جريدة القبس : 14/5/2009
كتب : عبدالمحسن زبن المطيري
انتشر قبل أيام قليلة مقطع فيديو ظهرت فيه إحدى النساء وهي تستهزئ بشعيرة عظيمة من شعائر هذا الدين وهي شعيرة الحجاب، وقد فوجئنا بأن هذه المرأة قد نصّبت نفسها مفتية أمام الطالبات في الجامعة، فقد أفتت بأن الحجاب فرض على زوجات النبي، صلى الله عليه وسلم، بسبب وجود تحرشات كانت تحصل لهن من قبل الصحابة، وهذا كلام خطير جداً يحتاج إلى وقفات.
الوقفة الأولى : قولها بأن الله قد فرض الحجاب على زوجات النبي، صلى الله عليه وسلم، وقد اتفق العلماء على أن الحجاب ليس خاصا بزوجات النبي، عليه الصلاة والسلام، بل يشمل جميع النساء، قال الإمام السيوطي رحمه الله «آية الحجاب في حق سائر النساء»، وقال الإمام ابن حجر رحمه الله «وفيه امتناع خروج النساء بغير حجاب». والحجاب كان غير مفروض أول الإسلام، ثم شرع الله الحجاب على المرأة حفاظاً لها من نظر الرجال الأجانب وحسماً للفتن.
الوقفة الثانية: قولها بأن الصحابة كانوا يتحرشون بزوجات النبي، صلى الله عليه وسلم، وهذا فيه طعن بالقرآن الكريم الذي زكى الصحابة، رضوان الله عليهم، وفيه طعن بالسنة النبوية التي جاء في أكثر من حديث بتزكية الصحابة، بل قد يصل الأمر إلى الطعن بالنبي، صلى الله عليه وسلم، إذ انه من المستحيل أن النبي، عليه الصلاة والسلام، يرى نساءه يتحرش بهن الرجال وهو ساكت لا يفعل شيئا.
الوقفة الثالثة : خطورة الكلام بالدين بغير علم، أجمع العلماء على حرمة الفتيا بغير علم، فكيف إذا كانت بغرض سيئ، قال الله تعالى «فمن أظلم ممن افترى على الله الكذب ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين» سورة الانعام. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم «أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار».
الوقفة الرابعة : سكوت طلبة العلم عن هذه الحادثة غريب، ينبغي للعلماء وأئمة المساجد والخطباء وطلبة العلم بألا يسكتوا عن هذا الأمر الخطير الذي فيه طعن بزوجات النبي ،صلى الله عليه وسلم، وطعن بالصحابة، رضوان الله عليهم، وفيه تصدر الجهال للفتيا بغير علم، وينبغي للدولة عدم السكوت عن هذا الأمر وأن تتخذ الإجراءات القانونية حول هذا الموضوع الخطير، حتى لا تكون الفتوى مناط الجُهال لإبطال شعائر الدين العظيمة مثل الحجاب وغيرها.
أخيراً.. على هذه المرأة التوبة إلى الله، وعليها أن تخرج أمام الناس وتعلن أمام الجميع بأنها قد أخطأت، فوالله العظيم إنها مسألة خطيرة جداً، بل قد تصل إلى الكفر بالله والخروج عن ملة الإسلام، وذلك بسبب تعطيل شعائر الدين المعلومة بالضرورة.
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، اللهم عاملنا بلطفك وعفوك، ولا تعاملنا بأعمالنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
د. عبدالمحسن زبن المطيري
أستاذ قسم التفسير بكلية الشريعة في جامعة الكويت