أغلقت شركات يابانية كبرى مصانعها ومكاتبها في الصين بشكل مؤقت، إثر اندلاع احتجاجات غاضبة في أنحاء البلاد، نتيجة نزاع على أراض أجج واحدة من أعنف ثورات الغضب ضد اليابان في عقود.
وأعلنت شركة صناعة الإلكترونيات «باناسونيك» أن عمالاً صينيين قاموا بأعمال تخريب بأحد مصانعها، وإنه سيظل مغلقاً حتي يوم الثلاثاء الذي يوافق ذكرى احتلال اليابان أجزاء من الصين في عام 1931.
وأوقفت شركة الإلكترونيات اليابانية «كانون» الإنتاج في ثلاثة من مصانعها الأربعة في الصين، جراء مخاوف بشأن سلامة العاملين، كما أعلنت شركة طيران «أول نيبون» اليابانية، عن تزايد إلغاء الحجوزات على الرحلات المتجهة للصين من اليابان.
وأوقفت العديد من سلاسل متاجر التجزئة اليابانية أنشطتها في الصين، وأخذت خطوات لحماية العاملين بعد احتجاجات عنيفة بسبب نزاع على أراض يهدد بالإضرار بالعلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في آسيا.
وقالت متحدثة في فاست ريتيلينج إن خمسة من سلسلة متاجرها للملابس اونيكلو أغلقت أمس، وإن ثلاثة متاجر أخرى تعمل فترات أقصر، وطلبت الشركة من موظفيها اليابانيين في الصين العمل من المنزل، واتباع تعليمات وزارة الخارجية بموقعها على الإنترنت.
وأعادت أكبر شركة تجزئة يابانية سيفن أند آي هلودنغز افتتاح خمسة من متاجر السوبر ماركت ايتو يوكادو، ونحو أربعين من متاجر سيفن-الفن أغلقت أمس الأول. وقال متحدث باسم الشركة إن المتاجر ستعمل فترات أقصر من المعتاد.
وأغلقت «أيون كو»، ثاني أكبر سلسلة متاجر تجزئة، ستة من متاجر السوبر ماركت جوسكو أمس الأول، واستمر إغلاقها أمس، ولم تحدد موعداً لاستئناف العمل بعد. وحظرت الشركة رحلات العمل للصين لموظفيها في اليابان، لكنها لن تسحب أياً من العاملين في الصين.
كما تضررت المطاعم اليابانية أيضاً، وتعرضت عدة محال للنهب والتحطيم.
هجمات عنيفة
وقاد الخلاف بين اليابان والصين بشأن مجموعة من الجزر الصغيرة المهجورة في بحر الصين الشرقي، لهجمات عنيفة على شركات يابانية معروفة، مثل هوندا وتويوتا لصناعة السيارات، ما اضطر العاملين الأجانب في البلاد للاختباء، وأثار أزمة في العلاقات بين أكبر اقتصادين في آسيا. وتفاقمت التوترات أمس جراء تحذير وسائل الإعلام الصينية، اليابان من أنها قد تتحمل عواقب «عشر سنوات ضائعة» أخرى، إذا ساءت العلاقات التجارية. واعتبرت اليابان الصين أكبر شريك تجاري لها في العام الماضي، وتجاوز حجم التجارة الثنائية 340 مليار دولار.
والصين أكبر شريك تجاري لليابان، واليابان ثالث أكبر شريك تجاري للصين، وأي ضرر يلحق بالعلاقات بين البلدين في قطاع الأعمال والاستثمار سيضر باقتصاديهما، في وقت تشهد فيه الصين تباطؤاً.
واندلعت الاحتجاجات في عشرات من المدن الصينية مطلع الأسبوع، وكان بعضها عنيفاً، رداً على قرار الحكومة اليابانية شراء بعض الأراضي المتنازع عليها من مالكها الياباني. وأثارت الخطوة غضب بكين.
وركزت الاحتجاجات على البعثات الدبلوماسية اليابانية، لكنها استهدفت متاجر ومطاعم وتوكيلات بيع سيارات في خمس مدن، وأبلغت تويوتا وهوندا عن هجمات وإضرام نيران في متاجر في تشينغداو، ما ألحق أضراراً جسيمة.
أسعار الإلكترونيات
وحذر رام بوكساني نائب رئيس مجموعة عمل الإلكترونيات العاملة تحت مظلة غرفة تجارة وصناعة دبي، من أن احتدام التوتر القائم ما بين عملاقي الاقتصاد الآسيوي، الصين واليابان، قد ينعكس سلباً على أسعار الإلكترونيات، وأضاف في تصريحات للبيان بأن موردي وتجار الإلكترونيات يتابعون بقلق كبير التقارير التي تحدثت عن تعرض الشركات والمصانع اليابانية لهجمات من جموع غاضبة في الصين، وقال بوكساني: المصانع اليابانية تستعين بأيدي عاملة صينية في تشغيل تلك المصانع. ويرى بوكساني أن الرابح الأكبر من ذلك التأزم هو كوريا، حيث إن الشركات الكورية لم تنتقل بثقل كبير إلي الصين، كما فعلت الشركات اليابانية، وبالتالي سيكون المصنعون الكوريون أكبر المستفيدين من التأزم الحاصل.
