كتبت روابي البناي:
في البداية أحب أن أبارك للمرأة الكويتية فوزها بأربعة كراسي تحت قبة عبدالله السالم، هذه القبة التي شهدت تاريخ الديموقراطية الكويتية التي يحسدنا عليها الكثيرون.
أما اليوم فسوف يكون لنا حديث ووقفة مهمة جدا مع موضوع بات يخص كل بيت كويتي، لكونه يتعلق بأمر اجتماعي هو الزواج، فلا يخفى عليك عزيزي القارئ أن الزواج أقدس رابط اجتماعي يضم الكثير من العلاقات الاجتماعية والأسرية التي ينشدها كل إنسان سوي.. لكن السؤال: ما مفهوم الزواج لدى الشباب اليوم؟ وهل ما زالت له قيمة وأهمية في وقتنا الحالي؟
كثيرا ما أفكر في مسألة الزواج و«الهوايل» التي تحدث بعد مرور أقل من شهر على زواج اثنين، وأبدأ بالمقارنة بين زواج اليوم وزواج أجدادنا وأسلافنا.
فهم كانوا يعتبرون الزواج كنزا ثمينا لا يمكن التفريط فيه، أما اليوم فأصبح تغيير الزوج والزوجة أسهل من شرب الماء، لهذا يتعين علينا أن نقف ونسأل عن الأسباب التي أدت إلى وصول الحال إلى ما هي عليه، وإلى تفاقم الأرقام الفلكية في معدل حالات الطلاق التي يشهدها قصر العدل، والأسباب التي ساهمت في تفكك هذه الأسر وضياع أطفالها ما بين المحاكم والقضايا والنفقة وغيرها من الأمور المادية التي طغت على أسمى وثاق بالدنيا.
ونظرا إلى أهمية الموضوع وحساسيته، ارتأيت أن يكون على جزأين، فأتحدث في الجزء الأول مع أخواتي، حريم الكويت خاصة، أما الجزء الثاني فسيكون موجها لاخواني رجال الكويت. فأرجو أن يتسع صدركم ووقتكم لي وأن تتقبلوا ما سوف أسطره لأنه واقع مؤلم يعيشه الكثير من المتزوجين هذه الأيام.
أولا: قبل الزواج ما تبي شي.. وبعده حتى نفنوف أمه ما تعتقه
يقرر الشاب أن يتزوج ويكمل نصف دينه حتى يرتاح من حنة ورنة أمه وأخواته وخالاته وبيت جيرانهم الملحة عليه بضرورة الزواج وتكوين أسرة لكونه لا ينقصه شيء يمنعه من الزواج، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى حتى يريح أمه من أدائها التراجيدي الدرامي اليومي الذي تتقنه بكل براعة وهي تمثل دور المريضة المضربة عن الأكل والشرب حتى يوافق على الزواج، وذلك لكونها كبرت وتريد أن ترى عياله يلعبون أمامها وتفرح فيهم، فيصبح لسان حال هذا الشاب «خلني أفك نفسي من هاللويه والحنة» وأتزوج.
ويبدأ بالبحث عن شريكة حياته، هذا إن كان رجلا صاحب كلمة وموقف ويستطيع أن يقول لوالدته انه هو الذي سيختار من سيتقاسم حياته معها، أما إن كان من النوع اللي «حطيني لقيتيني»، فسيترك مسألة اختيار الزوجة لأمه وأخواته وقريباته لكونهن يعرفن بالعوائل والحريم أحسن منه.
وتبدأ مرحلة اللف والدوران على هذه الفتاة التي ستتربع على قلب هذا الشاب وعقله وتصبح زوجته وأم عياله وشريكة حياته بالحلوة والمرة. وما ان يجدها حتى تبدأ مرحلة السؤال عنها وعن أهلها، ومراقبتها حتى يتأكد الشاب من خلوها من أي «عذاريب» لا يمكن التغاضي عنها.
وبعد أن يتأكد معرس المستقبل من أن كل شيء على ما يرام، تتم بعد ذلك المراسيم الرسمية التي تبدأ بالخطبة، وهي المرحلة التي يتم فيها التعارف الرسمي والمصارحة والمكاشفة بكل شيء بين الطرفين. ففي هذه المرحلة يكشف الشاب جميع أوراقه لشريكة حياته ويضعها على الطاولة أمامها رغبة منه في بداية صحية لحياة زوجية ناجحة لا يشوبها شيء من السلبيات.
