روابي البناي
صباح الخير والبسمة، صباح الحب والتسامح، صباح الجد والعزيمة، صباح كل شيء حلو يا أهل الكويت.. إن شاء الله تكونون بألف صحة وعافية، وتكونون قضيتم عطلة نهاية أسبوع سعيدة وممتعة، ابتعدتم فيها عن مشاهدة قنوات بث الفتن، وبرامج الترهيب والتكفير التي أصبحت أكثر من الهم على القلب مثل ما يقولون (الله يبعد عنكم أي هم).
الكل يجمع على أن المجتمع الكويتي (يالله من فضلك) مجتمع «كل من طق طبله قال أنا قبله»، أي مجتمع يتسابق للفوز بكل شيء جديد على الساحة المحلية والخليجية والعربية والدولية، لذا سأتكلم اليوم عن سباق ماراثوني بين جميع أبناء الشعب الكويتي، بكل فئاته العمرية والاجتماعية، من اجل جهاز أسود قد يلبس احياناً لباساً من عدة الوان، الاحمر والاخضر والفوشي والازرق، صغير فيه «دقمه مدوره مدلقمه سوده كل ما تفتر يفتر مخ صاحب التلفون معاها»..
أولاً:
ما البلاك بيري؟
البلاك بيري لمن لا يعرفه من أحدث أجهزة الاتصالات التي تبقي صاحبها على اتصال دائم بالعالم، وفي الخارج يستخدمه رجال الأعمال والناس المهمون الذين تحتم عليهم طبيعة عملهم التواصل المستمر مع البورصة والعملاء، ودخول البريد الإلكتروني للتدقيق على الصفقات وغيرها..
لكن هذا في الخارج، أما عندنا في الكويت فالوضع مختلف تماما. فمن الطفل ذي العاشرة حتى الجدة ذات الثمانين عاما، كلهم عندهم بلاك بيري، ومن لا يملكه يقولون عنه «انسان متخلف» (مثلي أنا).
وكما تعلمون أعزائي «بلاغة شفي» دفعتني للكتابة عن هذا الجهاز الغريب العجيب الذي قلب كيان وحال عيال الكويت رأسا على عقب. فإن دخلت مطعما، وجدت العموم منزلا رأسه ومبحلق في شاشة BB ليرى ما آخر الأخبار التي يستطيع أن يتفلسف بها على الذين يجلسون معه.
إن ركبت «أسانسير» تلقى العموم منزلا رأسه و«يفر هذه الدقمة» التي تتوسط هذا الجهاز. إن رحت أي مكان ابصم بالعشرة انك ستشاهد هذا المنظر الذي أصبح مألوفا هذه الأيام، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا يوجد في البلاك بيري؟ وما سر انجذاب الكويتيين له؟
ثانياً:
سر البلاك بيري
بعد البحث والتمحيص والتدقيق، وصلت إلى النتائج التالية في سبب عشق وهيام الشعب الكويتي بهذا الجهاز التحفة، وتكمن في:
1 – سرعة انتشار الإشاعات:
على سبيل المثال أي واحدة تحب ان تسوي لنفسها show وتطلق إشاعة على نفسها ما عليها إلا أن تسوي broadcast عن طريق إحدى صديقاتها بأنه تمت خطبة فلانة الفلانية التي أمها فلانة الفلانية، على فلان الفلاني الذي أمه فلانة الفلانية، وأنه سيعطيها مهرا «مبلغا وقدره».
وبعد خمس ثوان تجد الكويت كلها تتكلم عن خطبة هذه الفلانة على هذا الفلان الذي «ما يدري عن هوى دارها». وطبعا هذا الفلان ليس أي فلان، فهو ذو اسم رنان، وأبوه من أصحاب الملايين. ولذلك تجد هذه الفلانة أطلقت الإشاعة على نفسها، لعل وعسى يحن هذا الفلان، ويقرر أن يرى هذه الفلانة التي أطلقت إشاعة انه خطبها، بعدها يدق كيوبيد الحب قلبه ويقوم بخطبتها فعلا.
