جريدة الوطن : 14/12/2009
كتب: نبيل الفضل
الدستور أبو القوانين ومجلس الامة مطبخ القوانين والتشريعات، واداء المجلس من اداء اعضائه، ومستواه من مستوى نوابه، وعطاءاته من عطاءات منتسبيه.
وكلما تنوعت ثقافات وافكار النواب كلما اثريت التجربة وتلاقحت الافكار لولادة تشريعات منضبطة وشاملة. واهتمامات رجال السياسة من نواب اذا ما اقتصرت على السياسة فقط جفت الارض ويبست الاغصان، فالحياة ليست سياسة فقط وانما هي مناحٍ عدة متنوعة تشكل الصورة الكاملة للحياة.
فلا بأس بوجود اهتمام بالفن لدى نائب أو اكثر ولا ضرر من اهتمام زملاء لهم بالرياضة، وآخرين بالعمل الخيري، ومجموعة بالرعاية الطبية وثلة تهتم بالتدريس ومواده.
كل هذا لا بأس به ونحتاجه لاثراء وتنويع عطاءات المجلس النيابي، ولكن يستطيع المجلس ان يقوم بأدوار كثيرة لو افتقد أي نائب مهتم بشأن ما من شؤون الحياة، خاصة وان خمسين نائبا عندنا لا يمكن ان تغطي اهتماماتهم كل اهتمامات الناس.
ولكن ما لا يستطيع المجلس ان يسير قيد انملة دون وجوده فهو النائب القانوني، فمجالس الامة حول العالم كله تزخر بالمحامين والقانونيين من نواب، فطبخ القوانين وتقديم التشريعات يحتاجان الى علم قانوني لا يتوفر عند احد كما يتوفر لدى من درس وامتهن القانون.
ولا يمكن لمجلس أمة أياً كان ان يعمل دون وجود قانونيين من بين اعضائه. بل لا يوجد برلمان في العالم يخلو من النواب القانونيين.
فإذا كان النائب القانوني محاميا متمرسا فهو أفضل من قانوني دارس للقانون فقط، ولكن ذروة العطاء القانوني لنائب لا توازي قطعا عطاء نائب كان قاضيا في المحاكم.
فهذا نائب درس القانون ومارسه كمحام ووكيل نيابة وقاضيا يحكم بين الناس بالعدل ويصدر احكامه باسم امير البلاد. ومتى ما كان هذا القاضي من رحم القضاء الكويتي فلا غرابة ان يتميز بالعدل والعدالة، وان يتحلى بالصبر والاناة، ويجتهد ضمن الدستور ليقدم للناس ما هو متاح تحت سقفه.
لذلك فإن مجلس الامة الكويتي له ان يفخر بوجود نواب من نوعية علي الراشد وحسين الحريتي لإثراء عطاءاته وتشريعاته. بل ولابد من ملاحظة ان العمل بالقضاء لكل منهما قد جعل الأدب والرقي جزءاً لا يتجزأ من ادائهما. ولا نظن ان موقف النائبين الفاضلين مما يعجب دعاة التأزيم وطبوله. فالقضاة ينشأ معهم التأني ومسؤولية الكلمة، والبعد عن المهاترات. وهؤلاء يتعيشون على طبول الحرب وقصائد التصعيد السياسي والفجور في الخصومة.
النائب والقاضي السابق علي الراشد اسره العراقيون فدفع ثمن وطنيته وانتمائه، ولا يمكن ان يزايد عليه احد. والرجل له تاريخ سياسي ليس وليد اللحظة، تمايز بين الاعتراض والاتفاق مع الحكومة حسب اجتهاده.
وخبرته بالقضاء تحتم عليه ان ينحاز للدستور والقانون والمصلحة العامة، وهذا ما فعله الراشد خلال موسم السريات الكاذبة للاستجوابات اللادستورية التي اتحفنا بها من لا يتصف بالحكمة السياسية ولا يوحي بالنضج الوطني ولا يسعى للمصلحة العامة.
النائب الراشد وبعد تجربة العمل البرلماني ومن خلفية خبرته القضائية توصل الى نتيجة طالب بها العديد من الكويتيين قبله بما في ذلك جريدة »القبس« في احدى افتتاحياتها. الكل طالب بضرورة تعديل الدستور للحد من هذا التعسف الشخصاني ومن انهاك الوطن في مهاترات النرجسية.
والراشد في هذا لم يأت بجديد سوى التأكيد على ان التجربة البرلمانية تثبت للمتزن والمنصف بان الدستور يحتاج الى تعديل.
كتبة الدستور ذاتهم قالوا بجواز التعديل، ولم يبق رافض لذلك سوى خمطة المنتفعين من الاخطاء الدستورية والمتعيشين على ضبابية بعض مواده ورمادية مواد اخرى لا يريدون لها ان تتضح عبر المحكمة الدستورية.
وكل مدع بانه يدافع عن الدستور انما هو يخنق الديموقراطية برفضه تعديل الدستور. والمضحك ان اغلبهم يدوس ببطن الدستور وهو يرفع شعار حمايته. فهذا بوحمود وتاريخه المقزز في التعدي على مواد الدستور وهو المتشدق بحمايته، وهذا بوعبدالعزيز حامي حمى الدستور والساكت الاكبر عن التعدي عليه من قبل اتباعه.
بل المصيبة ان هذه العدوى قد اصابت اناساً كنا ولانزال نجد فيهم – رغم اختلافنا الكبير – العقل اللماح والصدق مع النفس والشفافية مع الاخرين.
فهذا هو محمد الوشيحي يكتب يوم امس »ولا تغرنكم الاغلبية النيابية الواقفة مع الحكومة«!!!.
يا سلام يا بوسلمان. وهل تريدنا ان نغتر بخمطة الاقلية التي فشلت في حرق البلد؟!
هل الديموقراطية يابو سلمان – هي حكم أقلية تكتل »الجيش الشعبي« مثلاً؟! أم هي حكم نفاق اللحى الثلاث التي تدعي الاصلاح أو التنمية؟!
الفاضل علي الراشد كان على حق عندما طالب بتعديل الدستور وان اختلفنا معه فيما يخص تصويت الحكومة على طرح الثقة. ولكنه اجتهاد لا يضر النظر فيه ولا يستدعي هذه الحملة او ذاك البيان المسعور من ربع المعتدي الأكبر على الدستور واللوائح.
أبا فيصل، واصل مشوارك، فقد كنت شريفاً على كرسي القضاء ويتشرف كرسي المجلس جلوسك عليه.
أعزاءنا
يبدو ان من لا ينعق بحَمْدِ البراك وشكره والاطراء والثناء عليه بكرة وأصيلا فهو خائن. ومن يعتز بحكومة الكويت انبطاحي. ومن يدين بالولاء للحكم مأجور. ومن لا يصدق تكتل »الجيش الشعبي« فهو معتوه. ومن يؤمن بحكم الاغلبية فهو غير وطني. ومن يتحدث عن التطوير من قوى الظلام. ومن ينشد المصلحة العامة منافق. ومن يختلف مع السعدون فمصيره جهنم. ومن ينتصر للكويت فلا غافر له.
ويبقى مسلم البراك الشريف الوحيد في الكويت وضواحيها، ومن يقف مع وزير الداخلية فعليه لعنة مسلم البراك وسعابيل لسانه الشريف.