بقلم د حسين موسى اليمني(الشراونة )
باحث في العلاقات الدولية والاقتصادية
رئيس قسم العلوم المالية والإدارية كلية قرطبة الجامعية
إن معظم القطاعات الصهيونية تعيش الان مرحلة الركود الاقتصادي بكل مقاييسه , والتي إن استمرت ستجبر الاقتصاد الصهيوني في الانخفاض حتى درجة الكساد الاقتصادي , لكافة القطاعات بلا استثناء , لقد تم تخفيض نسبة الفائدة الى 25% في البنوك الصهيونية وهذا يعني أن البلاد تعيش مرحلة تدهور اقتصادي حقيقي بسبب قلة الاستثمارات , وبالتالي يأتي تخفيض الفائدة لزيادة عملية الاقتراض , وسحب الاموال المودعة لزيادة الاستثمارات الاقتصادية , ورفع النمو
, لان نسبة العائد على الاستثمار في هذه الحالة تكون أعلى من ايداعها في البنوك , وتستخدم هذه الطريقة في حال التراجع المستمر في أداء ونمو الاقتصاد المحلي , ناهيك على ذلك التأثير السلبي على عملة الشيكل , ولكن هذه الاداة التابعة للبنك المركزي هل ستحقق المآرب الحقيقية بزيادة الانتعاش الاقتصادي من خلال تخفيض نسبة الفائدة ؟ أو حتى عدم الوصول الى درجة الكساد الكلي ؟ بالطبع لا ولن تؤثر ايجابا على النمو الاقتصادي ,ولن تمنع وقوع الكساد , لان الصاروخ القسامي أعظم من تخفيض نسبة الفائدة حتى ولو تم تخفيضها لأضعاف مضاعفة.
كما أن العدو الصهيوني يخسر في كل يوم مليارات الشواكل من قطاعات مختلفة بسبب استمرار تساقط الصواريخ , وعدم الموافقة على مطالب المقاومة يعتبر إنتحار وتكابر صهيوني سيزيد من ضعفها في الجولات القادمة , شريطة تصاعد وزيادة الصواريخ لتصل هذه الصواريخ الى حقل تمار 1 وتمار 2 غرب حيفا، وحقل لقياثيان 1 و لقياثيان 2 غرب يافا، وحقل سارة وميرا غرب نتانيا، وحقل ماري قرب غزة، وحقل شمن قرب أسدود، وحقل كاريش غرب حيفا, مع العلم أن عمليه إستهداف هذه المحطات سهلة جدا , وخاصة أن طائرة الاستطلاع القسامية ما زالت تجوب أرضنا المحتلة بكل حرية , وأيضا وجود صواريخ ذات رؤوس مدمرة حسب إعترافات العدو سقطت على عسقلان وسدود , أكبر دليل على أن إستمرار العدوان على غزة لا يزيد المقاومة الى صلابة وقوة وابتكاراً,حتى تصبح صواريخها تباهي صواريخ العدو من ناحية الدمار , سائلين المولى عز وجل أن يسدد رميهم .
إن عملية إستهداف محطة الغاز الصهيونية في البحر والتوعد لاستهداف غيرها , يعتبر أكبر ضربة إقتصادية وتحول جذري حقيقي على الناتج المحلي الاجمالي , ويضاف الى ذلك التأثير السلبي على البورصة أو حتى على النفقات الجديدة التي سيتكبلها العدو من أجل المحافظة على هذه الحقول من القصف , فضلا على ذلك حمايتها من الدمار الشامل وخاصة أنها سريعة الاشتعال .
إن السياحة تعتبر من أهم القطاعات الفعالة لدى العدو الصهيوني ولاحظنا كيف أن شركات الطيران أعلنت خسائرها والمقدرة بمئات ملايين الدولارات, حيث أعلن قطاع الفنادق أن الخسارة تقدر قرابة 700 مليون دولار بسبب الغاء الحجوزات وإغلاق المطار الدولي , و الخطر المحدق جراء اطلاق الصواريخ , ما زال مستمر والخسارة في كل يوم تتعاظم , وقد تم اطلاق حملة الترويج الدولي للسياحة في فلسطين المحتلة لتفادي ضربة الكساد الكبيرة , وجذب أكبر عدد ممكن من السياح , ولكنها باءت بالفشل , وهذه خسارة ترويجية تضاف الى مجموع الخسائر الاقتصادية بسبب عدم تأثيرها الايجابي .
ومن جانب آخر المقاطعة الفلسطينية الجبارة للمنتجات الصهيونية والتي هي بدورها أدت الى إنخفاض الكمية الانتاجية لدى مصانع العدو , وهذا يعتبر بالمقابل نذير شؤم بسبب زيادة اعداد البطالة في المستقبل للانخفاض المتزايد في الانتاج , وتدريجيا سيتم تقليص الايدي العاملة بسبب الانخفاض المستمر في الانتاج, ايضا انخفاض الناتج المحلي الاجمالي بنسب ملحوظة .
إن تكدس المنتجات في مخازن العدو أدى بهم الى فرض أسعار جديدة لجذب الطلب عليها , وكان ذلك من خلال تخفيض الضرائب عليها من قبل دولة العدو , شريطة تخفيض الاسعار , وهذا بحد ذاته أكبر دليل على نجاح عملية المقاطعة , وفي المقابل واجه الاقتصاد الفلسطيني انتعاشا غير مسبوق حيث بلغ إجمالي واردات الفلسطينيين من العدو العام الماضي نحو 3.5 مليار دولار ، ونحو 500 مليون دولار واردات من المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية, وهذا يعني أننا لو توقعنا أن نسبة المقاطعة قد وصلت الى 80% ستكون هذه المبالغ لصالح المستثمر الفلسطيني والتي تقدر ب 3.2 مليار دولار , والأحداث السلبية في الجانب الآخر ستنقلب ايجابية في الجانب الفلسطيني بانتعاش اقتصادي ملحوظ بزيادة الانتاج وبالتالي زيادة الطلب على العمالة لتغطية الطلب في الاسواق , وهذا ما تم إعلانه من قبل الكثير من المصانع بفتح خطوط انتاجية جديدة والتي تكون دائما بحاجة الى عمالة , وسيتمخض عن ذلك زيادة الناتج لمحلي الاجمالي .
إن غزة مستعدة لتحمل الضربات المستمرة لها أعوام دون كلل , ولكن العدو لن يستطيع الصمود طويلا ,امام صمود المقاومة وأهل غزة العزة , وما النصر الى صبر ساعة .
والله من وراء القصد والحمد الله رب العالمين .