كتب : هشام السعيدي
ساءت أحوال الناس بعد تدهور المعيشة و تراكم المصائب و الكوارث عليهم ، فقد عاشوا الهم و الغم و شتى أنواع التعذيب و الترهيب النفسي و الاجتماعي على اثر انصباب العدو و تخطيطه المحكم الذي أفقدهم كل الامال في العيش براحة و اطمئنان ، و بات الكل يدعو ربه النجاة و الفرار من موت محقق يلاحقهم كل دقيقة و ثانية عن طريق المدفعيات و الأسلحة المتطورة التي نصبت ووضعت في أمكنة مصوبة باتقان على المساكين و الفقراء و الأطفال .
الحال هنا بين خيال وواقع ، يسهل تصديقه و يصعب تكذيبه لكن الأمر المحير و الذي يشد الأذهان هو كيف يمكن الجمع بين شيئين متناقضين و متضادان ، فأمريكا تدعو للسلام و الأمان و لا تعمل به ، و الانسان العربي يتكلم بلسان عربي مسلم و لا يعمل بالاسلام و الثقافة العربية …
الأمر شبيه بالنفاق الاجتماعي كما أسميه وهو كذلك ، بل أكثر من هذا هو نفاق نفسي ذاتي لكل واحد منا على نفسه و مع ذاته ، نعيش في الوعود و الأوهام و هذا ما يطبق في السياسيات الدولية بكل تأكيد أي أن الحياة الشخصية لشخص معين هي تطبيق و تطوير للمشهد العالمي ، فان كانت فلسطين تعيش ارهابا و احتلالا فالانسان العربي كذلك بالمثل يعيش تدفقا مهولا للقتال مع الخطا و الصواب و الحقيقة و الخيانة و العديد من المصطلحات التي لم يدرك بعد صيرورتها و مكان تنظيمها أي بشكل عام فوضوية مترتبة عن انقلابات داخلية و تغيرات بالجملة .
في بعض الأحيان ندخل أنفسنا في متاهات نحن بعيدون عنها بالمعنى الكلي ، كحال التلميذ عند الاجابة يسأله الأستاذ عن الفكرة العامة للنص فيجيب عن أمور بعيدة
كل المدى و نفس الشئ عند الصحافي و المهندس و المسؤول و الوزير و … لنعمل على أمور تخصنا مائة بالمئة و لنترك ما ليس لنا جانبا ، هذه قاعدة فلنتفرغ في صياغتها و الأخذ بها طيلة حياتنا في هذه الدنيا فمن حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه كما قال خير البشرية ، و الا لانقلبت الموازين فيصير الطبيب شاعرا و المعلم اماما و الفقيه فنانا و قس على ذلك مجموعة معطيات كلها تعنينا كبشر .
دع ما لا يعنيك يا انسان و لا تلتمس الاعذار ان للحياة دور كبير فاعلمه الا وهو الفرار
فرار من الضعف للقوة و من الجحيم للابرار هكذا الدنيا بين التماس و ازدحام و انشطار نعم لنقاتل ، لنجاهد ، لنحاول التخلص من رواسبنا لكن بحماس و جدية و قوة وصرامة ورجولة تامة ، ألا فان العربي المسلم عرف بقوته و عزيمته وارادته عند كل أمر و ليس كمثل رجولة اليوم حيث صرنا نرى المخنثين و التافهين عند كل موضوع مهم يخص البشرية … اننا في عصر الفتن ، عصر الظلمات و الانحطاط و السفك المباشر للقيم و الأخلاق ، و ليعلم الجميع أنه ليس من يقطع الطرق بطلا ، انما من يتق الله البطل … و كما قال الشاعر :
غرت الدنيا غريرا فافتــــتن كنز المال وأخـــــــفى وخزن ثم ولى لم ينل غير الكفن أين نمـــــرود وكنــــعان ومن ملك الأرض وولــــــــى وعزل
أين إسكندر سلطان الزمن قهر الدنيا وأفنـــــى وسجن أين قارون و أقـــيان اليـمن أين عاد أين فرعـــــون ومن رفع الأهرام من يســــمع يخل