روابي البناي
صباح الخير عليكم جميعا، صباح الأمن والأمان والطمأنينة، إن شاء الله تكونون بصحة وعافية، وإن شاء الله ما تكون قذيفة هاون حاشت حوش بيتكم، أو رصاصة طائشة عورت دريشة داركم، أو «عجرة فالتة» مرت صوب إريولكم أو عصاة بيسبول كسرت رأسكم.. تدرون، الواحد الحين قاعد في بيته في أمان الله وحاط ايده على قلبه من البلاوي التي تتحاذف عليه، بسبب عيال إبليس المطشرين بالشوارع، الذين حولوا الكويت بتصرفاتهم الحمقاء إلى مرتع خاص لهم، يطبقون فيه شريعة الغاب الخاصة بهم، لأنهم جبلوا على الشر والضرب والاعتداء، كأننا في غابة لا يحكمها قانون، أو ربما لأن القانون من وجهة نظرهم يطبق على الغير ويقف عندهم!
اليوم، عزيزي القارئ، سأتكلم عن أمر مأساوي حدث في بلدي الآمن الكويت.. هذه البقعة التي أحبتنا وأحببناها، هذه الأرض التي تربينا على عشقها والحفاظ عليها، هذا البلد الذي نفتخر بأننا نحمل جنسيته السوداء المزخرفة بالذهبي، هذا البلد الذي لم يبخل علينا، لو لوهلة، بأي شيء سواء في وقت الشدة أو الرخاء. فطول عمرنا ونحن محط أنظار الكثير، والكل يحسدنا على النعم التي نرتع فيها، كوننا كويتيين.
لكن دوام الحال من المحال، فبوجود بعض «النماين» التي تحاذفت علينا من كل صوب، وما يحصل اليوم من مهاترات وأفعال صبيانية طائشة لبعض العقول الصغيرة، جعلنا اضحوكة في نظر الملايين الذين يتربصون بنا وينتظرون الزلة علينا.
جميعنا فوجئنا بحالة عدم سيادة القانون التي حصلت في البلاد الأسبوع المنصرم، عندما توجهت مجموعة من الأشخاص الذين يفترض بهم أن يكونوا قدوة للشعب، كونهم ينتمون لأسرة كريمة كأسرة آل صباح الكرام، والشر يتطاير من أعينهم، واعتدوا بالضرب والتكسير والتدمير على احدى الجهات الإعلامية الخاصة (قناة سكوب)!
للأمانة، لست من المتابعين لهذه القناة ولا يعجبني طرحها ولا طريقة «شرشحتها» واسلوبها الإعلامي في تناول القضايا، لكن ما حدث من رد فعل شرس يدل على نجاح هذه القناة بكل المقاييس، وجرأتها في ملامسة الجرح الذي يخفيه الكثيرون ولا يحاولون الاقتراب منه.
فـ «غزوة سكوب» تجعلنا نقف ونضع مليون خط أحمر حول آلية تطبيق القانون، فالكويت لا تستحق هذا منكم. الكويت يا من تأخذكم الفزعة حول طرح سلبي استفزازي تم تداوله، لا تستحق أن تجعلوها عنوانا أوليا في اخبار المحطات الإذاعية والمتلفزة.. الكويت يا من تنادون بالوطنية والوحدة في كل تصريحاتكم تريد أفعال الرجال وليس «تبربس اليهال»، كما حصل يوم الاعتداء!
أولا: نكتة الموسم في بيان مجلس الوزراء
مجلس يتكون من خيرة رجالات الدولة وأكفئها (إن شاء الله) متسمتين وكاشخين، وأكثر شيء يسوونه بحياتهم هو الاجتماعات، التي تسفر عن بيانات في غاية الأهمية بالنسبة الينا، كونهم السلطة التنفيذية التي تقوم بتطبيق القوانين والمشاريع التنموية ووضع السياسة الداخلية والخارجية للدولة. فمجلس بهذه الأهمية يخرج لنا ببيان رسمي بعد حادث الاعتداء والكل يترقب ما سيتضمنه هذا البيان لكي يعيد الهيبة والقانون للجميع.
ولكن ترقبنا باء بالفشل الذريع، لأن مجلسنا خرج علينا ببيان انتقد فيه ما جرى تداوله من امور وقضايا لا يجوز طرحها في القناة، قبل أن ينتقد جريمة الاعتداء عليها من بعض أبناء الأسرة الحاكمة، الذين يفترض بهم أن يكونوا المثل الأعلى لأي مواطن في احترامهم القانون واحتكامهم للقضاء في حالة تعرضهم إلى الأذى.
