” و قال لهم نبيهم إنّ الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنّى يكون له الملك علينا و نحن أحق بالملك منه و لم يؤت سعة من المال قال إنّ الله اصطفه عليكم و زاده بسطة في العلم و الجسم و الله يؤتي ملكه من يشاء و الله واسع عليم” من سورة البقرة أعلنت بعض الشخصيات العامة الشهيرة عن نواياها للترشح لرئاسة الجمهورية و تحمل هذه المسئولية الخطيرة التي تعد تكليفا مصيريا يسجله التاريخ لهم أو عليهم و ليس مجرد تشريف و شهرة و أضواء و من أبسط حقوق الشعب المصري أن يعلن هؤلاء عن سيرتهم الذاتية بمنتهى الشفافية من خلال قنوات شرعية كالجرائد و الفضائيات حتى نستطيع معرفة هويتهم و اتجاهاتهم و أفكارهم و الأجندة المقترحة بما فيها من مشروعات تنموية و خطط و برامج إجرائية و عملية و ليس مجرد شعارات كاذبة زائفة و استراتيجيات واعية لكيفية إدارة الأزمات و حل المشكلات التي عانت منها البلاد لفترة تزيد عن النصف قرن من فقر و مجاعة و ظلم و تفاوت طبقي و اجتماعي و ما موقف هؤلاء المترشحين من قضايا الصحة و تدهور التعليم و البطالة و التضخم الاقتصادي و ارتفاع أسعار السلع الأساسية و تدني قيمة الجنية المصري أمام العملات الأجنبية مما هدد البنية التحتية لنظام اقتصادي فاشل قائم على أفكار مستوردة و كلمات الحق التي يراد بها باطل كالخصصة و غيرها فوجدنا أنفسنا أمام نظام رأسمالي جائر بدون قيود تحكمه و تحمي حقوق الشعب المصري المسكين فأدى كل هذا إلى هجرة الشباب و هروبهم إلى خارج البلاد بصورة شرعية أو غير شرعية لمصير مجهول لا يعلمه إلا الله وحده و منهم من اتجه إلى الهروب من الواقع الأليم و أدمن المخدرات التي دخلت البلاد لتدمير شباب الأمّة و أصبحت في متناول الجميع كأقراص الأسبرين و منهم من أصابه الإحباط و الاكتئاب كما زادات العنوسة بين الجنسين العاجز عن توفير مأوى و سكن بسيط ليبدأ حياة أسرية متواضعة و انتشر الزواج العرفي و عرفت قضايا إثبات النسب طريقها إلى المحاكم المصرية فمن يجد في نفسه القدرة على التعاطي و التعامل مع هذه التحديات فمرحبا به فالشعب لم يعد يحتمل أي فساد أخر أو نماذج بشرية مريضة تطلب السلطة حبا في النفوذ و المال و السلطان و ليس مصلحة الوطن كما حدث في السابق فكانت النتيجة ضياع أجيال متعاقبة و فقر و ديون و كوارث كما أتمنى أن تتسم الانتخابات الرئاسية القادمة بالنزاهة و الشفافية حتى يحكم البلاد من هو أفضل و أصلح و ليس من هو أعلى صوتا و أكثر نفوذا و بلطجة و أموالا فنجد أنفسنا مرة أخرى في قبضة استعمار محلي و عصابات فاسدة يستحوذون على خيرات و ثروات البلاد و يحاولون القضاء على الأخضر و اليابس كما يتمنى أبناء الوطن أن لا يحكم البلاد وزير فاسد أو ظالم أو جاهل أو حتى غير متخصص أو حاصل على الشهادة الإعدادية مثلا أو بالأحرى لا نريد وساطة و محسوبية أو فهلوة أو أي مجاملات على حساب مصلحة الوطن فمصر دولة كبيرة لها ثقل دولي لا يستهان به كما يوجد بها كوادر بشرية متميزة في جميع المجالات و علينا أن نتذكر الحكمة التي تقول إن صلحت الرأس صلح الجسم كله و إن فسدت فسد الجسم كله فنحن في أشد الحاجة لنظام جديد قائم على النزاهة و الشفافية و الشعور بالولاء و الانتماء لمصرنا الغالية فمصر التي في خاطري دولة برلمانية رائدة قائمة على الحق و العدالة و الدستور و سيادة القانون و ليس على سلطة إحادية متمثلة في شخص رئيس البلاد فالرسول عليه السلام كان يعتمد اعتمادا كبيرا على الشورى و تبادل الأراء بالرغم من كونه لا ينطق عن الهوى فلنتخذ من الرسول القدوة الحسنة التي تضىء دروبنا المظلمة. |