على سبيل المثال يوضح لها ماذا يحب وماذا يكره، فيجدها توافقه على كل ما يحب وتمشي على هواه في كل ما يكرهه، ويسترسل في الحديث معها عن طباعه وهواياته وأصدقائه الذين يحب أن يجالسهم، والأهم من كل ما سبق هو رغبته في العيش في بيت والده لأن البيت كبير وتم تخصيص مكان منعزل له بعيدا عن أهله، فيجد ما يسره من اجابة تثلج الصدر، وينشرح صدره ويكون في قمة سعادته وهو يسمع العروس وهي تقول له «أنا من إيدك هذي لي إيدك الثانية، وأمك أمي وخواتك خواتي، وراح أكون أسعد انسانة في الدنيا لما أقعد معاهم في بيت واحد».
هذا من ناحية المسكن والطباع، أما من الناحية المادية فيجد أن هذه العروس في قمة القناعة و «عينها متروسة وما هي مشفوحة»، فعندما يتحدث هذا المعرس معها عن المسائل المالية تجدها تقول «أنا أبي ريال يستر عليّ ويخاف الله فيني ما بي خزنة متنقلة.. انا الحمد لله شايفة خير ومثل ما إنت شايف أهلي ما عليهم قاصر، كفاية اني راح اكون زوجة واحد مثلك».
طبعا بعد هذا الكلام يكون المعرس «مغط السلطان في ملكه»، محد يقدر يدني صوبه من السعادة اللي هو فيها، وفعلا يتم الزواج وتأتي هذه العروس الهادئة التي صوتها أيام الخطبة «هبابه» يطلع والتي لا تتعدى طلباتها حياة مستقرة هادئة وأسرة ناجحة مع هذا الشاب. لكن بعد أن تمضي أيام شهر العسل تبدأ بالتكشير عن أنيابها والكشف عن حقيقتها التي أخفتها طيلة شهر العسل وأيام الخطبة التي تمسكنت من خلالها حتى تمكنت. وتبدأ مرحلة النكد و«الحنة» والطلبات التي لا تنتهي والتي يا ويل الزوج وسواد ليله إن قال: لا أقدر أن ألبي هذه الطلبات في الوقت الحالي، فتنقلب الدنيا على رأس هذا المسكين.
وهذا كوم والمسلسل اليومي «أمك قالت، أمك سوت، أمك حطت، أمك شالت» وفي بعض الأحيان يضاف إلى كلمة أمك «خواتك سووا، خواتك ما أحبهم، خواتك فعلتهم، خواتك تركتهم»، فتجد هذا المسكين يندب حظه العاثر الذي جعله يتزوج. وعندما يحاول هذا الزوج المسكين التفاهم معها وتذكيرها بكلامها المنمق المعسول ابان أيام الخطبة، يجدها تقول «إحنا عيال اليوم».
اما الصدمة الكبرى فتكون في طمعها وجشعها، ويفاجأ المعرس بهذه الزوجة التي من المفروض أنها بنت نعمة وشايفة خير ولا يهمها شيئا، ولكن كما يقال النفس أمارة بالسوء، فنفسها توزها على طلبات لا حصر لها، خاصة إن كان هذا الزوج ينتمي الى الطبقة المخملية اللي الله سبحانه وتعالى «مرهي عليهم»، فتجدها تقول له في كل شاردة وواردة «ليش ما تشتريلي الجنطة الفلانية، ليش ما تسفرني، ليش ما تحطلي»، وكأنه قاعد على بنك، وليس زوجة شايفة خير على حد قولها، وطبعا عندما يقول لها انه لا يقدر في الوقت الحالي فسيبشر ببوز طوله مترين يمتد لمدة اسبوع كامل، هذا غير اتهامها له بأنه «جعص»، والسبب أنه لا يلبي طلباتها اللامتناهية، ولا يسفرها بمعدل كل اسبوع، ولا يشتري لها كل شهر حقيبة ماركة.. وغيرها من الطلبات التافهة التي لا تستحق أن تهد كيان أسرة، خاصة إذا بدأ عامل المقارنة يدخل في حياتهما، فهي تقول له «إشمعنه أختك عندها وشمعنه صديقتي زوجها حطلها وشمعنه بنت خالتك سيارتها احسن من سيارتي». فهذه «المشفوحة» تحط عينها حتى على نفنوف أمه وتريد أن ياخذه منها الولد. وطبعا إذا لم يقم بعمل كل هذا، فكما ذكرت فسيبشر ببوز و «تقلدم» ما عمره صار ونكد وضيق خلق يجعل هذا الزوج يكره اليوم الذي فكر فيه أن يكمل نصف دينه.
فبالله عليك عزيزي القارئ هل هذا منطق؟ هل هذه حياة زوجية؟
ثانيا: إذا رحت الديوانية طلقني!