فأنا أتمنى على والدي ووالد الجميع سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح – كما عودنا على الشفافية واحترام القانون – أن يطبق القانون على أبناء الأسرة، صغيرهم قبل كبيرهم، قريبهم قبل بعيدهم، قبل أن يطبقه على الكويتيين، وذلك ما عهدناه من بوصباح.
ثانيا: أين ذهب شيوخ الهيبة؟
يخرج الشيخ الأول يتوعد ويهدد وزيرا من أسرة كريمة عريقة بأنه من الأفضل له «ألا يوريه وجهه»، مع ان وجه الوزير الساير مريح للأعصاب، فلا أدري، لماذا هذا الشيخ لا يريد ان يرى وجه الوزير وإلا فسوف يجعل أهله يترحمون عليه؟!
ويطلع لنا الشيخ الثاني «اللي ينط الأطوف» ويكسر البيبان ويقول «ترانا موهينين»، يتوعد ويهدد ولا يوجد أحد يوقفه عند حده.
ويطلع لنا الثالث الذي ما عنده شغلة أو مشغلة غير ان يسمم شباب الكويت بالمخدرات ويبيعها على عينك يا تاجر، بعدين يسوون تمثيلية محكمة الإخراج والتنفيذ بأنه حكم عليه بالإعدام، وبعدين «يتطمطم» الموضوع وتخلص التمثيلية. وفي النهاية يطلع لنا «سانشيرو» البطل المغوار.
و«سانشيرو» لمن لا يعرفه شخصية كارتونية قديمة تحب نفسها كثيرا، انطمست مع الأيام، لكنها ظهرت فجأة أثناء أحداث «غزوة سكوب»، عندما توجه «سانشيرو» الكويت لتهدئة الأمور، بناء على طلب ملح من معالي وزير الديوان الأميري حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه. وفعلا جرت التهدئة واكتفى المهاجمون فقط بالتكسير والتدمير وليس بالقتل وإحداث العاهات (الصراحة يا بختنا فيك يا سانشيرو!).
وليس عندي أي تعليق سوى: أين ذهب عقلاء الأسرة؟ لماذا تركوا سفهاءهم يرتعون، كالأطفال في الساحة من دون حسيب أو رقيب؟!
ثالثا: الفرق بين الفداوية والكاوبوي
في البداية، دعني أوضح لك – عزيزي القارئ – من هم الفداوية.
الفداوية كلمة قديمة كانت تطلق على المجموعة التي تلتف حول الرئيس والحاكم للدفاع عنه. أما في وقتنا الحاضر، فتطور معنى هذه الكلمة لتشمل المتسلقين والمرتزقة من «عبادي الدينار» و«رباطي العصاعص»، وتوسعت الدائرة لتشمل بعض النواب المرتمين في حضن الحكومة من اجل مصالحهم وتمرير معاملاتهم، وبعض الملتحين، سواء من السلفيين أو «الإخوانجيين» ممن وضعوا اللحية ستارا لافعالهم وزيادة ارصدتهم البنكية، وبعض «المخلصين» الذين ظهروا بعد احداث «غزوة سكوب»، ممن يأكلون ويشربون ويضحكون ويبكون ويصرخون بأمر معازيبهم، وحتى دخولهم – يعزكم الله – الحمام، يكون بأمر المعزب.. يعني أنهم لا يعرفون الا شيئا واحدا فقط، وهو الله ربي والمعزب ولي نعمتي.
لا أدري، لماذا تذكرت رجال الكاوبوي الأميركيين وانا اشرح عن هذه الفئة، مع وجود اختلاف كبير بين هؤلاء المخلصين للمعازيب وبين رجال الكاوبوي في حفظ كرامة النفس وابداء الرأي وطريقة اللبس ووسائل النقل وطريقة الاقتحام. فرجال الكاوبوي لا يقتربون من مكان فيه نساء وأطفال أبرياء، لأنهم «رياييل» على غرار مخلصي «غزوة سكوب»، الذين تطاير الشر من عيونهم وهبوا فازعين لأمر معزبهم، وتناسوا أنهم في بلد قانون، فيه مواطنون عزل وفيه نساء وأطفال ليس من المفترض أن يشاهدوا هذه الأفلام البوليسية بالشوارع، ففزعتهم لمعزبهم أنستهم أن قناة سكوب تقع في الدور الأول المقابل لمركز ألعاب ترفيهي خاص بالأطفال والعائلات، وفي مجمع حيوي يحتوي على جمعية تعاونية يقصدها المواطنون الأبرياء.
