روابي البناي
صبحك الله بالخير يا ديرة ما مثلك أبدا ديرة، صبحكم الله بالخير يا أطيب وأحن وأحب شعب بالدنيا (لو ما النماين اللي ابتلشنا فيها)، صباح الخير لكل أم قاعدة من الصبح تبدل عيالها وتريقهم وتجهزهم للمدرسة، صباح الخير لكل أب بدأ نهاره بابتسامة حلوة في وجه زوجته وعياله وقعد يتريق وياهم، صباح الخير لكل ولد طبع قبلة على جبين حلوة اللبن من الصبح حتى يوفقه ربي ويفتح بصيرته، صباح الخير عليكم جميعا، وعسى يومكم يكون حلوًا مثلكم، واتمنى لكم بداية اسبوع جديدة ومشرقة ومتروسة نجاحا وتوفيقا من رب العالمين.
يقول المثل «من طمع طبع»، وطبعا هناك عبرة في هذا المثل، لكنها للناس الأسوياء الذين يتعظون، فعند البعض ممن لا يترس عينهم إلا التراب لا يمشي هذا المثل ولا عشرات مثله.
ما جعلني اذكر هذا المثل ظهور بعض الطفيليين ممن تجردوا من العاطفة والأحاسيس وأعمت المادة أعينهم، وانتشارهم على الساحة هذه الأيام، والأدهى والأمر =من هذا أن بعضهم يحملون صفة الأبوة لبنات في عمر الورد، فهناك آباء تجردوا من أسمى معاني الأبوة من أجل حفنة دنانير، وتملكهم الجشع والطمع حتى وصل بهم المطاف لبيع بناتهم من أجل الأنواط التي أعمت أعينهم.
العياب عند الباب
عندما كنا نشاهد في السينما أفلاما عربية تروي قصة أب يبيع ابنته ويسوقها كالمعزة للزواج من شخص اكبر منها، أو لابن عمها أو لشخص مجرم، لمجرد أنه دفع مبلغا ماليا كبيرا للأب، كنا نستغرب ونقول ان هذا المخرج أو هذا المؤلف يبالغ في الأمر، فكيف لأب أن يقوم بالتفريط بحشاشة جوفه؟
لكن الظاهر أن «العياب عند الباب»، فما يحصل هذه الأيام من تحايل ونصب على القانون بين الأب وعريس الغفلة للحصول على قرض الزواج الذي تمنحه الحكومة للكويتي الذي يتزوج كويتية، هو فعلا ما كنا نشاهده في الأيام العربية.
قصة من الواقع
هذه الحالة واقعية لابنة لم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها، قام والدها بإتمام صفقة زواجها وهو قاعد يزحر الشاي والقهوة مع ابن عمها في الديوانية، إذ جرى الاتفاق على تزويج البنت من ابن العم دون علمها ودون مشورتها من اجل التمتع بالأربعة آلاف التي سوف تصرف، وطبعا راعي النصيفة سالم، هذا غير بدل الإيجار الشهري البالغ 150 دينارا شهريا، وتسجيل الزوجة بالبطاقة التموينية للحصول على السلع الغذائية المدعمة، وغيرها من المميزات التي يحصل عليها أي اثنين مواطنين متزوجين.
والضحية في نهاية المطاف هي البنت التي لم تكمل دراستها الثانوية، وقُضي على مستقبلها بصفقة أبرمها أبوها (بولحية حمرا منتفه) وولد عمها (المقطن) الفاشل دراسيا والذي يدور الدينار حتى يركب أول طيارة متجهة إلى الزبداني أو شارع الهرم، وإذا كانت الهمجة زايده يبعد شوي ويروح بتايا.
وطبعا لو حاولت البنت التعبير عن رأيها في أبسط حقوقها الشرعية التي كفلها لها الدين والشرع، ورفعت «برطم عن برطم» ورفضت هذا الزواج، يا ويلها يا سواد ليلها سوف يقام عليها الحد وسوف تدفن وهي حية.
ففي شرعهم لا توجد بنت تقول لا، ولا توجد بنت تتزوج من خارج إطار العائلة (يالله من فضلك) ولا توجد بنت تحلم بفارس أحلام يأخذها ويطير بها على حصانه الأبيض بعيدا عن دكتاتورية وجشع أبيها (بو لحية حمرا وجمس)، ففارس الأحلام هو ولد عمها الفاشل الذي لم يخطر ببالها ولو لوهلة، و«اللي ملوع جبدها»، وذلك بأمر والدها الذي يزوجها ويطلقها ويقضي على مستقبلها لمن يدفع له أكثر.
