روابي البناي
اليوم أعزائي سأتكلم عن شخصية عجيبة غريبة «مالها موديل»، يعني شخصية مريضة، تحتاج إلى علاج يقتلعها من جذورها ويعيد تركيبتها مرة ثانية.. فبطل مقالي اليوم رجل في العقد الخامس من عمره، ينحدر من عائلة كريمة لها ثقلها في المجتمع الكويتي، وللأسف، وأقولها بكل حسرة، أن هذا الشخص ينتمي إلى هذه العائلة التي اجتمع أفرادها على مقولة واحدة «هذا مو صاحي»، و«فشلنا مع خلق الله»، من كثر عمليات النصب والاحتيال التي يقوم بها بكل حنكة ودهاء.
هذا الرجل اسمه فاروق، لكن شتان بين هذا الفاروق والفاروق عمر بن الخطاب الذي سمي بالفاروق لشدة عدله وعدم رضاه بالظلم. هذا المدعو فاروق كما قلت لكم ينحدر من أكبر عوائل الكويت، والتي لها ثقل وجديرة بالاحترام كونها تضم في طياتها خيرة رجال ونساء الكويت، لكن كما تعلمون أعزائي في كل بيت هناك نبتة شيطانية، وهذا الفاروق هو النبتة الشيطانية لهذه العائلة التي احتارت كيف تعالج ما يتسبب به هذا النصاب.
من يرَ هذا الرجل يقل ان الدنيا لا تزال بخير من شدة ورعه وتقواه ولحيته وأثر الصلاة على جبهته، فهو لا يفوته فرض صلاة في المسجد، وعبارة «جزاك الله خيرا» لازمة دائمة على لسانه.. لكن كل هذه ألاعيب كان يخفي وراءها حقيقة مرة لمن يكتشف شخصية هذا القصير الملتحي.
أولا:
أنت كويتي وتريد تعويضا؟ تعال..
الكل يعرف لجنة التعويضات التي تم تشكيلها جراء الغزو الغاشم على الكويت والتي تعمل على حصر الخسائر والممتلكات الخاصة بالكويتيين وغير الكويتيين التي انتهكت في هذه الفترة ممن تنطبق عليهم الشروط ويستوفون الأوراق اللازمة التي تثبت انهم من المتضررين.. لكن هذا الأمر لا يمشي عند «بو عبدالعزيز»، فهو قام بطباعة أوراق رسمية تحمل شعار اللجنة وتحمل بيانات خاصة ومختومة يقدمها لكل من يريد أن يعوض من قبل الحكومة في سبيل أخذ عمولة منه، كونه تربطه علاقات وطيدة مع شخصيات «لها عروق بالماي» في باللجنة وتستطيع أن تمرر المعاملات بشخطة قلم.
وللأسف لهث الكويتيين وراء المال جعل من هذا النصاب مليونيرا، فهو يأخذ على كل ورقة مبلغ 200 دينار فقط للتسجيل، وعليكم الحساب.. وطبعا لكي يضمن للراغب بالتعويض صحة كلامه يعطيه وصلا يفيد بتسلمه المبلغ نظير تسجيله في لجنة التعويضات.
ثانيا:
استدراج الشباب وبيعهم الوهم
حمد شاب طموح كباقي شباب الكويت، يحلم بمستقبل آمن وعيشة رغدة من دون الاتكال على ما يملكة والده، ويؤمن أشد الإيمان بالعصامية وبناء الذات.
تربط حمد علاقة صداقة حميمة مع عبدالعزيز الابن البكر لفاروق، فهو صديق مقاعد الدراسة الجامعية و«تمشي الفراري». ومن باب الخدمة والمنفعة عرض عبدالعزيز على حمد أن يستثمر مبلغا من المال عند والده، لأن والده المحترم يقوم بعمليات بيع وشراء داخل الكويت وخارجها، ويعمل حاليا مع كبرى الشركات الأميركية في مجال الاستثمار، وعندما يقوم حمد بإيداع مبلغ من المال عند والده سوف يدر عليه ربحا شهريا يتراوح بين 400 و500 دينار.
هنا تهللت أسارير حمد الذي لم يصدق خبرا، فقام بعملية حسابية شديدة السرعة في مخه على الربح الشهري الذي سيجنيه من بوعبدالعزيز، والذي سوف يضمن له عيشة رغدة في حال زواجه من دون أن يحتاج الى مساعدة والده.
