كتبـــت روابـــي البنـــاي:
صباح الخير والسعادة عليكم جميعا، وبداية أسبوع جميلة مثلكم تحققون فيها كل أمنياتكم بعيدا عن المشاكل والمتاعب وزوابع أعضاء القروض ونواب الاستجوابات، وغيرهم ممن يعكرون صفو حياتنا.
اليوم سوف أتحدث عن صرعة جديدة ابتدعها أحفاد «أبي جهل» المنتشرين بكثرة هذه الأيام، والذين للأسف تلاقي صرعاتهم المتخلفة القبول والإيجاب من الجهات الرسمية في الدولة، والسبب معروف وهو تكميم أفواههم حتى لا ينتشر فيروسهم الوبائي ويقضي على الشعب الكويتي، طبعا هذا من وجهة نظر الحكومة التي للأسف، وأقولها بكل حسرة، طأطأت رأسها لهم وخضعت لكل متطلباتهم المتخلفة، وآخرها كبت الحريات بإغلاق المقاهي عند تمام الثانية عشرة ليلا، الأمر الذي يؤكد لنا مدى إعجاب هؤلاء الجهلة بقصة سندريلا وتأثرهم بها.
لاحظنا انقسام الشارع الكويتي إلى قسمين: الأول مؤيد للقرار، ويقول إن قرار تسكير المقاهي صائب وسليم، وكان يجب اتخاذه منذ زمن طويل، خاصة بعد انتشار هذه المقاهي وعزوف «الرياييل» عن دخول بيوتهم حتى مطلع الفجر، وحالة اليأس والكآبة التي تملكت حريم الكويت من هذه المقاهي وروادها، خاصة من بنات الليل، على حسب زعمهم.
أما القسم المعارض فيقول إن هذه حرية شخصية كفلها الدستور، وإننا في بلد ديموقراطي نتمتع فيه بكامل الحرية في التنقل والجلوس خارج أسوار المنازل متى شئنا.
وأنا أقول بكل أسف وحسرة إننا فعلا بلد ديموقراطي، لكن بالاسم فقط، ديموقراطي بالتفنن بالاستجوابات، ديموقراطي بإعلاء الصوت والتمادي بالألفاظ النابية على المسؤولين، ديموقراطي ببث الفتن بين أبناء الشعب.. لكن لو نظرنا إلى الديموقراطية الصحيحة لوجدنا انها تبعد عنا بعد السماء عن الأرض.
حتى هذه اللحظة سوف تقول عزيزي القارئ: ما الجديد في ذلك؟ وما العبرة من تكرار الكلام حول هذا الموضوع؟
الجديد هو رغبتي في تحليل أسباب اتخاذ هذا القرار معك، واستعراض سلبياته وإيجابياته.
من المستفيد من قرار التسكير؟
أي قرار يتخذ في مجال من مجالات الحياة لا بد ان يلاقي القبول أو الرفض من متلقيه، لكن مثل هذا القرار من سيكون المستفيد منه؟
كما ذكرت آنفا إن مؤيدي القرار هم بعض الحريم اللواتي هجرهن أزواجهن وآثروا الجلوس على كراسي القهوة وتحمل رائحة الشيشة مع عبود وعزوز على «مجابل ويه الزوجة».
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هجرك زوجك أيتها المؤيدة؟ هل كنت متكشخة ولابسة اللي على الحبل وناطرته؟ أم أن الكشخة لخارج المنزل فقط؟ وعندما تطأ قدما الزوج المنزل يرى «الكشة» والملابس الرثة والوجه الأصفر مثل الكركم.. عكس الاستعدادات المهولة التي تقومين بها عندما تذهبين إلى حفل استقبال أو طلعة عشاء مع الصديقات.. فيقول في قرارة نفسه «أقعد مع ربعي أحسن»، هذا علاوة على الحنة والرنة التي لا نهاية لهما.
فللأسف هناك الكثير من الحريم، الله يهديني وياهم، لا يعرفن سياسة انتقاء الوقت المناسب لطرح الموضوع المناسب للنقاش أو للطلب، ويتبعن سياسة «خذوه فغلوه». فما إن يطل زوج الواحدة منهن بطلته البهية عليها حتى تجدها «تزوع اللي بجبدها»، وتسرد الشكاوى والحش والنميمة، الأمر الذي ينفر هذا الزوج من الجلوس معها في البيت.
المتاجرون بالدين
أما المستفيد الثاني من قرار تسكير المقاهي فهم المتاجرون بالدين من نواب الأمة وتوابعهم ممن يجرون الكويت إلى مستنقع الجهل والتخلف، ويسعون بكل ما آتاهم الله من قوة لتحويل الكويت الجميلة إلى «تورا بورا».
وهنا سيتبادر في ذهنك سؤال: ما الاستفادة التي سيجنيها «بو لحية» من تفعيل هذا القرار؟
أنا أقول لك عزيزي القارئ، فهذا النائب «المتأسلم» عندما يسعى إلى انجاح قرار كهذا، ستزداد شعبيته وجماهيريته لدى ناخبيه وناخباته لكونه النائب الملتزم الذي لا يرضى بالرذيلة ولا يقبل بالأفعال المشينة التي تحدث داخل أسوار هذه المقاهي.
أما الاستفادة الثانية فستكون من نصيب أصحابه «الملتحين»، خاصة ممسكي العصا وزجاجات زيت الزيتون وكراتين «ماي الصحة»، على أساس انه تمت القراءة عليها ورقيها بالرقية الشرعية، وذلك ليقينهم بأن معدلات الإصابة بالجنون والكآبة وتلبس الجن سوف تزداد في الكويت بعد حملة كبت الحريات التي بدأت تطفو على السطح، وهذا ما يسعون إليه.
