كتب : طارق الشرع
أنا بلا دنيا
لم يسبق لي أن كتبت عن حياتي الشخصية و لا كان بخاطري ان يأتي يوم أفصح عني و اكشف المستور عن ذاتي ولكن اعترف ليك أيتها الفتاة المغمورة انك سبب ذلك ،،،،،،،،،،
حياتي مليئة بالأفراح و الأتراح و الماسي والآلام و القهر و السعادة و الفرح جبلت على حمل المتناقضات و لم استوحش ذلك لأني في بلد أبصرت عيناي فيه الازدواج و التناقض بكل شي لم يكون حالي أسوء من غيري فكان العراقيون يحملون غصة العذاب الأبدي السرمدي و برر ذلك لنا رجال الدين حيث قالوا لنا أنها بلاء و اختبار مما أشبعونا تبريرات لكل شاردة و واردة
وحينما لسان الحال كفر ناطقا صارخا لما كل هذه العذابات والظلمة حالكة و سأم الأم أجابونا متبجحين إن الله يريد ذلك و لقد خلقكم للتعب و العذاب و القهر و المرض ولقد (خلقنا الإنسان في كبد) أي تعب بل اقسي أنواع التعب كما جاء في القواميس ثم قالوا أن ربكم الكريم الرحيم المحسن العطوف الرؤوف يزيدكم عذابا و بلاء و مرض و فقر و مسكنة و نقص بالأموال و موت بالأولاد و الأنفس حتى يرى أيكم أحسن عملا و يجزي الصابرين
إذا لا غرابة إن قلت لكم لم استوحش عذاباتي و لم أكن أفكر يوم أن انزع موروثاتي بهذه النفس الخجولة المضطربة القلقة أبصرت نورا أو حسبته نورا و بقعة ماء حينما اقتربت و نظرتها ظلاما و سراب
بدأت حياتي طفلا و صبيا مدللا حد الإفراط و تعيسا حد اليأس حتى كبرت وكبر معي دلالي و يأسي حتى جاء قدري و ما كنت انتظره ألا وهو شريكة الروح و الحب المقدس لذا أقول من هنا بدأت قصتي و محنتي و معاناتي
ذات يوم في يوم الثلاثاء بالتحديد في صحة بغداد الكرخ خرجت صباحا كعادتي قاصد وظيفتي البائسة علما إن الناس لا تعرف من أكون وما وظيفتي بمظهري الأنيق و ملابسي الجميلة التي تناقض عملي و وظيفتي
على كل حال هذا أقصى ما جاد بيه أصدقاء المحنة حين قبلوني بعراقنا الجديد موظفا بلا عنوان المهم لا فرق عندي حيث إني كبيرا في نفسي محبا لغيري خدوما للمستحقين و غير المستحقين و لم اذكر أن عاتبت أو حملت على احد إطلاقا رغم ما كان يكاد بي و يتآمر عليه و يوشى خلفي و لكن بقيت النفس أبية كريمة الحال تترفع عن الأحقاد و الإضغان
على كل حال جاء يوم الثلاثاء المشؤوم و أني أتخط السلالم بتروي و هدوء قابلتني فتاتان في غاية الحسن و الجمال و يبدو أن احدهم كانت منزعجة و متضايقة من كثرة الزحام على باب المدير العام الذي يتكاثر فيه الناس لمقابلته (وتلك هي ستكون حبيبتي ) و بادرتني الأخت الأصغر بسؤال (هل يمكن مساعدتنا و إليك أجرا من الله) فقلت بكل سرور طبعا بالتأكيد و تذكرت قصة العبد المسكين موسى حينما سقى الفتاتان ماء و أخيرا تزوج من أحداهما لان المرأة أرادت و لا إرادة تعلوا فوق أرادة المرأة حين تريد
فوقع المسكين بحبالها و اصطادته كفريسة بهدوء و هو الممنون حتى عندما كان موسى عندهم في بيتها هي التي طلبت من أبيها إن يؤجره ويزوجه أيها وقبل الرجل العجوز ونزل عند رغبة الفتاة الملحة و إرادتها الجامحة
إما أنا فان فتاتي أول ما نظرت إليها وقعت في قلبي ولم أقاوم سحر عينيها ولكن بقيت كابتا إعجابي ولم ابدي إي شيء يثير الشك بعد إن تمت مساعدتها و انتهى الأمر ذهبت وهي تترك وراءها أجمل كلمة الشكر و الثناء لما فعلت معهما و إنا بدوري ودعتها و ذهبت و بقيت أفكر بتلك العينين الساحرتين طول الليل و لم استطع ذلك اليوم النوم و بعد يومين أي يوم الخميس جاءت بتلك ألطله البهية و الشباب المتورد و الغنج الرهيب وحينما رأيتها ارتعش قلبي و نهضت قدماي بلا شعور ولم اعرف تفسيرا لرعشة قلبي الذي لم يرتعش ابد و لم يخفق الا في حالتين عندما كانت الأمن العامة تطرق باب أهلي بحثنا عني و الثانية عندما أبصرت هذه الفتاة التي اسمها ( دنـيـــــــا )
