الوطن : 1/12/2009
كتب : د.عصام عبداللطيف الفليج
كان اللعاب يسيل من فم الفأر وهو يتجسس على صاحب المزرعة وزوجته وهما يفتحان صندوقا أنيقا، ويمنِّي نفسه بأكلة شهية لأنه حسب ان الصندوق يحوي طعاما، ولكن فكه سقط حتى لامس بطنه بعد ان رآهما يخرجان مصيدة للفئران من الصندوق.
اندفع الفأر كالمجنون في أرجاء المزرعة وهو يصيح.. لقد جاؤوا بمصيدة الفئران يا ويلنا.
هنا صاحت الدجاجة محتجة: اسمع يا فرفور.. المصيدة هذه مشكلتك أنت، فلا تزعجنا بصياحك وعويلك.
فتوجه الفأر الى الخروف.. الحذر الحذر.. ففي البيت مصيدة.
فابتسم الخروف وقال: يا جبان يا رعديد، لماذا تمارس السرقة والتخريب طالما أنك تخشى العواقب. ثم انك المقصود بالمصيدة، فلا توجع رؤوسنا بصراخك، وأنصحك بالكف عن سرقة الطعام وقرض الحبال والأخشاب.
هنا لم يجد الفأر مناصا من الاستنجاد بالبقرة التي قالت له باستخفاف: في بيتنا مصيدة! يبدو أنهم يريدون اصطياد الأبقار بها! هل أطلب اللجوء السياسي في حديقة الحيوان؟!
عندئذ أدرك الفأر ان سعد زغلول كان على حق عندما قال مقولته الشهيرة: «مفيش فايدة»، وقرر ان يتدبر أمره بنفسه.
واصل الفأر التجسس على المزارع حتى عرف موضع المصيدة، ونام بعدها قرير العين بعد ان قرر الابتعاد عن مكمن الخطر.
وفجأة شق سكون الليل صوت المصيدة وهي تنطبق على فريسة، وهرع الفأر الى حيث المصيدة ليرى ثعبانا يتلوى بعد ان أمسكت المصيدة بذيله، ثم جاءت زوجة المزارع.. وبسبب الظلام حسبت ان الفأر «راح فيها»، وأمسكت بالمصيدة فعضها الثعبان، فذهب بها زوجها على الفور الى المستشفى حيث تلقت اسعافات أولية، وعادت الى البيت وهي تعاني من ارتفاع في درجة الحرارة.
وبالطبع فان الشخص المحموم بحاجة الى سوائل، ويستحسن ان يتناول الشوربة، وهكذا قام المزارع بذبح الدجاجة وصنع منها حساء لزوجته المحمومة.
وتدفق الأهل والجيران لتفقد أحوالها، فكان لابد من ذبح الخروف لاطعامهم.
ولكن الزوجة المسكينة توفيت بعد صراع مع السموم دام عدة أيام، وجاء المعزون بالمئات واضطر المزارع الى ذبح بقرته لتوفير الطعام لهم.
الملاحظ ان الحيوان الوحيد الذي بقي على قيد الحياة هو الفأر الذي كان مستهدفا بالمصيدة، وكان الوحيد الذي استشعر الخطر، ثم فكر في أمر من يحسبون أنهم بعيدون عن المصيدة، وأن «الشر بره وبعيد» فلا يستشعرون الخطر بل يستخفون بمخاوف الفأر الذي يعرف بالغريزة والتجربة ان ضحايا المصيدة قد يكونون أكثر مما تتصورون!
هذه القصة اللطيفة المنشورة بالانترنت فيها عبرة، فمهما كـانت المشكـلة التي تحدث قريباً منك لا تعنيـك، فلا تستخف بهـا ولا بناقلها، لأنه من الممكن ان تؤثر عليك نتائجها لاحقـا، ومن الأولى ان تقف مع صديقك عند الحاجة وكأنها مشاكلك.