كتب : خالد الشرنوبي
كربليس..مخلوق من طينة حمراء ..طينة شهوانية.. طينة من قاع جهنم
صاحب هذه الطينة ..ما تعلم شيئا قط في حياته .. ما عدا الجنس
الجنس بألوانه.. الخضراء والحمراء والسوداء
الجنس من قعره إلى قمته .. من حلاله إلى حرامه.. من أوله إلى آخره
من شاذه إلى أصله
كربليس يتمنى .. كربليس يحلم.. الذباب يتعاظم لحجم يتسنى له فيه مضاجعته
كربليس يتضاءل ليصل إلى ذبابته
الذبابة .. هي وحيدة الكون التي آمنت له .. هي الفريدة التي بقيت معه في حجرة مغلقة
ولكنها لم تلبث أن فرت منه .. لما أحست منه نظراته الدنيئة.. وملامحه المهتاجة
هكذا تركته عندما توجهت للقاهرة كي ألتحق بجامعتها .. على مراد أبي.. وكنت من قبل أقطن الكفر القبيح
آكل من جوده التصعلق.. وأشرب من فيضه التبذل.. وأتعلم فقه الشارع.. على سنة أصدقائي
أصدقائي .. لا أعرف لهم مأوى ولا مرسى .. بالكاد أتذكر وجوههم .. والمواقف التي جمعتنا
لكن التذكر لا يشفي آلام شوقي.. ولا يسد فراغ قلبي
لكني لم أدع لليأس محلا.. كنت أتتبع أخبارهم .. من صديقي “شاديما” .. فكان ينقل لي الأخبار
ويصف لي الأحداث مفصلا معللا
وكان من جملة ما أدهشني .. وأصابني بالوجم.. هذا الخبر.. عن كربليس
– خطف واغتصب
– من؟ .. كربليس؟ .. خطف من؟
– فتاة من عمرنا .. من كفرنا
– لماذا .. أقصد ، كيف هي؟
– فاتنة .. فائرة الجسم ..بكر.. هكذا قيل
– أمر.. أمر غريب
– لم يظهر لهما ظل في الكفر مذ أربعة أيام
– هل هو في الكفر أم في الأسكندرية؟.. هل خطفها حقا؟
وهل يعقل ذلك في زماننا هذا؟ ولم لا ؟ إنه زمان الفتن .. إنه زمان القيامة .. لا لا ..إنها فقط طبيعته
إنها معنى من معاني الشر والفساد وضياع الأمانة.. ولكن .. كيف خطفها .. أقصد هل خطفها على الطريقة الامريكية .. طريقة شيكاغو والعصابات
– لا أحد يعلم .. الخوف ، كل الخوف أن يكون فضَّ شبكها
– هذا النذل !.. لابد إنه فعل.. هذه صنعته.. ألم أقل لكم إنه من الطينة الحمراء
– لابد إنه ذهب بها عند قريبه “باسموا” بالأسكندرية؟
– لكن.. كيف وأمه تمكث معه؟
– إذن يستأجر حجرة في نُزُلٍ ما أيضا بالأسكندرية
– ومن أين يأتي بالمال؟ فأنا عليم بحاله وبظروفه
– ولكن هذه الفتاة الغامضة .. لماذا لم تصرخ؟ لم َ لم تش به لأحد؟.. أين حِيَل النساء وتدبيرهن؟!.. أين كيدهن العظيم؟!
– لابد إنها كانت معه برغبتها وإرادتها.. ونحن نعلم أن شهوة المرأة اذا استشاطت فلا مرد لكوراثها.. ولا مصد لعواقبها
– أهلها يهددون ويتوعدون.. وأخوها أقسم إنه لو ظفر بكربليس .. سيجعله من فصيلة أحمد عدوية .. سيذبح عصفوره
ّّّّّّّّّّّّّّّّّ
– كربليس .. أجبني.. ماذا تفعل الآن؟
– أنكح.. أنكح.. أنكح.. أُضاجِع.. أُضاجِع..أُضاجِع
– ومتى تنتهي يا حقير؟
– أنتهي! .. هل أنا أحمق لأتركها؟! .. أنت لا تعرف كم عانيت.. كم انتظرت .. هذه لحظتي
سأنتهي عندما تخبو نيراني.. وتختل أعصابي.. وتنحلّ مفاصلي..وتتحلل عظامي
– أيها الدنيء.. إذن لن تنتهي أبداّ!
ولكن أيها المتحذلق.. المتهوِّر.. لا تنس أمر أهلها.. هذه ما لم تحسب له حسابا.. لتعلم كم أنت غبي
أقل ما يأخذونه منك جرّاء فعلتك الشنيعة هو حياتك .. هل ترتعد الآن؟ أشعر بك يا غبي.. ولكن كيف ظننت انك ستفرّ بفعلتك الحقيرة هذه دون عقاب؟! المصائب ستأتيك كالسيل منذرٍ بالهلاك.. قضية خطف.. قضية اغتصاب.. وهلُم جراً!
– أيها المثرثر.. هل انتهيت من مقالتك ؟.. دعني أريك كيف ستجري الأمور.. وستتابع الأحداث
عندما أتركها- في المستقبل البعيد طبعاً!- ستخبرهم إنها كانت معي بمحض إرادتها..كما انها التي أصرت على مرافقتي لها ..مع رفضي الشديد!!.. أنت لا تعرف رفيقتي .. إنها مُتَبجِّحة!
– حسنا .. أنت لا تخشى عاقبة الأمور.. اذن .. أخبرني أيها الشجاع أين أنتما الآن؟
– لازلت أستمتع بها .. لازلت أزاول واجبي.. لم تنفد حلاوتها بعد.. ولكن أعدك انني سأخبرك وقتما أنتهي منها
أما اذا أخبرتك الآن .. فستضيع هرتي مني.. وسأعود لقصتي مع الذبابة .. أنت تعرفها!!!
– إذن أخبرني كم مرة ضاجعتها؟! لكي أطمئن على حالتها.. أخشى أن تكون ماتت.. وأنت لا تزال تضاجعها.. أعرفك تفعلها!!
– حقا .. تريد أن تعرف.. فأنا لا أرهق نفسي بالعد.. ولكن .. كل ساعة مرة ..منذ أربعة أيام .. هذا أمر يطول حسابه.. لا وقت لدي.. والآن دعني.. لدي عمل
– كربليس.. انتظر.. كربليس.. اليوم أجازة.. اليوم الجمعة!.. أقصد لا عمل..كربليس