وفعلا قام حمد بتسليم فاروق مبلغ ثلاثين ألف دينار كويتي «نوط ينطح نوط»، وكتب له بو عبدالعزيز شيكا باستلامه المبلغ. وفعلا تسلم حمد لمدة ستة أشهر ربحا شهريا قدره 450 دينارا كويتيا، الأمر الذي جعله يقنع والده وأخاه باستثمار أموالهما في المحافظ الاستثمارية التي يتعامل معها هذا الفاروق.. والثلاثين ألفا أصبحت تسعين ألفا بعد إيداع مبالغ مالية لوالد وشقيق حمد نظير استلامهم شيكات أيضا من بوعبدالعزيز، وتسلموا هم ايضا الأرباح الشهرية التي كان يدرها عليهم «بولحية».
لكن كما يقال «دوام الحال من المحال». بدأ هذا الفاروق بالتوقف عن إيداع المبلغ الشهري بحساب حمد وعائلته، وأخذ التوقف يطول ويطول، الأمر الذي استدعى حمد لسؤال عبدالعزيز عن سبب التوقف، فقال له أن هناك بعض المشاكل التي تعرضت لها المحفظة.. ولكن «لا تخاف يا حمد.. أفا عليك.. فلوسك برقبتي».
وأخذ الشهر يجر اشهرا واشهرا، الأمر الذي جعل حمد يفيق من سباته ويتخذ قرارا باسترداد المبلغ المالي الذي أودعه عند بو عبدالعزيز. ووافقه الرأي كل من الأب والأخ.
وفعلا أبلغوا فاروق بقرارهم فقال لهم: «إن شاء الله وما يصير خاطركم إلا طيب، فلوسكم ولكم الحق، بس نطروا علي اسبوع علشان عندي أرض ببيعها واعطيكم فلوسكم».
ونظرا للعشرة والصداقة وافق حمد على الفور على المهلة. ومر أسبوعان على المهلة ولم يظهر بوعبدالعزيز. اتصل به حمد مرة ثانية، وجاءه الرد: «والله يا ولدي يا حمد للحين الفلوس ماوصلت، ان شاء الله آخر الاسبوع راح توصل وعلى طول راح اعطيكم فلوسكم».
ومرت نهاية أسبوع تلتها نهايات كثيرة ولم تظهر فلوس حمد المسكين، فقرر تقديم الشيك إلى البنك لكي يسترد فلوسه. لكن الصدمة الكبيرة كانت عندما ذهب حمد وهو كاشخ إلى البنك المعني وقدم الشيك، فبدت علامات الخيبة على الموظف المسؤول عن الحساب حين قال: «أنا آسف يا سيد حمد الحساب ما فيه رصيد».
وفي لحظتها اتصل حمد بصديقه وأخو دنيته عبدالعزيز وسأله عن صحة ما قاله له موظف البنك، فتعلثم عبدالعزيز وقال: «لا المسألة فيها سوء تفاهم، لا تخاف الحين اكلم الوالد».
وبعد نصف ساعة رن هاتف حمد النقال، وسمع صوت فاروق يقول له «أفا عليك يا ولدي ليش رحت البنك.. فلوسك موجودة عطني بس يومين واعطيك فلوسك. انا ساحب فلوسي من البنك». وصدق حمد هذا النصاب مرة عاشرة، ليس لأنه يريد ان يصدقه، لكن لأنه يريد أن يعيش على أمل ان فلوسه سوف ترجع له.
ولكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه، فكانت وعود بوعبدالعزيز اسطوانة مشروخة يرددها لكل من ينصب عليهم حتى يقوم بعمليات نصب أكبر وأوسع كونه محترفا.
ثالثا:
حمد هتشكوك الكويت!
بعد أن سئم حمد من وعود بو عبدالعزيز، أعطى الشيك لمحامي والده، الذي باشر اجراءاته القانونية وتحريك قضية ضد بو عبدالعزيز كونه كتب شيكا من دون رصيد. وفعلا بعد أخذ ورد صدر حكم بضبط وإحضار المدعو فاروق. وهنا كانت الطامة الكبرى، فعندما ذهب حمد للمباحث فرحا بقرار النيابة بضبط وإحضار المدعو فاروق جاءه الرد: «خلاص اذا شفته قولنا واحنا نقبض عليه»!
