جريدة الرؤية : 25/6/2009
كتب : د.علي العمير
استجواب النائب مسلم البراك لوزير الداخلية اتسم بالرقي والحصافة السياسية من كلا الطرفين، فالبراك ليس كما عهده المشاهدون لم يخرج عن محاور الاستجواب إلا ما ندر، والوزير رد ردودا لبيان عدم تورطه أو انتفاعه مما أسماه البراك بالصفقة المشبوهة. إدارة الرئيس الخرافي للجلسة كانت متميزة، فهي حازمة ضد من حاول الاستهجان والخروج عن المحاور ولينة مع استحسان الجمهور لبعض مشاهد الجلسة. أما المفاجأة الأولى فكانت من أحد الحضور، الذي قام محتجا من المدرج العلوي، ثم عبر عن احتجاجه بقوله «الله يعز الحكومة ويعز مسلم»! مع أن في هذه اللحظة الحكومة ومسلم في صراع سياسي شديد.
هذه العبارات تدل على أن بعض الجمهور أتى ليفزع، لكن لا يدري بأي اتجاه يصوب نبله. لفت انتباهي الوسائل التعبيرية التي استخدمها مسلم، وقدرته على رسم صور معبرة عما أراد تضخيمه، فقد قال مخاطبا من يسمع «أتدرون أن سعر ثلاث لوحات إعلانية تبني بيتا لمواطن؟»، ثم جاء بمثل آخر وقال «أتدرون أن سعر اللوحة يعادل ألف برميل من النفط؟»، والثالثة عندما لوح بالحديد والبلاستيك، الذي صمم منه الاعلان. لكنه لم يحسن صنعا عندما أبرز صورا تتعلق بالدوائر الخمس أو دواوين الاثنين، لأن فيه تزيدا غير محمود.
ردود الوزير اتسمت بالبراءة والاتزان، فلم يخرج معاملات للنائب لم تنجز أو أخرى أنجزها من قبله أو اتهامات سقيمة أخرى. بل كرر قوله «أنا يعرفني مسلم ويعرف نظافة يدي»، وقوله «إنني سأحاسب أمام الله قبل البشر».
مفاجأة أخرى كانت من د.سلوى الجسار. فقد تكلمت مدافعة عن الوزير دون أن تحسب الحسابات الانتخابية أو ردود الأفعال المناطقية، وأرادت أن تذكر الجميع بأن المؤسسة الدستورية هي متهمة بهدر المال العام نتيجة أفعال يمارسها بعض الأعضاء. أما المشادة الكلامية بين النائبين الراشد والصواغ فقد كادت أن تكون الوجه المظلم للجلسة لولا دماثة الأخلاق التي يتمتع بها النائبان، إذ زحف كل منهما نحو الآخر ليبدي اعتذاره وعناقه لأخيه. أخيرا فإن ورقة طلب طرح الثقة التي قدمت شبيهة بما تم تقديمه لوزيرة التربية السابقة.