بقلم الكاتب: محـمد شـوارب
لا أستطيع أن أتصور وأرى ما أرى في حياتي، وحياة كل الشرفاء والنبلاء في الأوطان، إن كثير من الأغنياء ما يقسى قلبه وينام ملء فراشه، ولا يقلقه في فراشه أن يسمع أنين جاره الفقير.. المسكين. لكني لا أعمم، بل أخص بعض من الذين يملكون المال في حياتهم، ويعتقدون أن المال هو الهدف والوسيلة لغناهم وكبرياؤهم أنها حماقة (مع الإحترام)، فعندما يكون المال لذات المال، فإنه لابد أن يذوب في جمعه بلا أدنى شك، وهنا ترتخص النفس وتزيد الهم.
إن الفقراء في وطني، بل كل الأوطان يزدادوا يوماً بعد يوم، ما هي الدلالة على ذلك؟ الإجابة واضحة ومفهومة، إن الفقراء يعملون ليلاً ونهاراً كالآلة الدائبة، كي ينعموا ويعيشوا حياة كريمة وسعيدة وترفع من شأنهم، ولا تنسى عزيزي القارئ أن الآلة قد تتوقف يوماً ما، لأنه لا يوجد من يراعاها ويهتم بها، وفي هذه الحالة تتوقف الحركة تماماً، فمن هنا يزداد الفقر وتفشي الأمراض وفرض البلطجة وازدياد أعمال الجرائم الخطيرة في المجتمع.
هنا لابد أن نفرق بين الفقراء في بلادنا العربية وفي بلاد أوروبا، فعندما تكون في أوروبا وتعيش هناك، لم يحدث أن يطرق أحد بابك ليمد يده من باب العطف والإحسان. لأن حكوماتهم وشعوبهم تساعدهم وتهتم بهم، مما يجعل الفقير له مجانية التعليم وراتب يعيش منه إذا لم يعمل.
هيا بنا نرى الفقير في بلادنا العربية، تجد الحكومات تتكاعس وبطيئة في مساعدة الفقراء، مما يجعل الفقير يعرف طريق الإنحراف بكل سهولة نحو الجرائم، وهذا طبعاً من أجل الحصول على المال.
نحن في بلادنا تعلمنا أدياننا كيفية الإحسان على الفقراء واستئصال الفقر، وهذا حق الدين والدنيا علينا أن نقف وراء كل فقير حتى تحيا حياته ويسعد عيشه. وبهذا العمل الطيب الخيّر يكتمل ديننا ودنيانا.
لكن على الأغنياء أن يعلموا إن عشق المال له ضراوة تفتك الضمائر والأبدان، بل السعادة أيضاً. لأنك بخلت بمالك على فقيرك.. المسكين.
وأعلم أيها الغني، أن المال الذي منحك الله أياه، كي تنفقه، لا لكي تحتفظ به وتخزنه، فالواجب أن تحقق مصالح الفقراء وأن تصون حياتهم وعيشهم.
يحضرني قول ابن الرومي وهو يقول: (دائباً يكنز القناطير للوارث والعمر، ذائب في انقضاء)، كما يقول سيدنا علي (رضى الله عنه): إن الله فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلاّ بما متع به غني.
… ويجب علينا النداء في المجتمع/ المجتمعات نحو الحكومات والأغنياء أن يسعدوا فقرائهم،
فيا أيها الحكومات والأغنياء، أسعدوا فقرائكم وتعلموا أن المجتمع الحسّن هو الذي يربي وينظم المعاملات والعمل بين الناس وعلاقاتهم، وبهذا التنظيم ستتمتع فيه البشرية جمعاء وتنعم بما أتاها الله من فضله.
يحضرني قول جون روكفلر وهو يقول: ليست العبرة في أن تكون غنياً، بل العبرة في أن تكون نافعاً ومحبوباً.
.. فهيا بنا نسعد الفقراء، كما فعلها من قبل (عمر بن عبدالعزيز، رضي الله عنه) ولم يكن في عهده فقير واحد.
فهؤلاء الفقراء.. المساكين يريدون السعادة والعيش الكريم، كما يتمنوها، ولكن لم يروها.
حماك الله يا مصر
محمد شوارب
كـاتب حـر