ويقول بوكساني: لاشك أن الصين تلعب اليوم دوراً مهماً في الاقتصاد العالمي، وخاصة في ما يتعلق بالمنتجات الإلكترونية، فالكثير من المصنعين وليس اليابانيون فقط، فهناك الأوروبيون والأميركيون، يتخذون من الصين مقراً لصناعاتهم، نظراً لتوفر الأيدي العاملة، والكلفة المعقولة للتصنيع هناك، وبالتالي، الاضطرابات الحاصلة اليوم سيتأثر بها جميع هؤلاء، أي المصنعون والتجار والموردون للإلكترونيات، وستتأثر تبعاً لها أسعار الإلكترونيات، والتي سترتفع بدورها، وبالتالي سيعاني المستهلك في نهاية الأمر، حيث سيتحمل تلك الارتفاعات في الأسعار.
ضرر مزدوج
من جانبه، أعرب زانغ تشنواي رئيس مجموعة عمل إقليم غواندونغ في دبي ورئيس مركز الصين لمواد البناء في الشارقة، عن رفضه للهجوم الذي تشنه بعض الجموع الصينية الغاضبة على الشركات والمصانع اليابانية العاملة في الصين، من منطلق أن تلك الهجمات لن تطال فقط المصالح اليابانية في الصين، وإنما أيضاً المصالح الصينية، وخاصة أن المصانع اليابانية العاملة في الصين تستعين بأيدي عاملة صينية، وبالتالي، فإن الأضرار التي تلحق بالشركات والمصانع اليابانية تطال الصينيين أيضاً. وأكد تشنواي أهمية العلاقات التجارية بين اليابان والصين، ويرى أن على الحكومة الصينية حماية مصالح الشركات والمصانع اليابانية الموجودة على الأراضي الصينية، وهو يرى أنه من مسؤولية الحكومة الصينية توفير الحماية لتلك الشركات والأعمال اليابانية في الصين.
وقال تشنواي إن عدداً ضئيلاً من المصانع اليابانية قد تأثر بالهجمات، إلا أنه أعرب عن خشيته من أن حدوث تأزم أكبر مقبل، قد يقود إلي تأثر مساحة أكبر من المصانع اليابانية العاملة في الصين.
ويرى تشنواي أن قضية النزاع تعتبر مسألة سيادية بالنسبة للصين والصينيين.
دعوات إلى ضبط النفس
دعا كين كوجو رئيس مجموعة عمل الشركات العاملة في سوق التنين في دبي، جميع اليابانيين والصينين إلي ضبط النفس، ودعا اليابان إلى وقف ممارساتها التي قد تستفز الصينيين، ودعا إلى ضرورة أن يجلس كل الطرفين إلى طاولة المفاوضات، والتوصل إلى حلول عقلانية بشأن تلك الأزمة، إلا أنه أكد على أن قضية الجزر هي أمر سيادي بالنسبة للصين، وبأن الصين جادة للغاية عندما يرتبط الأمر بقضايا سيادية تخصها.
وأعرب كوجو عن قلقه من الاضطرابات الحاصلة، وتعرض شركات ومصانع وأعمال يابانية مقيمة في الصين لهجمات من قبل محتجين صينيين غاضبين، قائلاً بأن الإضرار بالمصانع اليابانية في الصين سيفقد الكثير من الصينيين من العاملين في تلك المصانع لوظائفهم، ما سينعكس سلباً، ليس فقط على المصالح اليابانية فحسب، وإنما أيضاً على المصالح الصينية. وأعلن كوجو عن رفضه التام لاستخدام العنف بجميع أشكاله في تلك المظاهرات، وتوجيه هذا العنف نحو شركات وأعمال ومصانع يابانية في الصين.
سيارتي يابانية..قلبي صيني
نالت السيارات اليابانية نصيب الأسد من الهجمات التي شنها متظاهرون صينيون على الماركات اليابانية الصنع، حتى وإن كانت مملوكة لمواطنين صينيين. ودفع ذلك أحد الصينيين ممن يمتلكون سيارة نيسان يابانية لوضع لافتة على واجهة سيارته، كتب عليها (سيارتي يابانية ولكن قلبي صيني)، في محاولة يائسة منه لإنقاذ سيارته اليابانية الصنع، إلا أن محاولته باءت بالفشل.
تعليق إنتاج السيارات
علقت شركة نيسان موتور الانتاج في الصين أمس ولمدة يومين وأعلنت هوندا موتور أنها ستعلق الانتاج لمدة يومين بدءا من 18 سبتمبر عقب الاحتجاجات المناهضة لليابان في أنحاء الصين مطلع الأسبوع بسبب نزاع على أراض بين البلدين.
وأوقفت نيسان الانتاج أمس واليوم في مصنعين في جنوب الصين ومصنعين آخرين في وسط البلاد وفق ما ذكره مصدران مطلعان لرويترز.
وقال مصدر “علقت نيسان الانتاج في المدن التي كانت فيها الاحتجاجات شديدة.”
وقالت ناتسونو اسانوما المتحدثة باسم هوندا لرويترز إن الشركة ستعلق الانتاج يومي 18 و19 سبتمبر في مصنعين في الجنوب ومصنعين في وسط الصين.
وأضافت أن الطاقة الاجمالية للمصانع الأربعة التي تدار بالتعاون مع شركاء صينيين تبلغ 820 ألف سيارة سنويا.