بقلم الكاتب :سعيد رمضان محمد
استفزت الدراما التليفزيونية في رمضان هذا العام مشاعر المشاهدين لحد كبير و ذلك لعدم مراعاة القائمين على العمل في بعض هذه المسلسلات لحرمة الشهر الفضيل سواء من ناحية الحوار الهابط أو استخدام كلمات غير لائقة بالمرة و الإيحاءات الجنسية في بعض الأحيان فضلا عن مشاهد العري و الرقص المبتذل و كل هذا من أجل جذب انتباه المشاهد بطريقة رخيصة دون الاهتمام بتقديم أفكار عميقة هادفة أو العمل على الارتقاء بذوق المشاهد من خلال حوار راقي و موسيقى معبرة و نص جيد له أبعاده الفلسفية الواقعية.
المفهوم الحقيقي للواقعية في الأداب و الفنون
استنكر الكثير من النقاد ما يلجأ إليه بعض مؤلفى الدراما من استخدام كلمات غير لائقة من عامية الأميين مما يؤدى إلى نوع من الابتذال وتدنى وهبوط العمل الفنى بحجة الواقعية ودقة التعبير عن الأبعاد النفسية لشخصيات العمل الأدبى، فعارض البعض هذا الاتجاه الغالب على الكثير من الأعمال الفنية فى الوقت الحاضر، فنجيب محفوظ على سبيل المثال لم يستخدم أى مستوى من العامية لكتابة الحوار فى رواياته المعروفة بالرغم من ارتكازها على وصف وتصوير البيئة المصرية الشعبية وما فيها من الشخصيات التى تمثل الأميين من راقصات وحرفيين وتجار وعمال ولصوص،حيث كان يلجأ إلى استخدام حيل واستراتيجيات معينة للتعبير عن الأفكار التى يحتاج إلى التعبير عنها كما استنكر الدكتور رفيق الصبان فى إحدى اللقاءات التليفزيونية هبوط مستوى حوار بعض الأعمال الفنية واستخدام لغة غير لائقة تخدش حياء الجمهور بدعوى الواقعية والتصوير الدقيق لقاع المجتمع، وحاول الدكتور رفيق الصبان تأكيد وجهة نظره فاستشهد بالكاتب الروائى المبدع Charles Dickens الذى لم يحاول استخدام لغة اللصوص والمتسولين قط عند كتابة رواياته الشهيرة Oliver Twist التى يدور معظم أحداثها فى الملجأ وداخل أوكار العصابات، كما يؤكد الكثير من المتخصصين فى الغرب أن تصوير الواقع فى الأعمال الأدبية أو الفنية ليس فى تقليد ومحاكاة المظاهر الخارجية بقدر ما هو فى القدرة على تجسيد أعماق الشخصيات و ذلك عن طريق ادراك تجريديات معينة و الوقوف على العلاقة بين هذه التجريديات و تقديمها في العمل الفني من خلال أساليب وحيل يلجأ إليها الكتاب المبدعون الذين يعتمدون على الرموز والإيحاءات وعلى ما يسمى بالمعادل الموضوعى objective correlative للتعبير غير المباشر عن المعانى التجريدية.