كتبت روابي البناي:
لا يختلف اثنان على أن الكويت بلد «الهبة»، يعني بلد الفناتك والتقليد الأعمى.. أي بالمعنى الصحيح بلد «كل من طق طبله قال أنا قبله»، فلا يمر شهر تقريبا إلا تجتاح الأراضي الكويتية صرعة جديدة. والهبة المنتشرة حاليا هي «البلاك بيري»، فتجد الصغير قبل الكبير يحمل هذا الجهاز التقني، والسبب ليس ذكاء هذا الشخص وبراعته، لكن فقط لمواكبة الحدث الدارج في المجتمع، لأنه من العيب أن تكون هناك صرعة منتشرة في البلد ولا تجري مواكبتها، فيتهم هذا الشخص بالتخلف والرجعية.
أما الهبة الثانية التي بدأت مظاهرها تظهر وهذا وقتها، فهي هبة Tan يعني اللون البرونزي للجنسين، فتجد البنات يتسابقن لشراء كل ما يجعلهن «برونز»، فالبيضا والحنطاوية والخالة كلهن يردن أن يصبحن «برونز»، والأمر نفسه بالنسبة للشباب، فتجدهم يتسابقون للانبطاح على رمال شرم الشيخ الذهبية، هذا بالنسبة للذي عنده فلوس ويستطيع أن يمضي week end خارج الكويت حتى يكتسب لونا برونزيا ويقال عنه «واو»، أما بالنسبة «للمنتفين الحفاي» فسيطبقون مقولة «الكويتي أنفع» ويسوون Local tan في الكويت.
لكنني سأتوقف اليوم عند الهبة الثالثة التي تنتشر هذه الأيام، وسوف أخذكم معي لمشاهدة بعض «هبات» الكويتيين في حفلات تخرج المدارس، التي أتمنى أن أجد لها مبررا من أولياء الأمور الذين يقومون بمثل هذه الأفعال، التي لا تنم من وجهة نظري المتواضعة إلا عن «شفاحه» و«حداثة نعمة».
فرحة لا تضاهيها فرحة هي فرحة تخرج فلذات الأكباد من المدرسة، وانتقالهم إلى مرحلة جديدة، وتكون هذه الفرحة مميزة عندما يكون هذا التخرج مصحوبا بتفوق يشار اليه بالبنان.
ففي مثل هذا الوقت من كل سنة تحتفل المدارس بتخريج كوكبة من طلبتها، ويكون الاحتفال بدعوة أولياء الأمور لمشاهدة أبنائهم وبناتهم وهم يكرمون من قبل أحد المسؤولين الذي قب.ل أن يرعى الحفل بعد «حب خشوم». إلى هنا لا غبار على الموضوع، ولكن الشيء غير العادي هو الترتيبات والتجهيزات التي يقوم بها بعض أولياء الأمور للتحضير لمثل هذه الحفلات، والتي عادة ما تكون مبالغا فيها ولا تتناسب مع حفل تربوي كحفل تخريج طلبة من المدرسة.
استعدادات عسكرية
فدرجة الاستعدادات لهذه الحفلات تضاهي الاستعدادات العسكرية في حالة مواجهة خطر محتمل، وتختلف من مدرسة إلى أخرى ومن مرحلة إلى ثانية، لأن التجهيز لهذه الحفلات يدخل من ضمن إطار المستوى الاجتماعي وسوالف الاستقبالات في المجتمع المخملي. فتجد ولية الأمر لا يغمض لها جفن قبل موعد حفل التخرج بستة أشهر، لأنها تفكر كيف تبرز في حفل تخرج ابنتها أو ابنها، وتكون استعداداتها حديث الحفل وتضاهي استعدادات الأخريات..
ولكن ما قامت به أم حمد سابقة لم يسبقها إليها أحد من قبل، واستطاعت بكل جدارة أن تكون محور حديث المجتمع المخملي لمدة اسبوعين على التوالي بعد حفل تخرج فلذة كبدها من مرحلة الروضة ودخوله المرحلة الابتدائية.
