جريدة النهار : 6/12/2009
كتب : أحمد المليفي
منذ أمد ليس بالقصير والبلد يعيش على صفيح ساخن ما أن تنتهي أزمة حتى ندخل في أخرى بل تجاوز الأمر ــــ كما بينت في مقال سابق ـــ أن الأزمات بدأت تتداخل وتتزاحم على بوابة البلد وبين أركانه . ولا شك في أن هذا الوضع له إسقاطاته السيئة والسلبية على حياة الإنسان وطريقة تعاطيه مع الشأنين العام والخاص، اضافة إلى تأثير ذلك على مناحي الحياة التنموية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
الناس تعيش حالة من التوتر والانفعال الذي أحيانا كثيرة يكون مبالغاً فيه، لكن يبقى السؤال: هل نحن مستمتعون بهذا الوضع، أم أضحينا متعودين عليه ولا نستطيع أن نعيش من دونه؟
علينا أن نبحث عن الخلل لنعالجه فتعود الأمور إلى طبيعتها نحزن عندما يكون هناك سبب للحزن ونغضب عندما يكون هناك مبرر للغضب ونفرح عندما يكون هناك مجال للفرح أي نعيش حياتنا طبيعية دون تهويل أو تهوين.
أعتقد أن الخلل يتحمل مسؤوليته ثلاثة أطراف رئيسية، أولها السلطة التنفيذية وبطانتها السيئة وجهازها التنفيذي المتردي فلو قامت السلطة التنفيذية بدورها الذي رسمه الدستور وفصّله القانون بتطوير البلد وتحقيق الرفاهية واقتناص الفرص نحو بناء الإنسان البناء الصحيح لساهمت مساهمة فعالة في تخفيف حدة التوتر وإصلاح الاعوجاج.
وثاني هذه الأطراف السلطة التشريعية التي يعتقد بعض أعضائها أنهم بعد نجاحهم في الانتخابات قد انطلقوا في غابة لممارسة الصيد بكل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة ومقياس النجاح عند احدهم حجم وكمية ما يصطاده من أخطاء وهي للأسف بسبب الأداء الحكومي متوافرة وبكثرة (وين ما تطق تصيب).
أما الطرف الثالث ـــ وهو لا يقل أهمية عن الأطراف الأخرى رغم انه لا يمتلك من السلطة إلا الشيء القليل، والقدرة إلا النذر اليسير ، لكنه شريك في المسؤولية ـــ هو نحن كشعب عندما نتفاعل ايجابيا مع عوامل التوتر المصطنعة وننحاز إلى أطرافها بصورة بشعة، يدفعنا سوء الأداء وتقودنا العواطف والأهواء فتقوى هذه الأطراف على حساب البلد وتعلو على حطام الوطن، فنفرح لارتفاع الدخان ونحن نعلم انه سيختفي ولا نرى إلا صورة النجم في قاع الماء وهو في العلا.