جريدة الرؤية : 10/5/2009
كتب : مرضي عبيد العياش
يقول أحد الزملاء إن العمل السياسي قائم على مدرستين، الأولى: «احييني اليوم واذبحني غدا» وهذه المدرسة تجد مبرراتها فيما يطلبه الناخبون، وتخريجة معتنقيها من النواب مبنية على المبدأ الكويتي «باكر يحلها ألف حلاّل»، ومثالها النواب المؤيدون لإسقاط القروض من دون أي ضوابط. أما المدرسة الثانية وهي بعكس الأولى: «اذبحني اليوم واحييني غدا»، والأخيرة هي التي يؤمن بها النواب الذين لا يسعون لدغدغة مشاعر الناخبين ويضعون مصلحة الوطن العليا نصب أعينهم، ومثالهم معارضو إسقاط القروض من دون أي ضوابط لإحياء المواطنين اليوم وقتل الأجيال القادمة غدا، والتجمع السلفي برأيي يميل لهذه المدرسة التي سببت له العديد من المشكلات من قِبَل قصيري النظر.أول ما يتبادر إلى الذهن من مشكلات التجمع السلفي هي قصور التسويق الإعلامي لأطروحاته وترويج انجازاته التي يعمل جاهدا عليها ثم تُحتسب بعد ذلك باسم الآخرين، وأكبر مثال على ذلك قضيتا المصفاة الرابعة والداو كيميكالز، ومناصحة رئيس الحكومة آنذاك.
لم أقرأ لصحيفة أو كاتب واحد ممن استماتوا على إلغاء هذين المشروعين، كلمة إشادة واحدة بالتجمع السلفي، وعلة ذلك برأيي أن الكتّاب لا يجدون أي مصلحة شخصية آنية من الإشادة بالسلف أو الدفاع عنهم، على خلاف الإشادة بنواب المصالح الذين يمكن الاستفادة منهم في منفعة مالية أو معاملة خاصة، بل بالعكس تماما فكلما أثخنت القصف على الإسلاميين ستجد أبوابا دنيوية ضيقة تُفتح لك على مصراعيها. أتلاحظون زماننا هذا الذي يستوجب مقابلا لقول كلمة الحق!المشكلة الثانية أن التجمع السلفي مُهاجم من جميع الكتل بلا استثناء، يعني حتى من إخوانهم الإسلاميين لم يسلموا، فكلما أتذكر مقالة من يسمى رئيس المكتب السياسي للحركة السلفية لا أصدق الألفاظ التي ساقها بحقهم والتي لا يمكن أن يتفوه بها أي إسلامي عاقل. نعود لفكرة إسقاط القروض التي رفضها الليبراليون ورفضها أيضا أحمد السعدون، أحد لم يهاجمهم وتفرغوا فقط لمهاجمة السلف وحدس واتهموهما بالمتاجرة بالدين! وبالنهج نفسه.. تُستجوب وزيرة التربية ويقف معها الليبراليون والسعدون لأنها امرأة حديدية كانت مقنعة بردودها! أما وقوف السلف وحدس معها فكان صفقة!.. أقول ذلك وأنا من كان مؤيدا لاستجوابها، ووقفت ضد من وقفوا معها.
وكذلك الحكوميين المستنفعين والغارقين في المصالح الخاصة، ففي وقت يُشاد فيه بمن يطالب بتعليق البرلمان نجدهم يتهجمون على السلفي!.. المفارقة العجيبة التي أثارت استغرابي هي عدم وجود كلمة واحدة من أحد الكتّاب الحكوميين الكثيرين تُشيد بالتجمع السلفي لو افترضنا أو صدقنا تهمة ارتمائه في أحضان الحكومة!.. شخصيا كنت ومازلت أقف علنا ضد فكرة تأجيل الاستجوابات لمدة طويلة وهي الفكرة التي أيدها التجمع السلفي وأغلب الليبراليين، وفي المقابل لم أجد قط من قِبل كل المؤسسات الإعلامية التي دافعت عن فكرة التأجيل أي إشادة في حق السلفي واكتفوا آنذاك بالثناء على علي الراشد وغيره فقط! السؤال الذي يثور (وأنا هنا أتحدث بلسان مؤيدي فكرة التأجيل) لماذا نعتبر غير السلفي أو بالأحرى الليبراليين دعاة للتهدئة والتعقل ونغدق عليهم المديح ولا نقول كلمة حق في السلف؟! وها هي الحال بالنسبة لمعارضي فكرة التأجيل أثقلوا النقد على السلف واتهموهم بعدم احترام الدستور وتركوا الليبراليين الذين أيدوها أيضا.. يعني السلفي طالع منتقَد ونازل منتقَد!المشكلة الثالثة برأيي: هي الهدوء المطبق واللامعقول من قبل السلف في الرد على التهم التي يكيلها الآخرون لهم بالجملة، وكأنهم يفترضون وعي كل الكويتيين لتتبع وترابط الأحداث ونسوا أن المواطن يؤمن بالمثل الكويتي (الظالم): «ما في دخان من غير نار»!أقول هذا الكلام في هذه الفترة الحرجة لأن التجمع السلفي له عليّ حق كالتيارات الأخرى التي تناولها قلمي في المقالات السابقة لتكون مسطرتي واحدة وعادلة تجاه جميع التكتلات من دون استثناء ومن دون محاباة أو تزلف لأحدها.. هاأنا قد قسوت مرارا عليه لقناعات ومبادئ أؤمن بها، ودافعت عن الليبراليين والشعبي وحدس في مواضع عدة، وأعود في موضع آخر لأقول كلمة صدق في التجمع السلفي إعلاء لراية الحق التي يلزم أن تسمو على كل ميول شخصي، بعيدا عن الفحش في الخصومة.