كتب : خالد الشرنوبي
إنبرى لهذا الموضوع الآلاف من الخطباء البارعين ،والكـُـتّاب الحاذقين.. كما انضم إلى ذيل القائمة مؤخرا – بل وفي كل وقت وحين – بعض المـُـغرضين الفارغين والمُتَكَلفين بما ليس فيهم ؛ وهؤلاء هم ملح الحياة ، ولكنه ملح لا يَـشفَـى من مرارته اللسان بيُسر ، وبالأحرى إذا زادت كمية الملح ،وقد زادت بالفعل في عالمنا ، ولا تخفى على أيّ مُـتَذوق.
وأنا لا أعرف ما يدعوهم لذلك .. ولا أعرف إلى ما يدعون بذلك.. إلا البحث عن الأضواء والمال ، وقد يتمنون في سريرتهم على التاريخ ألّا ينساهم بشيء من مملكته العريقة .. يريدون حظ الدنيا بكل ألوانه .. ولهذا يسعى القومُ.
أما إلى ما يدعون ؟ ، فهم يدعون إلى التغيير للأصلح .. ولإستنساخ أخلاق العظماء .. ولإيقاظ الهمم والحَمِيّة في نفوسنا لبناء نهضة لأمتنا.
الأمر المُحزن هنا أن الكثير من هؤلاء لا يعتزموا بناء أمتهم بحق ، بل كل ما يطلبونه هو المال والشهرة .. وأنا أ ُؤكد هذا عن علم لمعرفتي بالكثير منهم معرفة شخصية.
إن مجالس هؤلاء لا تتسم بالورع الذي تظنونه ، بل شُـغلهم يكون بمراجعة خريـطتي الشهرة والمال، وترادوهم أحلام هوليود الخارقة ، ولا يُراعون في أمرهم أموال الفقراء التي يسلبونها .. وإنه كان أولى بهم أن يُـقدِّمُوا ما يعرفونه بالمجان إن كانوا صادقين في دعواهم .
وحتى أكون مُـنصفا ، فهناك أ ُناس كُـثُر يُراقبوا الله في أعمالهم ، ولا تخلوا مجالسهم من علم خالص من الزهو والاعجاب .
فيجب ألّا تنسلخ حياتنا عن ديننا ، ويجب أن نعرف أن الدين هو الحياة ، فديننا يزخر بالنماذج المُـشرقة من الناجحين في كل نواحي الحياة ؛ فإن جاء ذكر “هيلين كيلر” كمثال للعزيمة فيجب أن يسبقها إلى ذلك “زيد بن ثابت” ، وغيره من المُثابرين المسلمين ؛ فيجب أن نُنصف ونحن نعالج التجارب الاسلامية ، وأن نُـؤدي لها حقها المسلوب والـمُوَجه إلى قوم ليس لهم رب .. مِن قومٍ لهم قلوب لا يفقهون بها .
لأكون مـُنصفا أيضا ، فإن هناك نماذج غربية ليست على ملة الاسلام برعت وتَنوّرت بعلوم مادية رائعة تفضلّت بها على المسلمين كما تفضّل المسلمون عليهم بالأمس ، ونحن نشهد لهم بدورهم في هذا ؛ فالله يُؤتيهم نصيبهم في الحياة الدنيا ولا يبخسهم شيئا .
أما ما أعترض عليه هو أن نستعير منهم تعاليمهم الروحية والأخلاقية بعد أن يضعها لنا المُخَربّون في قوالب مُزخرفة ، ويسمونها لنا بأسماء عجيبة .
تأخذون منهم خليط من التعاليم الوضعية .. مزيج من البوذية والهندوسية والزرداشتية وغير ذلك .. تأخذون سفاهة الأخلاق ، وتتركون مَن لكم فيه أ ُسوة حسنة ، وتتركون تعاليم الله الاسلامية .. تلك اذن قسمة ضيظة ! ، أ خَلقٌ أحكم أم الخالق؟! ما لكم كيف تحكمون؟!
فإن الاسلام بحر زاخر لا يُنقصه مَن يأخذ منه ..بل انه يزيد ، ويُخرج لنا من شواطئه الفياضة معاني متجددة لا تجمد أبداً وإن تعاقب الملوان إلى يوم يفصل الله فيه بين العباد .