كثير من الحريم يعتبرون الديوانية «شريجه»، لتعلق بعض الرجال بها وحبهم اللامحدود للذهاب إليها بشكل يومي، وذلك لأن هذا الرجل يحب أن يوسع مداركه، ويحب أن يخالط الناس ويتعرف على ناس يستفيد من خبراتهم وافكارهم وارائهم، ولكن ست الحسن والجمال الجالسة في البيت لا يعجبها هذا الشيء، فهي تريده «حاط بوزه في بوزها» أربعا وعشرين ساعة، وإذا لم يفعل ذلك فهو لا يحبها ولا يريدها وانه عافها، وغيرها من الأفكار السطحية التي تدور في بال هذه الزوجة.
والعجيب في الأمر أن هذه الزوجة تكون على دراية تامة بأطباع زوجها وحبه للديوانية قبل أن توافق على الاقتران به، وأبدت موافقتها على ذهابه يوميا الى الديوانية من دون أي امتعاض. لكنها في ذلك الوقت كانت «تتمسكن ليمن تتمكن»، فهي كانت توافق على كل ما يقوله الزوج حتى توضح له أنها طيبة ومسكينة وأنها راضية بكل شيء. لكن بعد أن تقع الفأس بالرأس تقوم بانقلاب عسكري على هذا الزوج، وتبدأ بفرض حصار جوي بري على كل تحركاته. فإن قال أبي أروح الديوانية تتعومس وتعفس وجهها، وإن قال بروح البر مع الربع قامت القيامة.
وفي كل الأحوال إن لم تقدر على ثني الزوج عن رأيه بالذهاب تبدأ باسطوانة «يا أنا يا الديوانية، وإذا رحت الديوانية طلقني».
طبعا الزوج (خنت حيلي) يصعق من هذه الكلمة التي تفوهت بها الزوجة بكل سهولة، فكلمة طلاق تعتبر لدى البعض مصيبة وخطا أحمر يستحيل الاقتراب منه، لأنهم تربوا على أن البنت عندما تخرج من منزل ذويها لا ترجع إليه.
والأمر يختلف لدى البعض الآخر الذين أصبحت عندهم كلمة طلاق مثل كلمة Hi التي هابين فيها هذه الأيام. ويساعدهم على هذا للأسف موقف بعض الأهل، فبعض الآباء والأمهات تجدهم في قمة السلبية والضعف إزاء موقف بناتهم، فلا يهشون ولا ينشون، وهذه قمة الغلط. فتجد البنت عندما تأتي إلى بيت والدها ومعها أطفالها وأغراضها «تتبجبج» لهم قليلا، يصف معها الأب من دون أن يسمع للطرف الآخر، ويترك ابنته عنده بالبيت حتى تتفاقم المشكلة ولا يحاول الجلوس مع هذا الزوج لمعرفة سبب المشكلة ومحاولة حلها. وبعد مرور شهر على وجود ابنته عنده بالبيت يأتي القرار الأناني من هذه البنت وأهلها وهو «ما في نصيب والبنت ما تبيك طلقها».
عزيزي القارئ أنا لا أقول ان كل بنات الكويت لا يقدرن الحياة الزوجية، ولا أقول ان كل رجال الكويت منزهون و «زينين»، لكن هناك نسبة كبيرة للأسف باتت كلمة طلاق سهلة عندهم، وصار عندهم هدم الأسرة وتبديل الزوج أسهل، والسبب في ذلك طغيان المظاهر وحب الذات والمادة على الحياة الزوجية، من دون التفكير بأهم شيء وهم الأطفال، الذين هم الخاسر الأكبر في هذه المعركة بين الزوجين.
فأنت أيتها الزوجة إن لم تكن لديك القدرة على تحمل الحياة الزوجية لماذا وافقت على دخول هذا القفص الذهبي؟ فالزواج ليس مجرد عرس وطقطقة وسفرات وروحات ومشتريات… الزواج أقدس وأسمى من هذا كله، فإن لم تكن لديك القدرة على تحمل هذه المسؤولية فمكوثك عند والدك وايد أبرك.
وأخيرا أحب أن اقول ان هذا الشيء ليس معمما على الكل، لكنه للأسف موجود بنسبة كبيرة في كثير من البيوت الكويتية التي طغت عليها المادة وحب الذات و«الشفاحة».
فيا بنات الكويت يا أخواتي.. التي تريد أن تتزوج يجب أن تفكر مليون مرة قبل أن تقدم على هذه الخطوة، لأن الزواج ليس مجرد عرس في أفخم الفنادق، وشبكة من أشهر ماركات المجوهرات، وسفر إلى احدى الجزر، والتنقل بين الكافيهات مع الزوج حتى يراك الناس معه، الزواج شراكة مقدسة بين اثنين لبناء مستقبل ورباط وثيق لا يمكن هدمه بسهولة. فإن كنتن على ثقة بانكن كفوءات لتحمل هذا الرابط فتزوجن، وإن لا فالعنوسة أحسن لكن من أن تزدن عدد المطلقات في الكويت.
وللحديث بقية مع معشر الرجال الاسبوع القادم.