أبشع حالات الطمع
أما الصورة الثانية لأبشع حالات الجشع والطمع التي وصل اليها بعض الآباء، وأقول بكل حسرة وألم أنهم آباء كويتيون، فهي لأب، للأمانة عزيزي القارئ مكثت أسبوعا كاملا ابحث عن صفة تليق بمقامه الرفيع لكني لم أجد أي صفة أو نعت بقاموسي تليق به. فهذا الأب المزواج متزوج بثلاث حريم، واحدة في الكويت، والباقي في إحدى الدول الخليجية المجاورة، وطبعا عنده كوكش يهال من حريمه الثلاث، ومعظم وقته يكون خارج الكويت. فهو يأتي الى الكويت مرة واحدة في الشهر فقط، وليس من أجل سواد عيون الزوجة والبنات، لكن من أجل التمتع بما يصرف له بالبطاقة التموينية الخاصة بزوجته وبناته، فيقوم «بلف الأكو والماكو» ويحدف خيشة عيش وسكر للزوجة وبناتها، وطبعا لا يكلف نفسه السؤال عن أحوالهن وعن كيفية تأمين الزوجة مصاريف البنات، لكننا نحن هنا في الكويت ديرة العز والخير ديرة الطيب اللي الله حافظها بفعل فعايل أهلها وناسها الطيبين والخيّرين.
فهذه الأم ربت البنات وجعلتهن يكملن دراستهن عن طريق اصرارها على تخريجهن عناصر فعالة في المجتمع. وفعلا عملت في مجال الخياطة وبمساعدة الناس الطيبين تخرجت البنات واحدة تلو الأخرى، وقدمن على الوظيفة.
لكن «الذيب ما يهرول عبث»، فمنذ اليوم الأول لتسلّم البنات لوظائفهن، كان هذا الأب واقفا على الباب مكشرا عن أنيابه، ويأمر ابنته بالذهاب الى البنك لتقديم قرض على راتبها الذي لم تتسلمه. وطبعا في حالة رفضها سوف تقوم القيامة في البيت، وسوف تمنع من الوظيفة هي وأخواتها. وبكل سلبية تذهب هذه البنت المغلوبة على أمرها مع هذا الوحش الآدمي الى البنك للحصول على قرض لكي تعطيه لهذا الأب يرتع فيه غير آبه لمصير ابنته.
لا بد من وقفة
هذه بعض الحالات التي للأسف، وأكررها بكل حسرة للأسف، بدأت توجد في المجتمع الكويتي، والسبب هو الجشع والطمع وطغيان المادة لدى بعض الآباء ممن يعبدون الدينار، وقاموا بحذف كلمة حب ومشاعر من قاموسهم.
لكن إن كانوا هم مجردين من الاحساس، لا بد من وقفة صارمة لمعاقبتهم، ولكي يتعظ غيرهم. فلا بد من تفعيل الرقابة والقوانين في المؤسسات والقنوات الحكومية ذات الاختصاص بهذا الشأن، فأتمنى أن يكون هناك إصرار على حضور البنت بمرافقة وليها إذا كان عقد القران في المحكمة وأن يكون هناك سرية بسؤال البنت عن رغبتها في الزواج أم لا، والشيء نفسه عندما يكون عقد القران بالبيت تُسأل البنت لوحدها دون وجود ضغوط من ذويها، لأنه من وجهة نظري المتواضعة أن في حالة عدم رضا البنت على الزواج أو إتمام زواجها دون علمها يكون باطلا لأن ديننا الحنيف أكد ضرورة رضا البنت وعلمها بالزواج وليس كما يفعل البعض يسوقها وكأنها دابة.
قيود على بدل الايجار
كما أتمنى أن يطبّق القانون الخاص بمنح بدل الإيجار ، فالذي أعرفه أن الكويتي عندما يقوم بالتقديم للحصول على منحة بدل الإيجار لابد من توفير أوراق ثبوتية تفيد بتمتعه بمسكن يقوم بدفع إيجاره شهريا، ويقوم أحد الباحثين بالهيئة العامة للإسكان بتفقد هذا المسكن وإثباته بالملف الخاص بالمواطن، فكيف يتمتع البعض ببدل الإيجار وهم قاعدون في بيوتهم ومتزوجون بالاسم فقط وكل شهر ينزل بحسابه 150 دينارا دون حسيب أو رقيب أم أن السالفة فيها «خشمك أذنك» وتُمرّر المعاملة.
آخر الكلام
مع كل معرض كتاب يكثر الجدل من قبل بعض أعضاء مجلسنا الموقر، خاصة «المتأسلمين حول ماهية الكتب الممنوعة، والتي سوف يساءل وزير الإعلام عن سبب وجودها، وذلك لأنها من وجهة نظر المتخلفين عقليا خطرة على العقول أو أنها تثير الفتن والغرائز، وغيرها من الأعذار الواهية والتافهة.
فالحديث القائم هذه الأيام عن منع بعض الكتب في المعرض (الدايخ) المقام للكتاب، والذي أتمنى أن أعرف من الذي سيذهب ويشتري كتبا منه.. أو بالأحرى من الذي سيشتري الآن كتبا من الكويت؟ فيا جماعة تركوا عنكم الهذرة الزايدة وخلوا عنكم لعب اليهال وجابلوا شغلكم وانشغلوا بشيء مفيد يخلينا نذكركم بالطيب اللي للحين قاعدين ننطر نذكركم فيه.
سؤال بريء أوجهه الى القائمين على خطة التنمية في الكويت: فلا أدري خطتكم «أم 37 مليارا» هل يوجد فيها ربع مليار لتطوير التعليم والثقافة في الكويت؟