بسم الله الرحمن الرحيم
(وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)
هاهي مخاوفنا، التي سبق أن حذرنا منها، تتحقق… وهاهي الكويت تشهد انقلاباً جديداً على النظام الدستوري هو الثالث في تاريخها الحديث، مع ثقتنا الأكيدة بأنّ الشعب الكويتي سيقاوم هذا الانقلاب، ولن يسمح للسلطة الحالية بالاستمرار في نهجها المعادي للدستور والمتعدي على حقوق الشعب، وسيعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، وسوف يحقق، عاجلاً أم آجلاً، الإصلاح السياسي المنشود والتطوير الديمقراطي الشامل مهما كلّفه الأمر من تضحيات.
لقد ثبت أمام الشعب الكويتي يوم أمس، وبشكل قاطع، أن المسألة ليست مسألة تعديل النظام الانتخابي، بل تتعداه لتصل إلى تشييد دعائم الحكم الفردي القمعي على خلاف حركة التاريخ ومجريات الأمور في دول العالم أجمع… فهاهو نهج الملاحقات السياسية بذرائع قانونية يعود مجدداً… وهاهي كوكبة من أخيار الشعب يُزَّج بها في السجون فيما ينتظر المصير ذاته عدد من نواب الأمة السابقين وشبابها المخلصين في أكبر حملة قمع تشهدها الكويت… حيث يجري ذلك كله دون احترام لكرامات الناس، وبلا اعتبار لحرية التعبير، ومن دون اكتراث لقانون، وإنما خضوعاً لأهواء وخصومات شخصية، واتباعاً لميول تسلطية بغيضة، وانسياقاً وراء أفكار سياسية بالية انتهت صلاحيتها وتخلت عنها الأمم الراقية ولم تعد مقبولة في عالم اليوم، وذلك كله في ظل رغبة قديمة بتحويل الكويت إلى دولة بوليسية قمعية، بما يخالف قيم المجتمع الكويتي وثوابته، وبما يتعارض مع التحولات الديمقراطية الجارية في العالم أجمع.
إنّ تغيير النظام الانتخابي على النحو الذي قامت به السلطة الحالية خطوة مرفوضة شعبياً؛ جاءت من خارح أسوار الدستور، وهي تخالف ما أجمع عليه أصحاب الاختصاص الدستوري، لذلك فإنّ هذه الخطوة تفتقد الشرعية قبل أن تفتقد المشروعية بما يؤكد الحقّ الكامل للشعب الكويتي في مقاومتها.. فلا شرعية لاغتصاب حق الأمة… ولا شرعية لحكم الفرد الواحد… ولا مشروعية لضرب الناس وسجنهم.
إنّ توجهات السلطة الحالية واضحة وجليّة وعلى نحو لا يخالطه شك أو غموض بأنها قررت اعتماد الخيار الأمني، وما إنزال القوات الخاصة وقوات الأمن العام والحرس الوطني، إلا دليل يثبت أنها تحوّلت إلى سلطة غاشمة غاشية في طريقها إلى تدمير الكويت… وهذا ما لن يسمح به الشعب الكويتي أبداً، ناهيك عن أنّه سيلاقي الاستياء الدولي، إذ أنّ هذا كله يجري تحت أنظار الإعلام العالمي ومتابعة المنظمات الحقوقية الدولية.
إنّ شباب الكويت الواعي الحر المستنير ليسوا غوغاء ولا هم مضللون، بل أنّ شباب الكويت شباب أحرار يحلمون بوطن حر سعيد ينعمون فيه بمستقبل زاهر.
إننا لسنا دعاة فوضى ولا نسعى للانقلاب على نظام الحكم، بل نحن من دعاة وأنصار الحفاظ على الشرعية الدستورية متمثلة في المادتين الرابعة والسادسة من الدستور. كما أنّ الحراك السياسي ليس استدراجاً لفتنة، والاعتراض على تصرفات السلطة ليس شغباً.. وكذلك فإنّ تعبيرنا عن رأينا وتصدينا لمخططات السلطة ليس بذاءة ولا تجريحا؛ ولا هي أصوات جوفاء وبطولات زائفة، فالشعب الكويتي لم يخرج إلى الشارع إلا بعد أن تمادت السلطة الحالية في غيّها، وبعد أن فشلت فشلاً ذريعاً يعلمه القاصي والداني في إدارة شؤون الدولة؛ ورعت الفساد؛ وخالفت الدستور.