كسب تحت ستار الدين
فحمد هو الابن الجعدة لأمه وقرة عين أبيه. تم إلحاقه بإحدى المدارس الأميركية الخاصة ذات النظام الإسلامي، وذلك التزاما من والديه بتعليم فلذات أكبادهما تعاليم الدين بأسلوب مطور وحديث، وهذا ما تقوم بتقديمه هذه المدارس التي من وجهة نظري المتواضعة تأخذ ستار الدين ذريعة لها لكسب مادي أكبر.
وفعلا التحق حمد بمرحلة الروضة التي قضى فيها سنتين من عمره. وجاء موعد تخرجه من هذه المرحلة إيذانا بانتقاله لمرحلة جديدة من عمره ودراسته. وكما ذكرت لك عزيزي القارئ أن الكويت بلد «الهبات»، لذلك تجد ثلاثة أرباع الشعب الكويتي أدخل فلذات أكباده مدارس خاصة ذات اسم رنان. والهدف الأول والأخير من هذا أن يقال ان الأبناء يدرسون في المدرسة الفلانية، وغيرها من سوالف شاي الضحى التي تدعو الى الشفقة.
وبما أن الجميع يدرس في مدارس خاصة، من الطبيعي أن يكون الجميع متواجدا في حفلات التخرج، وهذا ما دعا أم حمد للاستذباح بأن تكون لها بصمة واضحة ورنانة في حفل تخرج حمد. وفعلا ظلت بصمتها مطبوعة حتى يومنا هذا، فأم حمد قامت بعمل استعدادات وتجهيزات خاصة بحفل عرس سبعة نجوم وليس بحفل تخرج طفل من الروضة.
تفاصيل حفل الطفل المعجزة
وإليك عزيزي القارئ التفاصيل المملة لحفل تخرج حمد ولد بوحمد من الروضة إلى الابتدائي الذي اقيم في احدى المدارس الأميركية الخاصة ذات النظام الإسلامي:
أول ما تطأ أقدام المدعوين أرض مسرح المدرسة المقام به حفل التخرج، يجدون أربعة جحافل طول بعرض شديدي السمرة يستقبلونهم بالبخور والطيب (اللي ما ينفع) الذي تولته بألف دينار، وهم يرتدون دشاديش (شد)، ويرحبون بالضيوف بعبارة «حياكم الله بتخرج حمد ولد بوحمد»، كأن الحفل أقيم خصيصا لحمد ولد بوحمد وليس للمدرسة بأكملها.
وبعد أن يجلس أولياء الأمور يفاجأون بخروج طاقم ضيافة أنيق يرتدي لبسا موحدا عليه صورة الطفل المعجزة حمد ولد بوحمد، يقومون بتقديم حلو القهوة من أغلى الأنواع ويوزعون هدايا تذكارية على الحضور تحمل صورة حمد.
{يباب} وتي شرت موحد
ويبدأ الحفل، وتكون المفاجأة الأكبر وهي أن الفصل الدراسي الذي ينتمي اليه حمد يرتدي تي شرت موحدا مطبوعة عليه صورة حمد واسمه وكذلك المدرسات. وعندما نادت الناظرة على حمد لأخذ شهادة التخرج، ارتفع صوت «يباب» و{تصلوت» هز قاعة الحفل كأنه زلزال. وعندما التفت الحضور إلى الخلف، رأوا بعض النسوة ممن يرتدين الثوب والدراعة (وطبعا الثوب عليه اسم حمد وصورته) «يصلوتون» و«ييببون» عليه كأنه معرس يزف لعروسه. ثم خرج طاقم الضيافة دفعة واحدة وانقسموا قسمين: قسم يوزع «كاكاو» وقسم ينثر وردا وأوراقا مكتوب عليها اسم حمد ولد بوحمد.
أكتفي بهذا الجزء من تفاصيل تخرج الطفل المعجزة حمد ولد بوحمد، الذى أدعو الله سبحانه وتعالى أن يطيل بعمري حتى أشهد تخرجه من الجامعة لكي أرى ماذا ستفعل والدته؟
بذخ وتقليد أعمى
ويبقى السؤال: لماذا كل هذا البذخ؟ ولماذا كل هذه المظاهر الكذابة؟ ولماذا التسابق على التقليد الأعمى؟
والسؤال الأكبر أوجهه إلى ادارة المدرسة: كيف تسمح بدخول الفداويه وطاقم الضيافة، وغيرها من المظاهر التي تم رصدها في حفل التخرج؟ وهل هذا لا يدخل ضمن إطار البذخ الذي نهى عنه الإسلام، والذي من المفروض أن يكون لهذه المدرسة بالذات وقفة جادة في كل ما يخص الدين؟ أما عند حمد ولد بوحمد فيختلف الوضع؟ أفيدونا أفادكم الله.