فأجاب حمد: يعني شنو إذا شفته؟ الريال نصاب وما يقعد بمكان واحد.. شلون انا راح القاه؟ هذا شغلكم!
فقالوا له: «يبا احنا عندنا غيرك آلاف.. مو فاضيين حق هذا الفاروق».
وفعلا قام حمد بتأجير اثنين لمتابعة تحركات عبدالعزيز لكي يتم الاستدلال على أبيه من خلاله لأنه كان يغير مسكنه بمعدل كل ثلاثة اشهر، وينصب أيضا على أصحاب البيوت، فهو يدفع مبلغا لمدة ثلاثة أشهر مقدما، وبعدها يمتنع عن السداد الأمر الذي يستدعي رفع قضية من صاحب العقار عليه. وكونه حريفا ونصابا يعلم أن طريق المحاكم طويل، والروتين بالكويت أطول وممل، فيخلي البيت ويذهب إلى منطقة ثانية يكرر فيها العملية نفسها.
وكما ذكرت لك عزيزي القارئ (خنت حيلي) وضع حمد عيونا له تتابع تحركات ابن فاروق لكي يستدل على عنوانه، وفعلا توصل إلى عنوانه وتأكد أن القصير الملتحي موجود داخل المنزل، وأبلغ رجال المباحث الذين قالوا له ان يوم الجمعة سيكون موعد إلقاء القبض على فاروق
وتأهب حمد وذهب مع رجال المباحث للايقاع بهذا الفاروق الذي خرج من منزله قبل صلاة الجمعة ماشيا حتى المسجد الذي يقع بجوار منزله، وانتظروه. وبعد أدائه الصلاة ألقوا القبض عليه أمام مرأى الناس، وتم ايداعه في السجن. لكن بعد يومين خرج بكفالة بعد أن تعهد بالسداد. وفعلا بعد ثلاثة ايام قام بإيداع مبلغ الفي دينار بحساب حمد بملف القضية، وتوارى بعدها عن الأنظار من دون أن يسترجع حمد فلوسه.
أسئلة أحتاج الإجابة عنها
طبعا الكثير منكم يقول «محد قال حق حمد يعطي فلوسه حق هذا النصاب»، والبعض يقول «عادي النصب صار سمة البعض في سبيل الحصول على المال والكسب السريع»، هذا ليس بهدفي لكن هدفي هو كيف يعبث هذا النصاب بالناس بكل حرية من دون حسيب ولا رقيب؟ فهذا النصاب مسجلة بحقه حتى تاريخ كتابة هذه الأسطر 50 قضية نصفها لبعض الشركات المقرضة التي تحركت اخيرا بعد أن اكتشفت نصب واحتيال هذا الرجل، واثنتا عشرة منها لأصحاب البيوت التي تم تأجيرها وتخلف عن سداد إيجارها.. والباقي لناس تم النصب عليهم تحت اسم الربح والتجارة.. ولكن السؤال هو:
• أين دور رجال المباحث من القاء القبض على المدعو فاروق بولحية؟
• أين مراقبة الهيئة العامة للمعلومات المدنية على المعلومات الخاصة بهذا المدعو لأن عنوانه المدون بالبطاقة يعود لسكنه قبل 8 سنوات، وهذا السكن بيع لناس آخرين لا تربطهم به صلة قرابة لا من بعيد ولا قريب؟
• لماذا التقاعس من قبل وزارة العدل في تنفيذ الأحكام على قضايا الشيكات؟
• أين رجال المرور والدوريات الذين غفلت أعينهم عن هذا القصير وهو يتجول بسيارة لم يتم تجديد دفترها منذ 5 سنوات؟ فمن غير المعقول أنه لم يمر على دورية شرطة أو نقطة تفتيش طيلة هذه السنوات؟
• أين المراقبة في ملفات هذه القضايا التي تكون في متناول العمالة البنغالية في أروقة المحاكم، الذين من السهل رشوتهم بدينار وإخراج أي ورقة من ملف أي قضية مما يكون من شأنه قلب كيان هذه القضية رأسا على عقب.
• أين الشروط واللوائح التي تتبعها بعض الجهات المقرضة بإعطاء القروض والمعاملات لعملائها؟