كتب : خالد الشرنوبي
الشراكة الفكرية الأولية في الحركة الشبهية الدعائمية (حركة مفاهيم الواقع)
مادة بحث أو منهج بحث فعَّال
منذ قديم الأزل تراصت الأفهام على صعيدٍ واحد ، وهو الفكر بشتّى شمولياته ، وتفاوت درجاته التي تغيرت وتبدّلت حسب التطّور البشري والزمني والأقليمي ؛ ومَجْمَع علل التغيير يكمن في تناوب الحضارات التي غالباً ما تختلف ، وأحياناً تتفق في أمور رسّبتها الحضارات الأُوَل ، فجاءت الحضارات الناشئة لتريح نفسها من التمحيص حول جوانب هي موجودة بالأصل وفي الغالب هي أصيلة (ناجحة) .
تقوم الحضارات الإنسانية بعوامل شتى نسبية ، تتباين من حضارة لأخرى حسب عوامل كونية وأيدولوجية ليست مُتحدة على المستوى العالمي ؛ وأهم من تلك العوامل ، أو أهم تلك العوامل هو العنصر الإنساني الذي يرسم الخطوط الفكرية التي يقوم عليها أي إنجاز ؛ وأهم ما يُميِّز العنصر الإنساني هو (جمالية الفكر) ، بمعنى أن يضع الإنسان منهجية ذاتية جميلة (مُنَسًّقة) من خلال أفكار تُشارِك في حركة التنمية أو النهضة ، ويُرَاعَى فيها عدم الإلتزام بفرضيات الآخرين الفكرية ، ونتبنّى أفكارِنا الخاصة ، آخذون في الإعتبار أن ذاتيتنا لم تنبُع من أصول شريرة أو عبثية ، وإنما أصول آدمية منهجية تَرْمي بأطرافِها إلى ما واراه الزمن من أعراف وفطرة ونُظـُم دينية وأخلاقية ؛ ناشئين ما سميناهُ بالحركة الشبهية الدعائمية ، والتي تقوم على ربط أجزاء العنصر (الفكري) المختلفة ، وجمعها من بين شطور الغابرين ، وتنقيحها بعد فَهمِها ، وتصحيحها ليس فقط بمفهومنا ، ولكن أيضاً بدعائم الأجزاء الأخرى الدينية ثم العُرفية التجريبية(التي تقبل التجريب) الغالبة في المجتمع ؛ وذلك حتى يكتمل بيان العنصر ثم الإنتقال إلى العنصر الآخر ، وهكذا .
بعد ذلك نقوم برصد العلاقات بين العناصر الفكرية أو المواد الفكرية عن طريق الشبه في الأجزاء ، والتي يدعم بعضها البعض ، حتى تكتمل منظومة فكرية متطوِّرة – لا تُعارض منهج الدين – نستطيع أن نواجه بها كيد الإنسان في زمن العولمة أو (التوسعية) .
إذا سألني أحد عن إسمي (عِرقِي) فلن أجيبه ؛ فالمسألة انتقلت من حيز الأسماء إلى منتهى العقول التي تشمل كل الأسماء ؛ فلا يهمني ما إسمي ، ولكن الذي يهمني حروفه ، هل اشتركت في جمل الحرية والحق والجمال أم لا ؟
هذه الفكرة جاءتني بسبب الخوف عندما كنت تائهاً .. أو دائماً تأتيني لأنني لا أزال كذلك !
أصبحت أنا ومَنْ مثلي من المُؤرَقين في دوامة الغرق إلى الأمام (المستقبل) بدون معرفة ما سبقنا ، وما بالخلف ؛ في ظل هذا الزخم البشري ، وفي ظل ذاك الكساد الفكري ؛ أ ُفضِّل البكاء وحدي أو الصراخ في وجه كل من يتجاهل وجودي ؛ فأشعر بعدم الإنتماء لإسمي ، ثم فكري ، فالإسم قد تجده على الأرصفة ، وفي صناديق القمامة ، وغير ذلك مختلِطاً برائحة عرق الملايين الذين ارتادوا نفس الإسم ؛ أما الفكر ، فإنه لا يخلو من غزوات المعرفة ورجالها ، ومن هجمات الفلسفة وشياطينها ، ومن طعنات العامة وسفهائها ، ومن الأديان المُدَلّسة ومُحَرِّفيها ؛ عدا ما عصَمَ الله وحفظ ، وهو الإسلام ، الذي لولاه لما بقيت للأنفس أنفاساً تُبلـِّغُها على طريق الحياة أو النجاة ، ولا أقولها تعصب الجاهل لدينه ، فإنّا قد نُهينا عن ذلك ، ولكن أقولها اظهاراً للحق ، وقد أ ُمِرنا به .
وبدون جدال ، فهناك نماذج للفكر الإسلامي باطلة ، لضعف منهجيتها وشذوذ مآربها وأهدافها ، كالروافض والشيعة وغيرهما
الفكر كالعاطفة يتأثر بسرعة فيرتدي زيّ ما تأثر به ، ولو للحظات حتى يستمتع بهذه النشوة التي أوصلته إلى أعلى درجات الإستقلال ، وفصلته عن زحام الدنيا ، وأغرقته في تركيز مصحوب بنشوة عارمة بإمكانها أن تُصيّرَهُ ملكاً ، ولو لبضع ثواني ؛ هذه الحالة الإمتيازية التي تخدع الإنسان هي في الأساس من إبداع إنسان آخر ، أراد أن يرى أثر إبداعه على وجوه التائهين ؛ فنحن جوعى فكرياً ، وأصبحنا على استعداد لالتهام أية وجبات فكرية مهما انحط قدرها .
وأخيراً فإن الوصول إلى حالة فكرية مستقلة – شبه حقيقية – لابد ألّا تخرج عن إطار الثلاثة ، وهم ( الرصد “أي رصد الفكرة” ، والبحث “أي التحَقُق من صحتها والغور في الادلة والمفاهيم المتعلِّقة بها” ، والإستغفار “وهو محطة لمراجعة ما تمّ في المرحلتين السابقتين” ) .