كتبت روابي البناي:
في البداية أصبّح عليكم بالخير وإن شاء الله تكونون جميعكم ومن يعز عليكم بخير وصحة وعافية وبعيدين كل البعد عن الفيروس الخنزيري ومخلفات فضيحة محطة مشرف، كفانا الله وإياكم شر هذه الأوبئة والفيروسات التي بدأت تغزو بلادنا.
اليوم سأصطحبكم معي في رحلة نقف بها في عدة محطات وبالأحرى مشاهدات رصدتها لكم، وآثرت مشاركتكم فيها لأني للأمانة طفح الكيل بي من المناظر الغريبة العجيبة التي يشيب لها الرأس، وباتت روتينا يوميا نراه في كل مكان في الكويت.
ماكياج خاص للمساجد
ما ان يدخل الشهر الفضيل، حتى نجد أن الكثير من العادات تتغير عند البعض، فبالاضافة إلى التهافت غير المبرر على شراء المواد الغذائية وتكديسها، نجد التسابق الماراثوني على الصلاة في المسجد، خاصة عند الحريم (جزاهن الله خيرا)، لكن لماذا يكون هذا التسابق فقط في شهر رمضان؟
المهم تجدهن ما ان يفطرن ويملأن بطونهن حتى يبدأن الاستعداد لكشخة صلاة التراويح في المسجد، وهذه هي «الهبة الجديدة» التي تطفو على السطح هذه الأيام، ويحرصن كل الحرص على الذهاب إليه على هيئة مجموعات سيرا على الأقدام (طمعا بالأجر).
إلى هنا سوف تتساءل عزيزي القارئ: ما الغريب في أمر الذهاب إلى المسجد؟ أو التكشخ للذهاب لبيت الله؟
أنا أقول لك.. الغريب ليس في مسألة الذهاب الى الصلاة في المسجد، لكن في المبالغة وأخذ الصلاة في المسجد ذريعة للوصول إلى هدف آخر. فهناك بعض البنات (الله يهديني وإياهن) يذهبن الى المسجد كأنهن ذاهبات إلى عرض أزياء، ولكن عرض أزياء من نوع آخر (عرض إسلامي) يعني عرض للعبايات المزركشة والمخرمة والمتروسة عن بكرة أبيها بالفصوص والكريستال (الشوارفسكي)، هذا غير تلطيخ الوجه بالماكياج، ولكن ليس أي ماكياج، فهو ماكياج من نوع آخر وخاص فقط بالمسجد، يعني ماكياج «مات» matt يحسن صورة الوجه ويجعله يبدو كأنه طبيعي.
ولا ننسى أيضا الإكسسوارات الجانبية يعني الساعة الألماس و«الشحاطة» (يعزكم الله) التي تبرق عن بعد كيلو، وغيرها من الكماليات التي تظهرها بأحسن صورة أمام المصليات. وطبعا تحرص أم عباية تبرق كل الحرص على الصلاة في الصفوف الأولى أو الخلفية بجانب النساء المسنات، وتحاول أن تقدم مساعدتها لهن إن احتجن كترديد عبارة «خالتي تبين ماي بارد؟»، أو «خالتي مرتاحة بالكرسي؟» وغيرها. وطبعا هذا كله من أجل أن يرق قلب هذه «الحجية» فتلتفت إليها وتسأل عنها يمكن تخطبها لأحد أحفادها أو معارفها.
والمضحك المبكي في الأمر أن هناك بعض البنات ممن ينتقين مساجد معينة في مناطق معينة للصلاة فيها، حتى إن كلفهن الأمر الخروج من منازلهن بعد مدفع الإفطار بدقائق.
أنا ما أقول غير الله يكون بعونكن.
إزعاج البلاك بيري
أما المنظر الثاني الذي انتشر هذه الأيام في صلاة التراويح في مصليات النساء فهو إزعاج «البلاك بيري»، فبعض المصليات اللاتي يندرجن في حزب «أنا مهمة غصب»، تحرص الواحدة منهن على الصلاة بالمسجد (ما شاء الله) وفي الوقت نفسه تحرص على أن تكون نافذتها على العالم الخارجي معها حتى في وقت لقائها مع بارئها، فتجدها تقرأ الفاتحة وعينها (تتلاقط جنها رقاص الساعة) على «البلاك بيري» المسدوح أمامها لترى من أرسل لها رسالة أو من طلب أن يضيفها.