فالنتيجة الطبيعية جدا، ازدياد حالات الكآبة والجنون، وغيرها من الأمراض النفسية والعصبية التي ستصيب شباب الكويت من جراء هذا القرار، والتي سيلاقيها «الملتحون» بابتسامة عريضة، لكونهم انتصروا وحققوا شيئا سجلهم كأبطال في عيون مؤيديهم، علاوة على جيوب أعوانهم التي ستمتلىء من جموع الممسوسين المحتاجين لقراءتهم للقرآن ورقيتهم وضرب عصيهم، حتى يخرج المس منهم (كفانا الله واياكم شر الشيطان الرجيم). \
أصابع اليد ليست واحدة
فأين سيذهب الشباب في الكويت؟ وما تبعات هذا القرار الفاشل؟ هل تم إعداد خطة محكمة وبدائل لمثل هذا القرار؟
أنا لا أقول إن هذه المقاهي لا توجد فيها «خرابيط»، وبنات ليل، وسماسرة أجساد، فالكل يعلم ويدرك ما يدور داخلها، لكن «لو خليت خربت» وأصابع اليد ليست واحدة، فلماذا يكون العقاب جماعيا؟ ولماذا أخذ نورة ولولوة بذنب شيخة ومنيرة؟
المفترض أن يكون المنع والإغلاق للمقاهي التي تم ضبط «الخرابيط» فيها، وأن يتم عرضها على الملأ حتى تكون عبرة لغيرها وأن يتم تسكير هذه المقاهي بالشمع الأحمر، ولكن لا اعمم على الجميع، فهناك مقاهٍ تعتبر كالديوانية لكثير من الشباب الذين يجلسون لتبادل الأحاديث ومناقشة ما يستجد على الساحة السياسية والاقتصادية في الدولة، علاوة على مشاهدتهم للمباريات، خاصة نحن في موسم الدوري الأوروبي. فلماذا هذا التعتيم؟ ولماذا كبت الحريات الذي سيؤدي إلى انفجار مدوٍّ؟
ما تبعات قرار الغلق؟
قد تكون غفلت عن عيون المنادين بتفعيل القرار والمعنيين بالحكومة الذين وافقوهم عدة امور ستترتب عليها، أحب أن اذكر بعضها:
1 – سوف نغسل أيدينا بالماء والصابون من أن الكويت ستصبح مركزا ماليا أو وجهة اقتصادية وسياحية يقصدها الناس للترفيه عن أنفسهم لأننا بلد ينام «إمبجر».
2 – سوف يزداد عدد شقق الفساد المشبوهة، لأن هؤلاء الشباب سوف يتجهون لتفريغ كبتهم الى مكان ثانٍ لا تصله أيادي الملتحين، وفي هذه الحاله نكون زدنا الطين بلة.
3 – سوف يزيد النسل في الكويت لأن الزوج سيعود إلى منزله مبكرا ولا يجد في استقباله سوى زوجته، الأمر الذي سيفعل الكثير من المشاكل كالقضية الإسكانية والمرورية والتعليمية والصحية وغيرها ممن نعاني منها الآن، فما بالك من معاناتنا في حالة زيادة التركيبة السكانية؟
4 – سوف ينفذ البنادول من الأسواق والسبب في ذلك رغبة الشباب في الخلود إلى النوم والتخلص من دكتاتورية القرارات التي تتخذها الحكومه بناء على أوامر أحفاد أبي جهل.
5 – سوف تزيد معدلات الجريمة، والسبب كثرة تجمعات الشباب التي ستزخر بها الشوارع ليلا، وهنا يكون قرار المنع سبّب مشكلة أكبر ستخرج عن سيطرة الحكومة، بعد ان كان الوضع تحت مرأى ومسمع منها.
6 – سوف تزداد معدلات الحريق في الكويت، وذلك لأن هذا الشاب، او هذا الأب، سيضطر الى وضع شيشته في البيت، وممارسة حريته الشخصية بتدخين الشيشة أمام مرأى أطفاله الذين يتخذونه قدوة، ومن جهة ثانية المخاطر التي ستصاحب وجود الشيشة داخل صالات المنازل والحرائق التي ستنتج منها.
وغيرها الكثير الكثير من السلبيات التي ستترتب على هذا القرار غير المدروس.
للمرة الثانية والثالثة والمليون أقول: فليكن قرار المنع على المقاهي المخالفة التي تعتبر اوكارا للرذيلة وارتكاب الفاحشة على حسب زعمهم، حتى تكون عبرة لغيرها؟
تعدٍّ صريح على الحريات
وأخيرا أنادي والدي سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد وأطلب منه إعادة النظر بهذا القرار المجحف الذي يعتبر تعديا صريحا على الحريات الشخصية التي كفلها الدستور، وأن يضع المتسلقين والمتأسلمين وراء ظهره ولا يلتفت إلى عويلهم اللامنتهي، لأن الضرر لن يطال الشعب الكويتي فقط، بل سيطال الكويت (دانة الخليج) التي تلبسها الجن وأصبحت مدينة للأشباح.
وأنا على يقين يا والدي بأن المسألة لن تتوقف عند المقاهي والمطاعم، فهذه بداية المشوار لتحويلنا إلي قوقعة يمارسون فيها فتاويهم ويحللون ويحرمون فيها كما يشاؤون.
أناديك وأطلب منك أن «تعطيهم العين الحمرة» لأنه في حالة عدم إيقافهم الآن، فلن يكون هناك تحكم فيما بعد.
اللهم بلغت اللهم فاشهد.