كتب: ماجد جريشة
جلست يوما مع ابنتي الصغيره ، فقالت لي : يا أبي أتمنى أن أصبح كبيره ،، فعُدتُ بألذاكره وتذكرت نفّس الامنية التي كنت أتمناها وأنا صغير ، وسألت نفسي : هل لو رجع بي الزمان ، كنتُ أتمنا هذه الامنيه مره ثانيه !
وعلى الفور كانت الاجابة ،، لا ،، بل أتمنا أن يقف بي الزمن ، وهنا دار أمام شريط الماضي ، الطفولة الجميلة ، ايام الصبا عطف الوالدين تذكرت البراءه والطهر ، ثم تذكرت ايام الشباب والّهو ، وما تلته بعد ذلك من مسؤوليات وأعباء وهموم وغفله عن طاعة الله .
ولكني ولأول مرة أتذكر أنني على أعتاب الاربعين ، مضى العمر : ما الذي قدمته وماذا فعلت في كل هذه السنوات ؟ أجابتني نفسي ألأمّاره ، وقالت : فعلتَ كذا وكذا ،، فتحت عيني وقلت : ما على هذا سألت .
ماذا فعلتُ لأخرتي ولديني أربعون عاما هل تستطيع أن تُدخلني الجنة ؟ بالطبع ،، لا ،، دون تفكير اذاً أربعون عاماً هباءً ،، لا ،، بل أبعون عاما جلبت علي غضبُ الجبار .
تذكرت معاذ بن جبل الذي تُوفي وهو في الثامنة والثلاثون وكانت فترة اسلامة “سبع سنوات” ومع ذلك اهتز لموته عرش الرحمن .
تذكرتُ “غُلام أصحاب الأخدود” الذي مات في سن الطفولة ومع ذلك خلّد الله عز وجل ذكره آياتُ تُتلا الى قيام الساعه .
تذكرت رجالاً ونساءً وشبابً لم يبلغوا هذا العمر ، ولكنهم استطاعوا أن يُعبدوا هذه السنوات وهذه الايام التي عاشوها لله فاستحقوا أن يُذكروا في الملء الأعلى وأن تبقى سيرتهم نجوم تتلألأ لمن خلفهم أما أنت خلال أربعونَ مضت ماذا فعلت : تصفّحها هل تجد فيها ما تفخر به أمام الله أم سيصيبك الخزي أمام الاشهاد يوم القيامة ، لما اقترفته من معاصي ، وما ضيعته من طاعة ، وما تركته من واجب ، هل ستلقا نبيك مسرور ؟ أم سيسقط لحم وجهك خزياً على تقصيرك في سنته صلى الله عليه وسلم .
أمسكتني ابنتي من يدي بقوه وقالت : لماذا تبكي يا أبي ( حرام أن أتمنى هذه الأُمنيه حرام أن أكبر ) ،، قلت : لا . ولكن حرام أن نكبر ونحن غافلون ، سكتت ابنتي وانصرفت وهي تتعجب من تصرفاتي،، وظللت أفكر في الاربعين عاماً.