فهل هذه صلاة؟ وهل هذه ديانة؟ وهل هذه أصول احترام المساجد؟
.. وإزعاج الأولاد
وقبل أن ننتقل إلى فقرة ثانية من فقرات ليالي رمضان، هناك مشهد أيضا يتكرر في المساجد وهو إزعاج اليهال. فبعض الحريم يدخلن المسجد وهن يسحبن وراءهن جيشا عرمرميا من الأولاد ببيجامات النوم، شعرهم منكوش وحالتهم مزرية ورائحة الأكل تفوح منهم، وآثار الفيمتو مرسومة على شفاههم.
فأنت يا أختي التي تدخلين المسجد للصلاة والدعاء، ألم تراعي أن هناك أناسا أتت الى بيت الرحمن للسكينة والهدوء والخشوع الذي يتنافى مع وجود «الكوكش» الذي تسحبينه وراءك؟ الله سبحانه وتعالى موجود في كل مكان، والذي في قلبه صلاة ما تطوفه. فأنت غير ملزمة بالذهاب إلى المسجد مع عيالك، وجلوسك بالمنزل فيه راحة وإراحة لك وللمصليات جزاكن الله خيرا.
موضة المعارض وتصميم الأزياء
«كل من طق طبله قال أنا قبله»، هذا المثل ينطبق على التسابق الذي نشهده هذه الأيام في إقامة المعارض الرمضانية سواء في الصالات والفنادق أو في البيوت، التي عادة ما تسبب إزعاجا وربكة لجيران هذا البيت، وتنغّص عليهم نومهم وسكينتهم، والهدف من هذا هو عرض أحدث ما ابتكرته الأيادي الكويتية.
طبعا الواحد يفرح من كل قلبه لما يجد بنات ديرته أصبحن مصممات أزياء ومبدعات ومبتكرات، لكن في الوقت نفسه يحزن لأن هذه البضاعة المعروضة استوردت من الصين أو تايلند أو قام بخياطتها وتصميمها «سليم الخياط» الذي «تحندب ظهره» وهو يطلع موديلات ويركب عليها فصوصا وورود، حتى تأخذها مصممة الغد وتعرضها في المعرض، وتقف أمام المشتريات وتقول: هذا تصميمي وهذه أفكاري.
دعيت لحضور أكثر من معرض رمضاني لمستلزمات رمضان من دراريع وقفاطين وملابس قرقيعان وإكسسوارات وغيرها من الابتكارات التي لا تعد ولا تحصى، لكن حالة الخمول التي أصابتني في هذا الشهر حالت دون تلبيتي لجميع هذه الدعوات.
لكن هناك دعوة واحدة فقط اضطررت الى تلبيتها وذلك لمشاركة إحدى قريباتي مع صديقاتها في المعرض، فذهبت في اليوم المحدد لافتتاح المعرض المقام في إحدى قاعات فنادق الخمسة نجوم. وعندما وصلت إلى مكان المعرض توقعت أن هناك عرسا، وأنني أخطأت في القاعة أو الفندق. لكن وجود اللافتات الإرشادية أكد لي أن المعرض مقام هنا وليس في مكان آخر.
من المؤكد عزيزي القارئ انك سوف تتساءل لماذا اعتقدت أن هناك عرسا مقاما في الفندق؟
وأجيبك بأن هذا الاعتقاد راودني من الأشكال التي رأيتها عند مدخل قاعة المعرض، والتي تنم عن وجود عرس أو عرض «أراجوزات» من كثرة الألوان التي لطخت بها الوجوه. رأيت أصنافا عديدة من البنات، السمراء والشقراء والمتينة والضعيفة، والكل صبغ وجهه بـ «بوليش» ملون، ناهيك عن الاكتساح المدوي لحجاب «بوتفخة». وأبصم بالعشرة بأنه في هذا اليوم امتلأت حاويات القمامة عن بكرة أبيها بعلب السبراي الفارغة لزوم البف، وفرغت أرفف الجمعيات من قواطي الروب وحليب النيدو لزوم «رأس الجمل».
