جريدة الرؤية : 6/12/2009
كتب : فيصل المزين
لقد سئمت اسماعنا الحديث حول صعود سمو رئيس الوزراء منصة الاستجواب، وعن مواجهة الحكومة أو فرضيات عدم المواجهة، ان ما يدور حول هذا الموضوع لأمر غريب أساء لسمعة الكويت شعبا وحكومة، وحتى أعضاء مجلس الأمة، ان من المفترض أن تكون الحكومة صاحبة قرار صارم حيال هذا الموضوع، وان تقطع الشك باليقين حيال هذا الأمر، فإما الصعود بكل ثقة وبدون أي شروط أو الاستقالة، لأن التردد في هذا الأمر يزيد الطين بلة.
إن ما قامت به الحكومات السابقة لتجنب الاستجوابات سواء كانت كيدية أم ضرورة ملحة من تهرب عن طريق تقديم ورقة عدم تعاون أدى الى آثار سلبية كبيرة اساءت لمصداقية الحكومة امام المواطنين. وتركت لمن تسول له نفسه النيل من شرعيتها بابا عريضا للدخول منه، فالحكومة تتعامل بردود افعال، ولا انجازات للمواطن على ارض الواقع، فانعدمت الثقة بها، وارتفعت اسهم المزايدين من بعض الاعضاء، فلا تلم الحكومة الا نفسها فقد تركت الحبل على الغارب في محيط من الأمواج الهائجة، وغرق المواطن في ظلمات البحر العميق، فلم يجد المواطن طوق النجاة الا من المزايدين والذين بدورهم قطعوا حبل النجاة.
إن أمر صعود رئيس مجلس الوزراء أمر مرفوض عرفا وذلك من أجل الاسرة التي نجلها ونحترمها ونقدرها، وكذلك الأمر نفسه مرفوض حتى لا يكون سابقة يستند اليها من سيصل الى المجلس في المستقبل، خاصة من بعض النواب أصحاب الميول الشخصانية والذين لايزالون في مرحلة المراهقة السياسية، أما وإن كان الأمر مرفوضا رفضا تاما لما فيه من اهدار لكرامة المنصب والتطاول على الرموز، فان القرار الحاسم والسريع بالرفض هو الاجابة التي يجب أن يكون فحواها على مكاتب أعضاء مجلس الأمة بالأسباب دون شعارات إعلامية ودعاية مزيفة، صحيح ان الدستور اقر حق استجواب النائب لرئيس الوزراء ولا غبار على ذلك، لكن مخالفة الاعراف ايضا امر غير مقبول وله تبعاته الخطيرة الاجتماعية والسياسية.
ان حيرة المواطن هي انعكاسات سلبية للتأخر والتردد في اتخاذ القرار، وان ارادة سمو الأمير ومنحه الثقة يجب ان تقدر وتحترم وتنفذ دون قيد او شرط او تذمر، فإن الولاء والطاعة واللحمة والتعاون هو معيار النجاح والتقدم.
ان مجريات الأمور والظروف العالمية والازمات توجب علينا الامتثال للقرار الحكيم والثقة الممنوحة من سمو الأمير وما حث عليه في الخطابات السامية التي تلت حكومات ومجالس سابقة منحلــة. فهل نحن اشد حرصا على الكويت من سموه؟ علينا سماع واتباع صوت الحكمة فنحن لسنا بمعزل عن العالم، فالاخبار تصل في أقل من ربع الثانية. بدون شك سوف يؤثر ذلك على سمعة الكويت كدولة غير مستقرة سياسيا. نعم الديموقراطية هي احترام الرأي والرأي الآخر، لكن لم تكن الديموقراطية يوما سببا في التخلف، والتأخر، والانحدار في الخطاب السياسي.
فها هو الحال الاقتصادي للكويت والذي ترسم أبعاده سوق الكويت للاوراق المالية من عدم استقرار وتذبذب بسبب عدم الاستقرار السياسي، بالاضافة الى الازمة العالمية وتبعات ازمة دبي تبين لنا خطورة التأخير بحسم القرارات العالقة سواء كانت استجوابات ذات اهمية او غيرها من امور.
لقد تدهور حال المواطنين وتاهت افئدتهم واصبحوا صيدا سمينا لمن يحاول ان يستغل الظروف ليصطاد في الماء العكر.
نقول مرارا وتكرارا لقد سئم الشعب الكويتي هذه الأجواء الموبوءة بالمراهقة السياسية من بعض النواب، والعجز الحكومي عن النهوض بالبلاد. فلماذا جلد الذات؟ خاصة وان الحكومة اخيرا قدمت خطة التنمية التي طال انتظارها، السؤال الذي يطرح نفسه الى متى يستمر هذا الوضع الموبوء؟ ألسنا بحاجة الى تطعيم ضد هذا الوباء الذي إن لم يعالج فسوف يقضي على الجميع!
ان اتخاذ قرار صعود المنصة قرار شجاع من سمو رئيس الوزراء والذي يجب ان يكون حاسما دون شرط او تراجع، ويجب ان يكون علنا للرد بشكل واضح، والرد على المستجوب ولكي لا يكون هناك فرصة لمن اراد التقول عما دار سرا عن الآخرين ساعيا بذلك الى الطعن والتشويه، ان ما يريده الشعب الكويتي هو الحقيقة كان ذلك سما أو عسلا، المهم هو طي هذا الملف والالتفات الى القضايا المهمة والمصيرية للشعب الكويتي.. الأغلبية الصامتة من الشعب الكويتي تقول كفى مهاترات وكفى سوء أداء حكومي. ففي النهاية الخاسر الأول والأخير هي الكويت.
حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.