ولكن، دعونا نحسن الظن والنية، فالظاهر أن عراب الكويت ومخلصيه انهوا واجباتهم المدرسية وأحبوا ان يكافئوا أنفسهم باللعب واللهو في مركز الترفيه المقابل لقناة سكوب، فتوجهوا الى هناك، لكنهم وجدوه مزدحما، فآثروا أن يدخلوا قناة سكوب لكي يلعبوا «حرب الشوارع» بعصيهم واسلحتهم.. هذا كل ما في الأمر.
رابعا: مجلس «هذا بلا أبوك يا عقاب»
اما نكتة الموسم العجيبة، فتكمن في اروقة مجلسنا الموقر، هذا الصرح العظيم الذي يتسابق الكثير للفوز بالجلوس داخل قاعاته، فالمضحك المبكي أن ممثلي الامة وحافظي حقوق الشعب والمؤتمنين على أمن وامان الشعب انقسموا قسمين، الاول أردأ من الثاني. فالقسم الاول كان من قسم «الشماتة» (مع الشد على الشين)، لانهم كانوا «متشلخين» من صاحبة القناة وطاقمها، كونها تنشر غسيلهم وتطلع خمالهم، ولم تأت محاولاتهم مع الوزير عباس بن فرناس – أقصد معالي وزير الاعلام – باي نتيجة لاسكاتها، فشجبوا واستنكروا لكن من دون فائدة، لانهم يشجبون الصبح، ويتشرشحون بالليل فسكتوا حفظا لماء الوجه.
لكن الامر يختلف اليوم، خاصة بعد تصريح صاحبة القناة بانها «مجروحة»، وان القناة لن تعاود البث حاليا، فتأكد نوابنا الافاضل انهم يقفون على ارض صلبة، فبدأوا بالتصريحات النارية التي تؤكد ان ما حصل للقناة وصاحبتها ما هو الا «حوبة» وان الله يمهل ولا يهمل. فبالله عليكم، هل هذا كلام ناس اسوياء عقلاء يمثلون الشعب؟!
انت يا من تقول إن هذه نهايتها وإنها تستحق هذا، ألا تخجل وانت تتفوه بهذا التصريح وكأنك طالب مراهق متهاوش مع صديقه في المدرسة؟! اين انت من تطبيق القانون؟ واين أنت يا ممثل الامة من حفظ كرامة الشعب وأمنه؟ ولماذا كنت مختبئا عندما كانت فجر السعيد وطاقمها تبث برامجها اليومية وطايحة فيك «تشلخ»؟!
وأنت «يا بولحية» من اهم في نظرك؟ دخول ناس مسلحين مجمعا حيويا فيه اطفال ونساء ابرياء وتكسير مرافق من دون وجه حق.. أم غناء نانسي عجرم في فنادق الكويت؟!
الظاهر ان مشكلة نانسي عندك اهم، لانك لا تستطيع أن تقاومها، وحتى لا تفتن وتأخذ اثما تقوم باثارة قضية نانسي، وتطالب الوزير بمنع دخولها، لانها مثيرة للشهوات والفتن.
اما الفئة الثانية (يالله من فضلك) من الاعضاء فاكتفت بطلب عقد جلسة سرية لمناقشة موضوع الوحدة الوطنية. الصراحة «كفيتوا ووفيتوا»، لكن السؤال هو: لماذا تطالبون بجلسة سرية؟ فباعتقادي ان موضوع الوحدة الوطنية يخصنا جميعا، لان الكويت ليست حكرا عليكم، ولا نقبل المزايدة على حبنا وخوفنا عليها، لذلك لا بد ان تكون الجلسة علنية حتى نكحل عيونا ونثري آذاننا بنقاشكم الراقي الذي يتم داخل الجلسة.
أنا لا قول غير: الله يرحمك يا عبدالله السالم ويغمد روحك الجنة، فأنت عندما وضعت الدستور لم تكن تدري ان «هالنماين» ستتسمت على كراسي المجلس، بس يا حسافة على ديموقراطية أنتم تمثلونها، ولكن الواحد ما يقول غير «هذا بلا أبوك يا عقاب».
آخر الكلام
أقسم بالله العظيم يا كويت، أقسم بالله العظيم يا كويت، أقسم بالله العظيم يا كويت باسمي وباسم كل حضري احتضن اجداده البحر وغنوا فيه اليامال، وباسم كل بدوي يطرب قلبه لصهيل الخيل وحكايات أسلافه الفرسان، وباسم كل شيعي يملأ قلبه هوى وعشق آل البيت الكرام، وباسم كل سُني تربى على سيرة الصحابة الراشدين العظام، بأننا سنعيدك كما كنت عروس الخليج، ولن نسمح «للدمامل» بأن ينخروا في جسدنا، وسنقف صفا واحد بوجههم لنعيد بسمتك التي كانت.