هذا بالنسبة لإشاعات الزواج والخطبة، أما النوع الثاني فهو إشاعات المرض. فتجد أحدهم يرسل رسالة إلى كل مستخدمي هذا الجهاز الأسود الذين تمت إضافتهم، ويقول بعد مقدمة طويلة عريضة «أرجو الدعاء والصلاة لشفاء فلان الفلاني اثر المرض الأليم الذي ألمّ به وألزمه الفراش». وبعد أن تسأل عن طبيعة المرض الذي أصاب هذا الفلان تلقاه «كحة».
2 – سرعة انتشار الحش والنميمة:
تجد التعليقات الساخرة تنتشر بين مستخدمي هذا الجهاز حول زواج فلان الفلاني الذي أمه فلانة الفلانية على فلانة الفلانية التي «مو من مذهبه ولا من مواخيذه»، فتدور الأسئلة والتعليقات «شلون خذاها؟ ووين شافها؟ وشلون أمه رضت؟ أكيد مسوية له شيء؟».
3 – سرعة انتشار الصورة:
الشعب الكويتي كما تعلمون طيب ويحب أن يخدم الجميع وأن يجعل الكل على اطلاع دائم على ما يفعله، لذلك تجد مستخدم هذا الجهاز يصور نفسه داخل بيته وهو يفتح الباب، أو وهو يسلم على امه.
هذا غير الذين «يستملقون» ويقومون بتصوير خدمهم وهم يطبخون، فيدخل مستخدمو هذا الجهاز مطبخ بيوتهم ويرون طباختهم تعاني من دخان الجدور وعرقها يهطل وما لها خلق على الدنيا.
بالمقابل تلقى هذا الأخ أو الأخت بكل سخافة وبرود يطلب منها أن تكشف عن الجدر وتضحك حتى يصور ما في داخل الجدر ويضع الصورة على جهازه ليراها ربعه، ويقول «غدانا اليوم مجبوس دجاج.. حياكم».
4 – سهولة المغازلة:
الآن «ماكو شغل ملاحق ومخوزر وطق أرصفة» حتى الواحد واحدة ولا يضيعها.
فبفضل البلاك بيري صار الترقيم و«المغازل» أسهل بكثير وفي متناول الجميع. يعني أي واحد تفتنه واحدة وأي واحدة يفتنها واحد، ما عليهم إلا تبادل أرقام BB وخلاص.
5 – منافسة شرسة:
طبعا يوجد سباق وتحدٍّ ومنافسة شرسة بين مستخدمي هذا الجهاز على عدد الناس المضافين، يعني حمود يتحدى خلود في عدد الناس الذي أضافه عنده؟ ومنى تتحدى سحر بعدد الجروبات التي عندها، وغيرها من التفاهات التي باتت سمة من سمات هذا الوقت للأسف.
6 ـــ إنترنت مفتوح:
هذا الجهاز فيه إنترنت مفتوح طوال 24 ساعة، ولا توجد به خدمة حجب المواقع. يعني «الشعب عايش بربيع»، خصوصا المراهقين.
ثالثاً:
لجنة الظواهر السلبية
الصراحة انا مستغربة ومستنكرة حتى هذه اللحظة من السادة الأفاضل أعضاء اللجنة التحفة النادر وجودها، لجنة الظواهر السلبية، لسكوتها وصمتها الرهيب عن هذا الجهاز «الكافر الداعر» المسمى البلاك بيري الذي شقلب كيان الشعب الكويتي، وجعل رأسه منكسا ويمشي كأنه هدهد وعيونه مبحلقة بهذا الجهاز، إلى درجة أن البعض يقوم من النوم «مخترعا»، خائفا من أن يكون فاته شيء تم عرضه بهذا الجهاز!
آخر الكلام
كل الشكر والتقدير لضاري الوزان وعلي الوزان القائمين على ملتقى «كويتي وافتخر»، وعلى ردهما الذي وصلني حول مقالي السابق. وانني اؤكد انني أكبر داعمة لبنات وشباب الكويت، لكن لذوي الإبداعات والابتكارات، وليس لذوي الكب كيك!
وأنا أتشرف بدعوتهما الكريمة لحضور ملتقاهما السنوي بدورته الرابعة.