إنّ اصطناع المشاكل والأزمات، وتشجيع نهب المال العام، والتطاول على كرامات الناس، وتشجيع الاصطفاف الطائفي والقبلي، وتمزيق المجتمع وإثارة الفتنة، والتجريح والبذاءة، والهدم والتخريب، ونشر العداوة والبغضاء، والإسفاف في لغة الخطاب، والانحدار المشين في أخلاقيات التعامل، والخروج الصارخ على القيم الموروثة والآداب المعهودة، والفجور في الخصومة، ووضع العصي في الدواليب وتعطيل التنمية، وتكريس قيم ومفاهيم غريبة على مجتمعنا وانتهاك الثوابت، والتخوين … كل ذلك لم يكن إلا من صنع يد السلطة الحالية دعماً ورعاية وتشجيعاً وتوجيهاً، فالجميع في الكويت يعرف أدق التفاصيل بشأن الأبواق الإعلامية والأدوات السياسية التي تمولها السلطة الحالية وترعاها رعاية شخصية مباشرة.
إنّ اتهام الشباب الكويتي الوطني واتهام نواب الشعب ورواد الحراك السياسي بما ليس فيهم إنما يكشف مقدار الخلل الذي تعاني منه السلطة الحالية، وهو خلل يستوجب من الشعب الكويتي بذل كل ما يملك والقيام بما يستطيع لتقويمه وإصلاح اعوجاجه وإعادته إلى جادة الصواب.
إننا في هذه المرحلة الخطيرة التي يمر بها المجتمع الكويتي، ومن أجل إنقاذ حاضر الكويت ومستقبلها، ندعو كافة أبناء الشعب الكويتي رجالاً ونساء ومن مختلف الفئات والطبقات والتوجهات إلى التماسك والتضامن والتعاضد من أجل الحفاظ على حقوق الشعب ومكتسباته ونظامه الدستوري، كما ندعو القوى السياسية وأصحاب الرأي إلى تجاوز الخلافات والانخراط في عمل وطني مشترك يرفع راية مصالح الكويت العليا، فالمواجهة طويلة، والدفاع عن حقوق الشعب يتطلب التماسك والوحدة والتضحية والنَفَس الطويل.
وعليه نعلن التالي:
أولاً: نحمّل السلطة الحالية كامل المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في البلاد وعن انتهاك الدستور وعن الخروج على قيم وثوابت المجتمع.
ثانياً: نحذر السلطة الحالية من مغبة الاندفاع نحو الحكم الفردي وتحويل الكويت إلى دولة بوليسية قمعية.
ثالثاً: نطالب السلطة الحالية بكف يدها عن التدخل في القضاء ومحاولة استخدامه ضد أبناء الشعب، والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين، والتوقف عن الملاحقات السياسية. ونهيب بالسادة القضاة الأفاضل اتخاذ موقف مبدئي صريح لوضع حد لنفوذ السلطة الحالية الذي عمل على إغلاق ملفات الفساد وحماية المفسدين.
كما أننا ندعو الشعب الكويتي الحر الأبي إلى:
أولاً: مقاطعة الانتخابات المقبلة ترشيحاً وتصويتاً.
ثانياً: مقاطعة كافة الأنشطة والمناسبات السياسية والاجتماعية الرسمية وغير الرسمية التي تنظمها السلطة الحالية أو تتم برعايتها.
ثالثاً: المشاركة الإيجابية في الفعاليات السياسية المقررة لمقاومة الانقلاب على النظام الدستوري عبر مختلف الوسائل والأساليب السلمية والميدانية المتاحة والممكنة.
رابعاً: نحذر وزير الداخلية من مغبة الاعتداء على المواطنين المشاركين في المسيرة السلمية المقرر انطلاقها يوم غد وفي أي فعالية أخرى قادمة، ونحمله شخصياً مسؤولية أي اعتداء، ونتعهد بملاحقته جزائياً محلياً ودولياً، وكذلك ملاحقة أي مسؤول آخر عن هذه الاعتداءات، وندعو الشعب الكويتي إلى المشاركة في المسيرة السلمية، وننبه الجمهور المشارك إلى ضرورة عدم الاحتكاك مع قوات الأمن والابتعاد عن المرافق العامة والممتلكات الخاصة والحفاظ على سلمية المسيرة.
صدر في يوم السبت 20/10/2012
كتلة الأغلبية، تجمع “نهج”، الجبهة الوطنية لحماية الدستور وتحقيق الإصلاحات السياسية، الحركة الدستورية الإسلامية، التيار التقدمي الكويتي، الحركة الإصلاحية الكويتية (حراك)، الحركة السلفية، مظلة العمل الكويتي (معك)، الحركة الديمقراطية المدنية (حدم).