دخلت المعرض وعيناي صارتا في قمة رأسي من هول ما رأيت. طبعا كان هناك عرض جماعي للمومياءات التي سبق وتحدثت عنهن، وعرض مذهل لحزب «غصب أصير بيضاء» اللاتي لديهن هوس البياض فتجدهن لطخن وجوههن بطحين مطبخهن. والمضحك في الأمر أنهن نسين أن يلطخن أيديهن ورقبتهن فتجد الوجه أبيض «يص» واليد «جلحه ملحه».
أما الموضة الجديدة التي صعقت منها فهي موضة «حجاب الغجر» التي كانت ترتديها بعض الفتيات اللاتي قمن بوضع حجاب أسود ومن ثم تركيب قطعة تتدلى منها ليرات ذهبية على الجبهة (يعني قذلة).
توقفت عند طاولة كانت تكتظ بالبنات اللاتي يعرضن بعض الملابس، وأخذت أستمع لشرح المصممة عن معروضاتها، وكانت تقول «أنا ما أسوي إلا قطعة واحدة، لأني شغلي أحبه يكون مميز». أخذت إحدى التنانير المعروضة لقياسها، فاكتشفت أن المصممة المميزة نسيت أن تنزع اسم المحل الصيني الذي اشترت منه هذه القطعة التي تدعي بأنها صممتها.
حشد شبابي
ومن الأشياء التي لفتت نظري في المعرض وجود «إزلاف» الشباب من مختلف الأعمار والأشكال، فهناك «المغتر بوسكبه» وهناك «مشجعو تي شيرت بولو ولا كوست» وهناك «بوشعر كنيش المخترع» وهناك «اللي غصب أصير كوول»، الأمر الذي جعلني أتساءل: منذ متى يهتم الرجل الكويتي بالأزياء؟ ومنذ متى يهتم بأخذ زوجته أو أخته لشراء احتياجاتها؟ لكنني ادركت على الفور بأن هذه المعارض ماهي إلا «سوق واجف»، الواحد يتطمش فيه بلاش على آخر خطوط التخرع بالماكياج وآخر ما توصلت إليه الأسواق الصينية وإبداعات سليم الخياط وغيره.
آخر الكلام
كثيرا ما نقول ان رمضان شهر رحمة وبركة وغفران وطمأنينة وتهذيب للنفس وإبعادها عن كل شيء غلط وسلبي، لكن للأسف نجد البعض يصر في هذه الأيام على ارتكاب الأشياء الغلط أكثر من باقي أيام واشهر السنة، يعني على سبيل المثال الموظفون الله يهداهم الذين يذهبون الى مقار عملهم و «البوز شبرين» وعاقد النونه وغضب الله نازل عليه من الصبح.. لماذا؟؟ يعني ما ذنب المواطن أو المقيم الذي عنده معاملة واضطر إلى مشاهدة وجههم «الودر» من الصبح؟
مالك خلق أقعد في بيتكم وتلحف بالكنبل ونام وارحم الناس من شوفة وجهك. يعني انتم تبون تلطون الأنواط آخر الشهر، وما تبون تشتغلون؟
ثانيا أحب أن أتوجه باقتراح إلى أعضاء مجلس الأمة الموقرين ممن ينتمون إلى حزب «العويل والصراخ» المستمر، الذين دائما يرفعون الشعارات الرنانة لكسب تأييد ناخبيهم، أقترح عليهم عمل حملة وطنية لترشيد الصرف الصحي في الكويت، تزامنا مع أحداث محطة مشرف. وأنصحهم أيضا بأن يطالبوا أعضاء الحكومة بتقليل عدد مرات دخولهم الى الحمام، يعزكم الله، وإلا سيضطرون الى تصعيدهم الى منصة الاستجواب في حالة دخولهم أكثر من مرة في اليوم.