نعم دنيا
من هنا بدأت القصة
التقينا و كأنما نحن يعرف بعضنا البعض منذ سنين فقد اكتشفت ان الفتاة جاءت لتراني و هي لم تنم ليلها كما كنت أنا أول أمس و كأنما اتفقنا ان يبحث بعضنا عن بعض و ينتظر بعضنا البعض المهم استمرت علاقتنا كزملاء وظيفة و بعد برهة قصيرة من الزمن اكتشفنا أننا قدر محتوم و قضاء مؤكد وأجلا متحقق نحن عاشقان بلا رتوش نحن محبان بلا مقدمات ولا كاف ولا لام و استمرت قصة حبنا المسكين سنتين كانت أجمل سنين العمر على الإطلاق بل لا يوجد في عمري غير هذه السنتين و بضعة أشهر لزواجنا و الباقي من عمري ليس مني و أنا ليس منه
كنت اسميها دنياي و ادلعها بأجمل المفردات و أعذب الكلمات كانت تسميني حبيبي و اسميها حبيبتي حينما نقوله اشعر أن الكون يسمع أعذب الألحان و اصدق الأوزان و لم تخرج الكلمة من أفواهنا بل كانت القلوب قبل الحناجر تهامس و تلامس مشاعر العاشقين
سكنت قلبي و ملكت روحي أحببتها حبا كبيرا لا يوصف ولن يوصف و هي أحبتني بقدر حبي و أكثر كنا نقضي أجمل الساعة كنا لا نشعر بالوقت و كأننا في غيبوبة فتمر الساعات و تنقضي اللحظات و نحن نتكلم في الموبايل حتى ساعات الليل المتأخرة بل حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود و نحن لا مبتدأ و خبر للقائنا كنا لا نحسب للوقت والزمن حساب فهو يمر ونحن سكارى عنه لقد عشقنا بلا زمان ولا مكان انصهرنا حد الذوبان أحببنا حد الهيام كنا ارق و أحلى و أجمل حبيبين عبر التاريخ حيث لم نكون روحين ولم نصبح روح واحدة بل أمسينا بلا روح و لا جسد تلبست فيها و تلبست فيه تنفستها و استنشقتها وكانت أمالي العريضة وبغيتي و مرادي وعشقي كانت غرامي وهيامي و انسي و آنستي
كانت روحي وراحتي و كلي وبعضي
لم تكن دنياي حقيقة إنما كانت حلما عابرة استفقت منه
جاء على عجل ورحل بلا وداع
نعم
أصبحنا ملائكة في جنة العاشقين رهبان في أديرت المستلهمين عرفاء في حضرة القديسين
كنا في منأى عن عالم الحياة مسحورين متجهين نحو قبلة العاشقين بلا أجساد
حبيبتي دنياي
ما أكبرها من كلمة هزت مضاجعي و سلبت روحي و أرقت عيناي و أسرت فؤادي
كم جميل إن يستشعر الإنسان حبا خالدا تنبع من أوديت الضمير و القلب
كم بديع أن يستشرف الحبيب الحياة بأمل حبيبته و معشوقته
كم سعادة تغمر الملهمين بعشقها و غرامها بين أحظان حبيبا غاليا مختال
ولكن ثم ولكن
كم هي قاسية ساعة الوداع يا دنياي
كم هي قاتلة لحظات الفراق يا دنياي
كم هي مؤلمة مرارة فقد الحبيب
كم هي عصيبة أيامي بعدك يا دنياي
من يقول إن الإنسان يموت مرة واحدة بل الحقيقة عدة مرات و إن افتقاد الحبيب يميت يوميا ألف موتا وموتا
وأخير
بعد ذلك الحب الخالد الذي سوف أحيا وأميت عليه و فيه و لأجله
وسيبقى عامرا في قلبي مادمت حيا و إن مت فوصيتي ادفنوا ذكراها معي علها تصبح لي منقذا و مخلصا من عذاب قبري فاني لم اصدق بشيء غير بحبك يا مهجة الفؤاد و أن الله سيغفر للعاشقين يقينا لأنهم ماتوا شهداء لأجل المقدس ( هو الحب)
حبيبتي
لم يتسنى لي وداعك ولم استطع أن أضمك بين ثنايا صدري لم أشمك و لو أتزود منك
رحلتي بلا دموع و لا كلام و لا كما يودع الحبيب حبيبته في ساعات الفرق و اخر الذكريات
فها إنا ذا سأذرف عليك الدموع حتى يوم لقاء ربي و كل يوم أودع ذكرى من ذكراك وما اكثرها
فهل وفيت دنيا هل وفيت؟؟؟؟؟