر تغير جو ابي اروح معاها وابيك تعطيني مصرف وتحجز لي تذكرة درجة اولى». ويا ويله يا سواد ليله اذا قال لها ما عندي، فيكون الرد جاهزا: «الشرهة علي انا اللي رضيت فيك يالمنتف، طلقني».
وطبعا هذا الزوج لا يهون عليه ان يكسر بخاطر زوجته، فتجده من فجر الله، وشهادة الراتب بيده، ينتظر أن يفتح البنك، حتى يضع على ظهره قرضا يجعله «امنحدب» طول عمره من الفوائد، فقط من أجل أن تسافر «ام نكره ونكير» مع اختها.
والأمر ذاته، بالنسبة للزوج المادي الذي لا يفكر إلا بوناسته و«شحاطته الزايدة» أمام ربعه، فتلقاه يجبر زوجته على أن تأخذ قرضا أو ترفع الحد الائتماني لبطاقة الفيزا، وتعطيه حتى يذهب مع ربعه ليرى «ميسي» أو «كريستيانو» وهما يلعبان، أو قد يصرف فلوس «هالمقرودة» على بنات ابليس.
وطبعا لا تستطيع الزوجة أن تحرك «برطم عن برطم» لأنها اذا قالت لا، سيقول لها: «لج نص ساعة تشيلين اهدومج وطسي بيت أهلج باللي مايحفظج».
آخر الكلام
استعرضت لكم بعض النماذج التي تمر يوميا على سجلات الأحوال الشخصية في وزارة العدل، والتي توصلت من خلالها إلى نتيجة واحدة، هي أن المقبلين على الزواج هذه الأيام، يأخذون من الزواج القشور ويتركون اللب.
فبعض البنات عندما تتم خطبتها تجدها تقعد سنة كاملة كل همها «شلون ابيض كيعاني» و«شلون اخلي الناس تحجي عن عرسي»، والحال نفسه بالنسبة للشاب تلقاه يقول لربعه «خلاص انا بعد جم شهر بودع العزوبية واتوب علشان جذي نبي نفصل ونستانس».
المفترض أن فترة الخطبة (أو الملجة) هي الأرض الخصبة التي ستقفون عليها وتبنون مسيرة حياتكم بها وتخططون لمستقبلكم ومستقبل أطفالكم، وليست فقط فترة «عشيات» بالمطاعم أو سوالف فاضية بالتلفون أو تمشي في المجمعات يدا بيد (علشان تحرين صديقاتج وتتشيحط جدام ربعك).
فأتمنى من كل قلبي أن تكون هناك صحوة سريعة من الأهل وخوف على مستقبل أبنائهم الأسري، كذلك أتمنى من نوابنا الأفاضل أن يقاتلوا للحد من انتشار هذه القنبلة الموقوتة، والوقوف على أسبابها وتشريع القوانين والاستعانة بذوي الاختصاص والخبرة لمعالجتها، لعل وعسى نستطيع أن نذكركم بخير بعد أن «تفارجونا» بالانتخابات المقبلة.