كتب : خالد الشرنوبي .
قضى الشيخ إبراهيم صلاة المغرب في مسجد العزيز بالله بحي المندرة ثم إتجه مسرعاً إلى الشاطيء في لهفة وقلق ؛ ولولا رعاية الرب لكان من ضحايا السيارات ؛ وما أن وصل حتى وجد القارب بانتظاره ، فانطلق به داخل البحر حتى اختفى الشاطيء ؛ وأخذت الشمس في الغرق ، مع سكون أصاب كل شيء من حوله ، وضوء أخذ ينطفيء ، ونسيم هاديء يداعب قسماته ، لوحة ربانية تخطّت حد الإعجاز ؛ نظر الشيخ إلى وجه الماء فوجد ابنه يوسف يبتسم له من تحت الموج ؛ إبتسامة طفل له من العمر سبع سنين ، رد الشيخ على إبنه بإبتسامة يملؤها الحنين ؛ وكان ختامها دموعه ، حتى ارتسم الشفق على سطح مقلتيه ، وحَلَّ الغروب على سماء وجهه ؛ وأخذت الذكريات في الفوران ! .
تذكَّر يوم ابتاع لإبنه عصفوراً بديع الألوان ، رقيق الملامح ، حلو الصفير ، عصفور مُبهِج ؛ ديدنه اللعب والغناء ، المرح والسعادة ، الحرية والطلاقة ، الحب والسلام ؛ عصفور الجنة الذي ملء حياة الطفل ، وفاز بصداقته ، وأصبح جليسه الدائم .
أول يوم تعارفا فيه وعد العصفورُ الطفل أنه لن يتركه أبداً ، لن يتركه وحيداً ، لن يتركه لحظة حزيناً ، لن يتركه ساعة جائعاً ، لن يتركه دقيقة خائب الظن ، لن يتركه محتاجاً لأي شيء ، لن يتركه أبداً ؛ ابتهج الطفل بهذه الوعود ؛ وأراد أن يصنع لصديقه العصفور أمر مماثل يكون بمثابة هدية ، فقال له : اسمع يا صديقي .. إنني أعشق البحر .. ولا يفوت يوماً إلا وأنتظر لأشاهد منظر الغروب .. أنتظر غرق الشمس .. فما رأيك أن تذهب معي ؟ .. هل تحب البحر ؟ .