جريدة الوطن : 22/7/2009
كتب : أحمد عبدالرحمن الكوس
الوزراء السابقون كانوا على حذر شديد في التعاطي مع ملف مناهج التربية الإسلامية، وكانوا يقدرون الوضع العام لعقيدة أهل السنة والجماعة في بلد فيه أقليات من المذاهب الأخرى، التي تعيش منذ مئات السنين، ولم يُسمع منها رفض، وكان الوزراء لا يتدخلون في كل صغيرة، ولا يقيمون المناهج بأذواقهم الخاصة، أو بردة فعل بسبب صراخ نائب، مثل صالح عاشور، أو الزلزلة، أو النائب الجديد عدنان!
حتى تغيرت الأمور وصارت القضية في يد الوزيرة (موضي الحمود)، واعتقد بعض نواب الطائفية أنها الحلقة الأضعف في سلسلة الوزراء! وبدأ بعضهم يزبد ويرعد حتى قبل إعلان القسم، وكأن المناهج أفعى يريد إخراجها من بيته، أو كارثة حلت بداره، حتى صرح أحد النواب، قبل أيام، «بأن المناهج ليست كتباً منزّلة»، ويطالب بتغييرها على أساس هذه النظرية الذكية الإبداعية! وهي كلمة حق، لكن أريد بها باطل، فالمناهج لاشك أنها جهد بشري ،لكن كثيراً من أصول القضايا العقدية المطروحة في تلك المناهج هي التي جاء بها الأنبياء، والمرسلون، وعاش أهل الكويت وعلماؤها عليها،
ولم تكن مثار فتن، بل هي أصل الوحدة، وهي سبب لكل خير، فبالتوحيد تتوحّد الأمة، ويُصرف عنا البلاء بإذن الله عزوجل
أما خرافات الشياطين، التي يقتات عليها المتنطعون من أصحاب الغلو، فليست بدين، وهي من الغلو الفاحش الذي نهى الله عنه ورسوله، وصيروا به الصالحين آلهة من دون الله تعبد في الملمات وترجى، وتدعى ووسائط محرمة، مثل قوم نوح الذين غلوا بالصالحين فصيروهم وسائط مقربة إلى الله بزعمهم، فأنكر الله سبحانه وتعالى عليهم فقال: {أَلَا لِلهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (الزمر: 3).
وأنا أعلم حجم الضغوط على الوزيرة (موضي الحمود) من قبل هؤلاء، لكن ما هكذا تورد الإبل يا معالي الوزيرة موضي! وتصريحك كان فيه حكم متسرع على مناهج، قام بها ثلة من المختصين، الذين تفخر بهم الوزارة، وفيه إيهام لشيء غير موجود، وتصريحاتك بأن المناهج هي اختصاص المختصين هو عين الصواب، لكن ستستمر الجعجعة بسبب هذه التصريحات ردحاً من الزمن من قبل هؤلاء النواب، الذين وجدوا خيطاً وهمياً، يظنون أنهم يمسكون به، هو قضية المناهج، لكن أبشر الجميع بإذن الله، لن تتغير مناهجنا إلى أن يشاء الله عز وجل، لأنها موجودة في قرآننا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ونصدق بها بقلوبنا، ولو حاول المغرضون حذفها من المناهج الدراسية، وهكذا علمنا علماؤنا، علماء الكويت، أمثال: الشيخ الرشيد، والشيخ السيد الطبطبائي، والشيخ الخلف والسند وبن جراح ويوسف بن عيسى رحمهم الله وغيرهم.
أسود المجلس:
وبقي أن نشيد بأسود المجلس وحراس العقيدة، ومنهم النائب السيد الهاشمي وليد الطبطبائي، وأسد القضية محمد المطير الذي صرح بقوة وبشدة: «المساس بعقيدتنا من خلال تغيير مناهج التربية.. ستكون كلفته السياسية سقوط الحكومة مجتمعة»، والنائب السلفي الغيور محمد هايف، وكذلك علي العمير وبقية النواب الأكارم «الذين ينحطون على الجرح فيشفى بإذن الله عز وجل».
سيد الفاكسات والمناهج التكفيرية:
أما تصريح صاحب العبارات الشهيرة، التي يشم منها شيئا يشبه التكفير، مثل اتهام بعض علماء السنة بأنه من النواصب، لأنه حذر من التبشير الطائفي، والذي يعني أنهم كفار في رأي جماعة كبيرة من أتباعه، والذي هددنا بالتغيير الذي يأتي من الخارج قبل سنوات للقيادة السياسية، لأنها لم تلب بعض الطلبات والكثير فهم المقصود الانقلابي، ولا ننسى كلامه عن التفجيرات الشهيرة في الكويت في الثمانينيات من قبل التكفيريين الحقيقيين! والذي أخبر إحدى القنوات عن أفعالهم أمام العالم (بأنها حالة وطنية)، فيتهم مناهج أهل السنة والجماعة التي تدعو إلى التوحيد بأنها «تكفيرية! ووضعها أتباع ابن تيمية، ويجب حذفها»، وذكرني بقول المثل «رمتني بدائها وانسلّت»، وكأنه لا يعلم أن نهج علماء الكويت من قبل أن يصل ويولد هو منهج أهل السنة والجماعة، الداعي إلى إخلاص العبادة والتوجّه إلى الله سبحانه وتعالى وحده، وهو ما جاء به نوح، حيث كان الغلو منتشراً، فكانوا يدعون وداً وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وهؤلاء في الحقيقة أسماء رجال صالحين، كانوا في زمنه، وغلوا فيهم وصرفوا لهم أنواع العبادات من الدعاء غيرها، حتى جاء آخر الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم محذراً من ذلك كما قال الله سبحانه {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً} (الجن: 18)، جاء في التفسير «وأن المساجد لعبادة الله وحده، فلا تعبدوا فيها غيره، وأخلصوا له الدعاء والعبادة فيها، فإن المساجد لم تُبْنَ إلا ليُعبَدَ اللهُ وحده فيها»، وساءنا تعريض المذكور بشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله هذا الإمام العالم الذي كرّس حياته لنشر التوحيد وقمع البدع والزائغين، فلا نعجب بعدها أن يحاربه من في قلبه مرض.