وما ذنب باقي الطلبة ممن قام أولياء أمورهم بأخذ قروض وديون لكي يتعلم هذا الطفل بمدرسة خاصة بعد ان اصبح التعليم الحكومي «الله بالخير» والسبب مخرجات التعليم التي نراها هذه الأيام؟ فولي الأمر هذا سوف يكون كبالع الموسى، فما بين حالته المادية الضعيفة التي لا تمكنه من اقامة استعدادات كالتي اقامتها والدة حمد ولد بوحمد، وما بين انكسار ابنه وتساؤله لماذا لا يكون له حفل وتجهيز وهدايا تقدم كالتي قدمها حمد ولد بوحمد.. ماذا عساه ان يفعل؟
كل شيء بالمعقول
أنا لست ضد الفرحة والاحتفال والوناسة، لكن كل شيء بالمعقول. وان كان بعض الناس لا يحبون المعقول ويحبذون مرحلة اللامعقول، فهذا يرجع اليهم إن كان الله «مرهي» عليهم، لكن في ملكيتهم الخاصة.
يعني أم حمد، الله يهداها، كان يتعيَّن عليها أن تحتفل بطريقتها الخاصة بفلذة كبدها في منزلها أو شاليهها أو اي مكان تفضله، ولا تفرض على المدرسة الاحتفال بولدها وتخلي عيال الناس يتحسرون على أنفسهم، لأن المدرسة ليست حكرا على حمد ولد بوحمد ووالدته.
لكن يبقى اللوم ليس عليها، لكن على إدارة المدرسة التي سمحت بمثل هذه التصرفات.
آخر الكلام
عندما كان العم نصف اليوسف النصف يتولى منصبا في مجلس المعارف، وكان ذلك في الأربعينات، برئاسة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عبدالله الجابر الصباح، كانت هناك مادة تدرس هي مادة التربية النسوية، التي يتم تعليم الفتيات فيها الطبخ والخياطة وكل ما يتعلق بالأمور النسائية. وفي مادة التدبير المنزلي طلبت المدرسة من الطالبات إحضار روب أبيض لكي يرتدينه بالحصة. وطبعا في ذلك الوقت من الذي يملك ثمن الروب الأبيض؟
كانت ضمن طالبات الفصل نخبة من خيرة نساء الكويت وعوائلها اللاتي نعتز بهن، والله سبحانه منعم عليهن، ويستطعن إحضار بدل الروب عشرة أرواب. لكن ما ان وصل الخبر إلى العم نصف اليوسف حتى اصدر تعليماته بمنع هذه المجموعة من الطالبات من إحضار الروب الأبيض أسوة بباقي الطالبات اللاتي لا يستطعن احضاره حتى لا يشعرن بالفرق ولا النقص. ومنعت هذه المجموعة من احضار الروب لكي يتم تحقيق مبدأ العدالة ولا يتم الضغط على ولي الأمر، ولا يتولد شعور بالكره لدى الطالبة التي لا تستطيع شراء الروب سواء تجاه المدرسة أو المجموعة ممن أنعم الله عليهن.
أنا لا قول غير الله يرحمك ياعمي نصف ويغمد روحك الجنة، والحمد لله إنك لست موجودا لترى «مناكر» حفل تخرج حمد ولد بوحمد وغيره…
هههههههههههه الله يخفظ بلدنا من كل شر يارب وجعل البلد امنأأأأ بس ضحكتوني بس لا تعيدهاااا
ههههههههههههههههههههههههههههههه
الله يحفظ بلدانا من كل شر يارب
ههههههههههههههههههههههههه جد يعطيج العافيه
انا اضحك لأني اتخيل الموقف شلون صاير
اتوقع هالشي في ديرتنا …
وشكراً يا عمة حمد 😛