النص الكامل لكلمة حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك لعام 1433 هجري.
بسم الله الرحمن الرحيم واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب صدق الله العظيم الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على امام المرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحابته الطيبين الطاهرين.
اخواني وأبنائي السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته كم هو محبب الى نفسي أن التقي بكم في العشر الأواخر من رمضان جريا على عادتنا المعهودة في كل رمضان مكررا تهنئتي لكم بهذا الشهر الفضيل وبدخول العشر الأواخر منه مبتهلا الى المولى تعالى أن يتقبل صيامنا وقيامنا ودعاءنا وان يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم وابتغاء مرضاته وان يعيده على وطننا وشعبنا العزيز وعلى الأمتين العربية والاسلامية بوافر الخير واليمن والبركات.
اخواني وأبنائي لقد من المولى تبارك وتعالى على امة الاسلام بمواسم الخيرات وخص شهر رمضان بالفضل والبركات وجعله شهرا تزيد فيه الطاعات وتضاعف فيه الحسنات ففيه تسمو النفوس وتعلو الهمم للاستزادة من فعل الخيرات وصلة الأرحام والاقبال على كتاب الله تعالى فهو شهر القرآن تلاوة وتدبرا والتزاما بأحكامه قولا وعملا.
فحري أن يكون هذا الشهر الكريم نقطة تحول نحو تعزيز الائتلاف والترابط وتوحيد الكلمة وتوثيق عرى المحبة والتواد ونبذ الفتن والفرقة والاختلاف بين أبناء المجتمع.
ان على الجميع أن يدرك ما يحدث حولنا من متغيرات ومخاطر وان يستشعر طبيعة الظروف والأوضاع الراهنة التي تستوجب اخذ الحيطة والحذر والتصدي لها حماية لوطننا العزيز وحفاظا عليه.
ولن يتأتى ذلك الا بالتكاتف والتلاحم والوقوف في وجه كل من يحاول اثارة النعرات وتهديد الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي للوطن العزيز.
لقد أسهمت الممارسات السياسية الخاطئة التي انتهجها البعض في عرقلة عملية التنمية في البلاد وأعاقت تنفيذ الاصلاح والتطوير المنشود وشتت الجهود وصرفت الأنظار عن التركيز في توجيه الطاقات لبناء الوطن وتنميته مما أدى الى قلق واحباط المواطنين.
ان استمرار هذا النهج لن نسمح به وسنعمل جميعا على بث روح الأمل والتفاؤل واستنهاض الهمم والعزم على دفع مسيرة التنمية نحو انجاز الأهداف المنشودة.
اخواني وأبنائي وطننا أمانة في أعناقنا وصنع مستقبله والحفاظ عليه مسؤوليتنا جميعا ولن يتحقق ذلك الا بالاخلاص والوفاء له وبالعمل الدؤوب والمخلص للرقي به وتقدمه وانني اخواني وأبنائي المواطنين لعلى ثقة انكم خير عون لي على ذلك.
اننا لنتطلع جميعا بكل أمل وثقة الى أبنائنا فهم أغلى ما نملك من ثروة وأفضل استثمار وعلينا تنمية قدراتهم ومهاراتهم وصقل مواهبهم وتحفيزهم على المزيد من العطاء والمشاركة في تنمية الوطن فهم صناع المستقبل وأساس أي تنمية. كما أن علينا تقويم مؤسساتنا التعليمية بتطوير نظامنا التعليمي ليتماشى مع متطلبات هذا العصر وأملنا كبير في أن تتحول الطاقات البشرية التي يزخر بها مجتمعنا الى طاقات ذات انجاز حضاري تستفيد من مناهل العلم والتحصيل العلمي لبناء عقول قادرة على العطاء والابداع.
اخواني وأبنائي نحمد الله تعالى أننا نعيش في دولة دستور ومؤسسات تحصنها قوانين وأنظمة لضمان حياة كريمة لكل فرد في المجتمع.
وأننا نجدد ونؤكد الاشادة وبكل اعتزاز بالسلطة القضائية واستقلالها التام كما أننا لن نمكن لكائن من كان بالمساس أو العبث في وحدتنا الوطنية أو نسيجنا الاجتماعي وعلى الجميع احترام القوانين التي ارتضيناها لأنفسنا وشرعناها لحفظ الحقوق وبيان الواجبات مؤكدين بأن القانون سيطبق على الجميع سواسية بكل حزم وصرامة ودون استثناء فأمن الوطن وسلامته أمر هو فوق كل اعتبار.
علينا أن نستذكر بالشكر والثناء للنعم التي انعم الله بها على وطننا وما هيأه لنا من امن واستقرار وطمأنينة وما تكرم به علينا من رخاء ورغد عيش وما أفاء علينا من مشاعر الاخوة والمودة والتواصل.
اخواني وأبنائي اذا كانت حرية الكلمة والرأي من جميع منابعها التقليدية والحديثة مكفولة فان ذلك لا يعني استخدامها بشكل سيئ يبث الفتنة ويمس ثوابت وحدتنا الوطنية ويمزق نسيجها الصلب الذي بناه الآباء والأجداد.
كما أدعو وسائل الاعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية الحفاظ على وحدة الصف وتعزيز الروح الوطنية ومراعاة مصلحة الكويت العليا لدى تناولها للقضايا المحلية والاقليمية والدولية وان يتقوا الله في وطنهم.
اخواني وأبنائي ان عالمنا الاسلامي يشهد واقعا مؤلما يتطلب منا نحن المسلمين الوقوف صفا واحدا لمواجهة تحدياته وكلنا يتابع () ما يمر به الشعب السوري الشقيق من مآس وما يعانيه من مصائب والام نتيجة سقوط عشرات آلاف من الضحايا والمصابين وهو أحوج ما يكون له تقديم العون والمساعدة وقد سارعت الكويت حكومة وشعبا منذ اندلاع الأحداث الى تنظيم حملات اغاثة للشعب السوري المنكوب ولا تزال حملات التبرع تدعو وتناشد تقديم المزيد من العون والاغاثة.
كما أن ما يتعرض له المسلمون في بورما من عمليات غير انسانية من اضطهاد وقتل وتعذيب وتهجير يتطلب منا كمجتمع انساني ودولي الوقوف بجانبهم وتقديم كل عون ومساعدة لتجاوز محنتهم.
اخواني وأبنائي نعيش في ظل هذه الليالي المباركة من العشر الأواخر التي خصها المولى تعالى بليلة القدر التي انزل فيها القرآن الكريم وأجزل فيها الأجر والثواب سائلين المولى عز وجل أن يجعلنا ممن يوفق لقيامها ويكتب له أجرها وثوابها رافعين اكف الضراعة بالدعاء بأن يغفر الذنوب ويمحو السيئات وان يحفظ وطننا العزيز ويديم عليه نعمة الأمن والأمان والازدهار وان يسدد خطانا لخدمته ورفع رايته.
كما نبتهل الى المولى جلت قدرته أن يتغمد أميرنا الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح وأميرنا الوالد الشيخ سعد العبدالله الصباح طيب الله ثراهما بواسع رحمته ومغفرته ويسكنهما فسيح جناته جزاء ما قدماه للوطن العزيز وان يرحم شهداءنا الأبرار وموتانا جميعا ويعلي منازلهم في جنات النعيم انه سميع مجيب.